دبلجة الدراما المغربية خطوة أولى للتعريف بها والانفتاح على الجمهور العربي

المغاربة يطمحون للوصول إلى المنصات العربية باللهجة المحلية.
السبت 2024/01/20
اهتمام متزايد

أثار تطور الدراما المغربية اهتمام القنوات والمنصات العربية التي قامت بدبلجة العديد منها باللهجة السورية لتجاوز حاجز اللهجة المغربية التي لم يعتدها الجمهور، وهو ما من شأنه أن يفتح بالتدريج آفاقا وأسواقا جديدة للإنتاجات المغربية. وهي خطوة أولى للتعريف بالدراما المغربية وانفتاحها على جمهور أوسع، على أن يتم لاحقا تسويقها باللهجة المحلية.

الرباط - تصدرت الدراما المغربية الشاشة المحلية منذ سنوات طويل، غير أنها تطمح إلى الوصول إلى صدارة الساحة الفنية العربية بالاعتماد على الدبلجة إلى لهجات اعتاد الجمهور سماعها، بعد أن تمكنت من شد انتباه المشاهد عندما عرضت قنوات ومنصات عربية مسلسلات مغربية تمت دبلجتها للهجة السورية، في تجربة غير مألوفة فتحت المجال لنقل الأعمال الدرامية النوعية خلال السنتين الأخيرتين.

وقامت القنوات ومنصات العرض العربية، بطلب حقوق دبلجة وعرض عدد من المسلسلات المغربية على شاشتها، بعد أن عرفت المسلسلات المغربية في الآونة الأخيرة تحولا بارزا على مستوى حبكة الأحداث الدرامية، والسيناريوهات التي تعالج الواقع.

وقد نجحت التجارب الأولى في دبلجة مسلسل “بنات العساس” إلى السورية، ثم مسلسل “قضية العمر”، ثم مسلسل “المكتوب”، وأيضا مسلسل “سلمات أبوالبنات”، وتصدرت المراتب الأولى في نسب المشاهدة.

وأثار هذا التطور إعجاب واهتمام الجمهور العربي، فأصبحت الأعمال التلفزيونية المغربية تحظى باهتمام العديد من القنوات والمنصات ومن بينها الإماراتية، التي باتت تشتري حقوق توزيع وبث مجموعة من الأعمال الناجحة من قناة “الأولى” المغربية، لتقوم بدبلجتها إلى اللهجة السورية وتبثها لجمهورها. ومن بينها السيتكوم الكوميدي “كنيناتي” الذي عرض على قناة “الأولى” خلال شهر رمضان الماضي.

هناك مسلسلات مغربية عُرضت بلهجتها الأصلية مثل "سلمات أبوالبنات" الذي حقق نسب مشاهدة عالية في السعودية

واستقبل قسم كبير من الجمهور والنُّقّاد المغربيين دبلجة مسلسلاته إلى اللهجات العربية الأخرى بترحاب، على اعتبار أنّها تساعدها على الانتشار وتنقل قضايا المجتمع التي تعالجها، في حين عارض قسم آخر هذه الخطوة، قائلين إنّها “تُفقد العمل روحه وهويته المغربية”.

وقال الناقد الفني عبدالكريم واكريم في تصريح سابق لموقع “هسبريس” المغربي، إن خطوة دبلجة الأعمال المغربية إلى اللهجة السورية، والتي تعد سابقة في تاريخ الانتاجات المغربية، ستفتح بالتدريج آفاقا وأسواقا جديدة للإنتاجات المغربية التي ربما ستتسع مع الوقت؛ غير أنه اعتبر مسألة دبلجتها ليست أمرا جيدا، سواء من الناحية الفنية التي تفقد العمل روحه ورؤيته أو من حيث الهوية المغربية للعمل.

ويتوقع واكريم أن عرض المسلسلات المغربية في قنوات تلفزيونية عربية يسهم في انتشارها ويشجّع جماهير مختلفة وواسعة على متابعتها، بعدما كانت حبيسة محليتها لسنوات.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من هذه المسلسلات مدبلجة، وانقسموا بين مستغربين من رؤية ممثلين مغاربة بأصوات مدبلجة، وبين منوّهين بهذه الخطوة ومشجعين لها، حيث عبر البعض عن تفاجئهم بمشاهدة الممثلة المغربية دنيا بوتازوت وهي تؤدي دورها في مسلسل “بنات العساس” بصوت غير صوتها وبلهجة غير مغربية.

وأطل أبطال هذا العمل الدرامي الذي حقق نجاحا كبيرا في رمضان 2021 على الجمهور العربي باللهجة السورية، بعد دبلجته وعرضه على إحدى القنوات العربية، إلى جانب مسلسل “قضية العمر” الذي عُرض في عام 2020.

