داعش يحاول إرباك حسابات واشنطن في أفغانستان

هجوم فاشل لتنظيم داعش على أكبر القواعد الأميركية في أفغانستان.
الجمعة 2020/04/10
على أهبة الاستعداد للرد

اعتبر مراقبون أن استهداف داعش لأكبر قاعدة عسكرية بأفغانستان رسالة إلى البيت الأبيض مفادها أن حرب الولايات المتحدة على التنظيم لم تنجح في تفكيكها بالشكل، الذي يفترض أن تسير عليه الأمور، خاصة بعد اعتراف البنتاغون بتقديم دعم “محدود” لطالبان للقضاء على هذه الجماعة المتطرفة للمضيّ قُدما في إتمام تسوية بين الحركة والحكومة.

كابول – فاجأ تنظيم داعش الولايات المتحدة الخميس باستهداف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في أفغانستان، في الوقت الذي تعيش فيه البلاد فوضى سياسية وأمنية لم تفلح تحرّكات واشنطن في وضع حد لها.

ورغم أن الهجوم الذي جدّ فجرا على قاعدة باغرام، واعترف التنظيم بأنه من كان وراءه، لم يُسفر عن إصابات أو قتلى، لكنّ محللين عسكريين يرون فيه تهديدا للعملية السلمية في البلد المضطرب، خاصة بعد أن قرّرت واشنطن تقليص قواتها، وقد يثير ذلك ردّا انتقاميا من الجيش الأميركي.

وقالت القوات التي يقودها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان إن خمسة صواريخ أصابت قاعدة جوية أميركية رئيسية في البلاد، لكن لم تقع إصابات.

ويأتي الهجوم بعد أسابيع من توصّل مقاتلي حركة طالبان والولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الدولية، التي تقودها واشنطن مقابل ضمانات أمنية من طالبان. ولا يشمل الاتفاق تنظيم داعش.

وتعمّق العملية الأزمات التي تواجهها، بينها هجمات طالبان ووضع سياسي مأزوم وخفض كبير في المساعدات الأميركية وارتفاع في عدد الإصابات بفايروس كورونا، ما يعني أن داعش وجد ملاذا لتحقيق بداية جديدة بعد خسارة زعيمه أبوبكر البغدادي.

وقالت مهمة الدعم الحازم التي يقودها الحلف على تويتر “أُطلقت خمسة صواريخ على قاعدة باغرام الجوية في وقت مبكّر من صباح اليوم (الخميس) لم تقع إصابات”، في إشارة إلى القاعدة الجوية الأميركية الرئيسية في أفغانستان التي تقع شمال كابول.

وبينما أكد متحدث باسم طالبان على موقع تويتر أن الحركة ليست لها علاقة بالهجوم، قال داعش في بيان نشره على منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي إن مقاتليه استهدفوا مهبط طائرات هليكوبتر في باغرام.

وذكرت وكالة أعماق التابعة للتنظيم “مقاتلو الدولة الإسلامية قصفوا بصواريخ كاتيوشا مهبط المروحيات في مطار قاعدة باغرام العسكرية التي يتمركز فيها الجيش الأميركي بمقاطعة بروان شمال كابول”.

ويقدّر الجيش الأميركي قوة التنظيم بنحو ألفي مقاتل، غير أن بعض المسؤولين الأفغان يعتقدون أن العدد أكبر لاسيما في ظل غياب معلومات مؤكدة حول أماكن تحرّكه.

وظهر الفرع الأفغاني التابع لداعش، والمعروف باسم تنظيم الدولة الإسلامية ولاية خراسان على اسم المنطقة القديم، لأول مرة في شرق أفغانستان مطلع 2014، وتوسّع منذ ذلك الحين في مناطق أخرى ولاسيما في الشمال.

وقد اعتمد الفرع هيكلا تنظيميا فضفاضا في أفغانستان وباكستان، ووفّر الأموال للجماعات المحلية وتبنّى نهج المواجهة مع حركة طالبان وتنظيم القاعدة على أرضهما.

وكان هدفه يتمثّل في استمالة المقاتلين المحليين الساخطين في محاولة لبناء النفوذ بالمنطقة، وقد اعتبره مراقبون مفاجأة غير سارة لطالبان.

استهداف داعش قاعدة باغرام الجوية يرجح مراقبون ألا يكون الأخير، وقد يثير ذلك ردا انتقاميا من الجيش الأميركي

ويبدو أن هجوم داعش لن يكون الأخير لأنّ مراقبين يرون أنّ التنظيم يبحث عن مجال أكبر للتحرّك، كما يريد أن يظهر أنه في معركة وجود خاصة بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها قدّمت دعما لطالبان من أجل مواجهة مقاتليه.

وقال قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية (سينتكوم) كينيث ماكينزي، خلال جلسة استماع في الكونغرس الشهر الماضي، “خلال الأشهر الأخيرة رأينا طالبان تقلّص وتنهي وجود داعش في ولاية ننكرهار، وهي قد قامت بذلك بشكل فعّال”.

ويعكس توقيت الهجوم مدى إصرار داعش على إرباك عملية السلام المعقّدة بين كابول وطالبان، حيث يحاول الطرفان بصعوبة تنفيذ بنود الاتفاق المتفق عليه.

ومع ذلك فإن الهجوم لم يثن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأفغاني جاود فيصل الإعلان أن السلطات أطلقت سراح 100 عنصر من طالبان، في إطار الاتفاق المبرم بين الحركة والولايات المتحدة.

ويحاول تنظيم داعش تركيز هجماته على العاصمة الأفغانية، والتي مثّلت بين عامي 2014 و2018 ثاني أكثر الأماكن استهدافا للتنظيم بعد معقله الإقليمي في مقاطعة ننكرهار.

وشهدت العاصمة أكثر من خمسين هجوما ادعى التنظيم مسؤوليته عنها، من بينها 38 هجوما انتحاريا أودى بحياة 744 شخصا وجرح أكثر من ألفين آخرين.

وكان داعش قد شنّ خلال الشهر الماضي هجوما على تجمّع سياسي في كابول، ما يثير توجّسا من أن يجد التنظيم أفغانستان ملاذا له.

5