خيبات متتالية تترك صحافيي تونس في حيرة لاختيار ممثليهم في النقابة

أيام فقط تفصل الصحافيين في تونس عن المؤتمر السادس للنقابة، وسط تطلعات لأن يكون المكتب التنفيذي المقبل على قدر الرهانات وأن يقطع مع سياسات وسلوكيات المكاتب السابقة التي لم تكن في مستوى انتظاراتهم، وانخرطت في معارك “دونكشوتية” انعكست سلبا على وضعية القطاع.
تونس - لا يخفي الصحافيون في تونس حيرتهم في اختيار من الأجدر بتمثيلهم في المكتب التنفيذي المقبل للنقابة الوطنية للصحافيين، في ظل خيبات متتالية من المكاتب التنفيذية السابقة، وواقع إعلامي مأزوم في البلاد.
ولم يعد يفصل عن المؤتمر السادس للنقابة الوطنية للصحافيين والسادس والعشرين للمهنة سوى أسبوع، فيما لا تبدو الأسماء المرشحة للمكتب التنفيذي والتي بلغت حتى الآن عشرين مرشحا محل توافق.
وكان جرى فتح باب تقديم الترشحات في السادس من سبتمبر الجاري، على أن يعقد المؤتمر أشغاله يومي 6 و7 أكتوبر المقبل في العاصمة تونس.
ورغم الاختلاف السائد في الوسط الإعلامي حول المرشحين، لكن هناك شبه إجماع من الصحافيين في تونس على الأولويات التي على المكتب التنفيذي المقبل أخذها بالاعتبار، وفي مقدمتها الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الهشة لأبناء القطاع، حيث أنه لا يمكن الحديث عن إعلام حر في ظل ظروف صعبة يواجهها الصحافي.
ويطالب الصحافيون القيادة المقبلة للنقابة بعدم الدخول في معارك مجانية مع السلطة السياسية والتي لم يستفد منها أبناء المهنة في شيء. وإعادة الهيبة للنقابة، وألاّ تكون صدى صوت لأحزاب ومنظمات، تريد تصفية حساباتها مع السلطة.
ورأت الصحافية مروى بن مسعود في تدوينة على فيسبوك أن “هناك أسماء محترمة في قائمة المترشحين، لكن الأهم يبقى انتخاب ممثلين يتسمون بالرصانة، ويدركون متى وكيف يتفاوضون”.
وأضافت بن مسعود “لا نريد واع واع (صياحا) بالفارغ أنا شخصيا أفضل إنسانا رصينا يعرف كيف يتصرف أفضل من شخص بلابزي (يفتعل المشاكل)، وفي الأخير لا يقدم شيئا للزملاء، وللقطاع الذي أصبح حاله يبكي”.
وقال الصحافي علي بوشوشة “ونحن على أبواب المؤتمر السادس، نريد نقابة تخدم القطاع وتنظفه من الشوائب ومن الوافدين من مهن أخرى، نريد مكتبا تنفيذيا يعيد الاعتبار للنقابة كمنظمة وطنية وازنة تخدم مصالح منتسبيها ومنتسباتها”.
وأضاف بوشوشة في تدوينة على فيسبوك “نأمل في نقابة تجد حلولا للتواضع الاجتماعي لأبناء القطاع وبناته، نقابة تدافع عنا وليس عن أصحاب المؤسسات، مكتب تنفيذي لا يغلق علينا باب التفاوض مع السلطة ويحصرنا في زاوية”.
وتابع “نريد أعضاء مكتب تنفيذي ينفعوننا لا ينتفعون منا، نريد مفاوضين/ات يعرفون متى يصعّدون ومتى يستخدمون الدبلوماسية، نريد مكتبا مستقلا عن الأحزاب المنظمات والجهات الخارجية”.
وقال بوشوشة في معرض تدوينته “نأمل في أن تكون بياناتنا تعبر عنا وليس عن الأحزاب وعن أناس آخرين، نريد مكتبا تنفيذيا يجلس مع الحكومة ويجد حلولا ويفرض عليها الحوار والتفاوض، وليس مكتبا يهاجمها”.
وتساءل في منشوره “ماذا استفدنا من مهاجمة الحكومة؟ هذه ليست حكومة شارون ستقضي فترة نيابية تقدح فيها وتلعن في الفارغ ولا تحصّل مكسبا للقطاع.. البيانات نفخوهم (ننقعهم في الماء) ونضمدو بيهم جراحنا؟”.
ويتعرض المكتب التنفيذي الحالي لسيل من الانتقادات على خلفية تركيزه على فتح معارك بدت من وجهة نظر الكثيرين مجانية، الأمر الذي أدى إلى توتر في العلاقة مع السلطة السياسية التي باتت تنظر لنقابة الصحافيين على أنها ضمن المنظومة المعادية لها.
المكتب التنفيذي الحالي يتعرض لسيل من الانتقادات على خلفية تركيزه على فتح معارك بدت من وجهة نظر الكثيرين مجانية
وهناك اليوم شبه قطيعة بين النقابة والسلطة، الأمر الذي أثر على الصحافيين بشكل مباشر وتركهم عرضة للمزيد من الانتهاكات والتعديات على حقوقهم الاجتماعية، فضلا عن امتناع جهات حكومية على مدهم بالمعلومة، كما تعرض صحافيون لاعتداءات في تغطياتهم الميدانية.
ونشر الصحافي صبري الزغيدي تدوينة على فيسبوك قال فيها “إن عددا من القضايا والملفات الحارقة تنتظر نقاشا معمّقا في المؤتمر والتي تمثل هواجس ومشاغل القطاع، فالتشغيل الهش والطرد التعسفي وانتهاك مجلة الشغل وتجاهل الاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة والإلكترونية وغياب معايير العمل اللائق وعدم احترام الاتفاقات المبرمة هي ملفات تتطلب الدرس والبحث في الخطط النضالية التي يتوجب رسمها في المرحلة القادمة”.
وأضاف الزغيدي أن “مسألة التشغيل وبخاصة تشغيل خريجي معهد الصحافة مهمة جدا وعلى المكتب الجديد أن يهتم بها ويعيد النظر في هذا الصدد حول التعامل والتعاطي مع جامعة مديري الصحف والأعراف بصفة عامة”.
ولفت إلى أن “المؤتمر مناسبة أيضا لطرح قضايا الحريات العامة والفردية وأساسا قضية حرية الصحافة المستهدفة حاليا إلى جانب النقاش حول مراجعة المرسومين 115 و116”.
ولم تخل مطالب الصحافيين الموجهة للمكتب التنفيذي المقبل من صبغة قطاعية، من بينها وضعية المكلف بالإعلام، والذي لا يمتلك حق الترشح أو التصويت، وأيضا الوضعية القانونية الهشة للمصورين الصحافيين.
وقال نزار الدريدي “أرجو من المكتب الجديد أخذ وضعية المكلف بالإعلام والاتصال من خريجي معهد الصحافة وعلوم الأخبار بالاعتبار، حيث أنه من المثير للاستغراب استثناؤه دائما من الهيكل النقابي المتمثل في نقابة الصحافيين”.