دار الإفتاء التونسية ترد على غرفة القصابين: لا لإلغاء أضحية العيد هذا العام

تأكيد الإجراء رغم تراجع عدد قطيع الماشية في تونس إلى النصف فضلا عن غلاء أسعار الأعلاف المركبة بسبب الجفاف.
الخميس 2025/03/13
أسعار الخرفان ملتهبة

تونس - نفى ديوان الإفتاء التونسي، كل ما يروج له من أخبار بخصوص إلغاء شعيرة الأضحية هذا العام، ليضع بذلك حدا للجدل الدائر في تونس بشأن احتمال إلغاء شعيرة الأضحية بسبب النقص في إنتاج الأغنام بفعل الجفاف الذي ضرب البلاد لعدة سنوات.

ويرى مراقبون أنه تم تأكيد الإجراء، على الرغم من تراجع عدد قطيع الماشية في تونس إلى النصف” فضلا عن غلاء أسعار الأعلاف المركبة بسبب انعكاسات الجفاف. وتؤكد أرقام رسمية، أن قطيع الأبقار تراجع بين 2011 و2024 إلى النصف، من 700 ألف إلى 350 ألف بقرة، فيما تراجع قطيع الأغنام بنسبة 35 في المئة من 7 ملايين رأس غنم إلى 4.5 مليون رأس.

وقال ديوان الإفتاء في تونس، إنه لن يكون هناك إلغاء لشعيرة الأضحية هذا العام، بعد خطوة مماثلة كانت اتخذتها المملكة المغربية لأسباب مناخية. وذكّر الديوان بما جاء في بيان سابق صادر عنه في 2023 “جوابا عن السؤال الذي طرحته الغرفة الوطنية للقصابين والمتعلق بإمكانية إلغاء عيد الأضحى للمحافظة على الثروة الحيوانية ولارتفاع أسعار الأضاحي.”

وقال الديوان في رده إن الأضحية “شعيرة من شعائر الله” وهي “من أعظم العبادات وأجل الطاعات،” مشيرا إلى أنها “سنة مؤكدة داوم على فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم. ويقوم بها المسلم على قدر الاستطاعة.”

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، في الفترة الأخيرة جُملة منشورات وتغريدات، مُتسارعة، تشير إلى إلغاء ذبح الأضحية هذا العام، وذلك عقب دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس، مواطنيه، في فبراير الماضي، إلى التخلّي عن إقامة شعيرة ذبح أضحية العيد هذا العام، إثر التراجع الكبير في أعداد المواشي بسبب جفاف حادّ تشهده المملكة.

المنذر ثابت: كان من المفترض الذهاب إلى تعليق هذه الشعيرة
المنذر ثابت: كان من المفترض الذهاب إلى تعليق هذه الشعيرة

وكان مفتي تونس هشام بن محمود أكد العام الماضي أن الاحتفال بعيد الأضحى سنّة مؤكّدة وشعيرة من شعائر الله يجب احترامها، ولكن التضحية فيه فقط لمن يستطيع ذلك. وخلال السنوات الأخيرة تزايدت الدعوات إلى إلغاء عيد الأضحى بسبب نقص قطيع الماشية وغلاء أسعار اللحوم، في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي للتونسيين.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت أنه “وجب التفاعل مع الظروف المادية للمواطنين، وكان يفترض الذهاب إلى تعليق هذه الشعيرة، إذا ما نضرنا إلى ارتفاع أسعار اللحوم.” وأكد في تصريح لـ”العرب”، “إن لم يكن الإلغاء هذا العام، فمن الممكن العام المقبل،” متسائلا “إذا كان القطيع متوفرا، فبم نفسر التهاب الأسعار؟”

وقبل عامين تعرض الداعية سيف الدين الكوكي لانتقادات بعدما أكد أن الرئيس قيس سعيّد يمكنه تقديم الأضحية في عيد الأضحى المبارك نيابة عن التونسيين، وذلك كحل لارتفاع أسعار الأضحية وعدم قدرة عدد كبير من التونسيين على شرائها.

وتسبّبت أزمة الجفاف خلال السنوات الأخيرة في ارتفاع أسعار المواد العلفية في السوق المحلية، إلى جانب تواصل ارتفاع أسعار المواد العلفية المركبة المخصصة للأبقار المنتجة للحليب. وخلّف ارتفاع أسعار الأعلاف تذمّرا شديدا بين المزارعين، خصوصا مربي المواشي والأبقار، وسط تحذير من انعكاسات ندرتها والتلاعب بمكونات إنتاجها ونسبه.

وتزدهر ظاهرة التفريط في القطيع خاصة لدى المزارعين في مناطق الوسط والساحل والجنوب، لأنها مناطق جافة ولا تتوفر على موارد علفية كافية. ويحمّل أهل القطاع تدهور عمليات الإنتاج الزراعي والحيواني إلى تقصير الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011، خاصة عدم تقديم الدعم في أوقات الأزمات.

ويعتقد المختصون أن حل الأزمة يتطلب تدخلا عاجلا من الحكومة، سواء من خلال توفير الدعم للمزارعين أو عبر تشديد الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار والمضاربة. ومن المتوقع أن تلجأ تونس إلى الاستيراد لسد النقص في السوق الداخلية وتعديل الأسعار.

وكان ملك المغرب محمد السادس دعا مواطني المملكة إلى عدم القيام بشعيرة الذبح في عيد الأضحى بسبب “تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية.” من جهتها، أعلنت الرئاسة الجزائرية، الأحد الماضي، أن البلاد تعتزم استيراد ما قد يصل إلى مليون رأس ماشية، وذلك تحسبا لعيد الأضحى المبارك، في ظل ما تعيشه من موجة الجفاف الراهنة.

وتعيش عدّة دول في شمال القارة الأفريقية، بينها تونس والمغرب والجزائر، على إيقاع موجة جفاف غير مسبوقة، قد أدّت إلى إلحاق أضرار جمّة، مسّت الثروة الحيوانية، ما تسبب في المُقابل بارتفاع كبير في أسعار اللحوم الحمراء.

4