عرض المسلسلات المغربية في قنوات تلفزيونية عربية يسهم في انتشارها ويشجّع جماهير مختلفة وواسعة على متابعتها، بعدما كانت حبيسة محليتها لسنوات

واعتبر بعضهم دبلجة المسلسلات المغربية انفتاحا على الجمهور العربي وتعريفا بالدراما المحلية التي لا تصل إلى التلفزيونات العربية، بسبب ما يقال عن صعوبة فهم اللهجة المغربية، في حين رأى آخرون أن الدبلجة توسّع الهوّة بين المغرب والعالم العربي وتكرّس عزلة اللهجة المغربية، مشيرين إلى أن دور الدراما هو التقريب بين الشعوب وتعريف الجماهير على لهجات وثقافات متنوعة.

لكن في المقابل، يرى الكثير من المغاربة ومنهم عاملون في الحقل الفني، أن الدبلجة خطوة إيجابية يمكن أن تصل بالدراما المغربية إلى جمهور أوسع وتجعلها تتجاوز الحدود، حيث بقيت الأعمال الدرامية المغربية حبيسة منطقة المغرب العربي لمدة طويلة، بسبب تداول مقولة أن لهجة هذه المنطقة تحول دون انتشار الأعمال التلفزيونية.

ويؤكد هؤلاء أن الدبلجة خطوة أولى للتعريف بالدراما المغربية وانفتاحها على جمهور أوسع، على أن يتم لاحقا تسويقها باللهجة المحلية. فالتطور الذي حققته الأعمال المغربية خلال السنوات الماضية، جعلها محط اهتمام المشاهد، وشجّع قنوات عربية على عرضها على الجمهور العربي. ومن المتوقع أن يذهب الجمهور مستقبلا لمشاهدة الأعمال باللهجة المغربية دون دبلجة.

وأول المسلسلات المدبلجة هو “بنات العساس”، وهو دراما اجتماعية من إخراج إدريس الروخ، وسيناريو بشرى مالك وهشام الغفولي، وبطولة دنيا بوتازوت ومنى فتو وسعاد خويي وعزيز حطاب، وغيرهم.

الدبلجة خطوة إيجابية يمكن أن تصل بالدراما المغربية إلى جمهور أوسع وتجعلها تتجاوز الحدود

ويحكي المسلسل قصة فتاتين قدمتا إلى مدينة الدار البيضاء من إحدى القرى مع والدهما المقامر ووالدتهما. تموت الأمّ خلال وضع ابنتها الثالثة، ويتورّط الأب في جريمة قتل لم يرتكبها، وتجد الفتاتان الصغيرتان نفسيهما وحيدتين في مواجهة الحياة في مدينة كبيرة ومسؤولتين عن أختهما الرضيعة.

أما مسلسل “قضية العمر” الذي عُرض في عام 2020، فحقق بدوره متابعة مهمة من الجمهور المغربي، وهو من إخراج مراد الخودي وتأليف عدنان موحجة ومراد الخودي ويحيى الفاندي، وبطولة عدنان موحجة ونادية آيت ومريم باكوش، ومحمد خيي.

وتدور أحداث المسلسل حول محامٍ شاب يُدعى آدم، كرّس حياته المهنية للدفاع عن المظلومين، يتلقى اتصالا من سجين محكوم بالمؤبد لاتهامه قبل نحو 30 عاما في جريمة قتل لم يرتكبها، ويطلب منه المساعدة لإثبات براءته. وخلال بحثه في القضية، يكتشف المتورّطين فيها، ومنهم والد حبيبته الذي كان صديقا للسجين وأصبح رجل أعمال، ومع تطور الأحداث يفك لغز هجر والدته له واختفاء والده.

يشار إلى أن هناك مسلسلات مغربية عُرضت بلهجتها الأصلية مثل مسلسل “سلمات  أبوالبنات” الذي حقق نسب مشاهدة عالية في السعودية، ويأمل المغاربة أن تتوسع التجربة لتشمل الأعمال الفنية التراثية، ليتعرف الجمهور العربي أكثر على اللغة والثقافة المغربيتين، بما تتضمنه من موسيقى ولباس وعادات ونمط عيش وغيرها.

ويرى نقاد أنه لا توجد لهجة سهلة وأخرى صعبة، فاللهجات المصرية والسورية والخليجية انتشرت بالتدريج مع الزمن، ومن خلال عرض الأعمال السينمائية والتلفزيونية لتلك البلدان في كل الدول العربية. ومن المتوقع أن الأمر ذاته سيحصل مع الأعمال الدرامية التلفزيونية المغربية إن تم عرضها كما هي في القنوات العربية، مع إرفاقها بترجمة مكتوبة باللغة العربية. وفي زمن السماوات المفتوحة وتنوّع الجماهير، يمكن أن تعرف الدراما المغربية انتشارا وستجد لها جمهورا، حتى وإن عُرضت بلهجتها ومن دون دبلجة.

5