خيارات الصواريخ البالستية الإيرانية تنحصر في العراق بسبب المديات والرفض السوري

لندن- تراهن إيران بشكل متزايد على العراق كمنصة لإطلاق صواريخها البالستية ضد إسرائيل، بسبب ضعف مداها الذي اتضح خلال هجومي الوعد الصادق1 و2، بالإضافة إلى استنفاد أغلب صواريخها بعيدة المدى خلال الهجومين، وهو ما دفع إسرائيل إلى إرسال تهديدات غير مباشرة إلى بغداد بأنها ستنفذ هجمات في العراق في حال استمرت الميليشيات الولائية في توجيه ضربات إليها.
ويبرز العراق كخيار إيراني وحيد مع ما يتواتر من أنباء بشأن رفض الرئيس السوري بشار الأسد الانخراط في الحرب الإقليمية المشتعلة منذ أكتوبر العام الماضي، وحديث عن استعداد دمشق لإعادة تموضعها إقليميا ما يبعدها عن المحور الإيراني.
وذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الأحد في تقرير أن تل أبيب حددت أهدافا في العراق ستضربها، إذا استمرت ميليشيات تدعمها إيران في مهاجمة إسرائيل من هناك، موجهة تحذيرات إلى بغداد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين لم يتم الكشف عن هويتهم قولهم إن الأقمار الاصطناعية راقبت عمل طهران لنقل صواريخ بالستية ومعدات ذات صلة من إيران إلى الأراضي العراقية، مع الهدف المفترض لاستخدامها في هجوم وشيك متوقع على إسرائيل.
الأقمار الاصطناعية راقبت عمل طهران لنقل صواريخ بالستية ومعدات ذات صلة من إيران إلى الأراضي العراقية
وأضاف التقرير أن إسرائيل تراقب وتحدد الأهداف ذات الصلة بالميليشيات التي تدعمها إيران، بالإضافة إلى أهداف عراقية. ودعت بغداد إلى وجوب أن تكبح جماح الميليشيات ومنعها من استخدام أراضيها لشن هجمات.
وكان مسؤولون إيرانيون قد تحدثوا عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران عن إمكانية زيادة طهران لمدى صواريخها البالستية، وهو ما يشير إلى نفاد مخزون طهران من الصواريخ بعيدة المدى.
وقال كمال خرازي مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إن “من المرجح أن تزيد طهران مدى صواريخها البالستية إلى ما يتجاوز الحد الذي فرضته على نفسها وهو 2000 كيلومتر”.
ويعني هذا أن إيران ستنكب خلال الفترة القادمة على إنتاج صواريخ جديدة وهو ما سيتطلب وقتا، لذلك تسعى حاليا لاستخدام ما لديها من صواريخ انطلاقا من العراق، خاصة مع رفض الرئيس السوري الانخراط في الحرب.
وانخرطت الميليشيات العراقية الموالية لإيران في الصراع منذ أشهر بتوجيه ضربات إلى إسرائيل وهددت بإشعال أزمة طاقة في العالم إذا تم استهداف المنشآت النفطية الإيرانية.
وأعلنت الميليشيات العراقية الأحد أنها قصفت ثلاثة أهداف عسكرية داخل إسرائيل بالطيران المسير. وأضافت أن هجماتها في “الأراضي المحتلة تأتي في إطار الرد على العدوان الإسرائيلي على غزة فلسطين ولبنان”، مؤكدة “استمرار عملياتها في دك معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة”.
ويخشى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وصول الصراع إلى العراق؛ فقد أرسل قبل نحو شهر رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن والدول الأوروبية.
وقال رئيس الوزراء العراقي في بيان حينئذ “في ظلّ التداعيات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، نوجّه رسالتنا إلى كلّ الأصدقاء، وبالخصوص الرئيس الأميركي جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي، بأننا نقف على أعتاب منزلق خطير قد يجرّ المنطقة والعالم إلى حروب مستمرة، ويهزّ الاقتصاد العالمي”.
وأكّد أن المنطقة “تمثل الرئة التي يتنفس منها العالم بالطاقة”، مطالبا بـ”مضاعفة الجهود” من أجل “إنقاذ المنطقة من شرور حرب لا تُبقي ولا تذر”. وقال مراقبون حينئذ إن مخاوف السوداني تتزايد خاصة بالتزامن مع حياد الرئيس السوري ورغبته في ألا تكون دمشق طرفا فاعلا أو عازلا يعيق انتقال الحرب إلى بغداد ثم طهران.
ويقول المراقبون إن علاقة إيران والنظام السوري تشهد في الفترة الحالية توترات؛ وهي القراءة التي عززتها رسالة مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي أكبر ولايتي الأسبوع الماضي بشأن طبيعة العلاقة مع سوريا.
واعتبر ولايتي أن الحكومة السورية، في إشارة إلى النظام، “ثورية ومعادية للصهيونية”، وقال إنها إحدى الحلقات الأساسية في “سلسلة المقاومة”، نافيا “المعلومات الكاذبة التي تهدف إلى تدمير العلاقة بين إيران وسوريا”.
ونشرت رويترز في يناير الماضي تقريرا أفاد بأن الأسد أحجم عن اتخاذ أي إجراء لدعم الفصائل الفلسطينية في غزة بعد تهديدات إسرائيلية. كما “أبعد” حزب الله عن نشر أي قوات في الجزء الخاضع لسيطرة سوريا في الجولان، بحسب التقرير.
ويقول مراقبون إن الأسد يدرك أن التورط بشكل كبير في الصراع الآن “سيؤدي إلى عمل إسرائيلي يمكن أن يضعف بشكل حاسم قدرة الجيش السوري على حماية قبضته على السلطة”.
وبسبب التغلغل الإيراني في سوريا يظل اعتماد دمشق على سياسة النأي بالنفس غير مفيد تماما؛ فبالإضافة إلى الضربات الجوية التي لا تتوقف قال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه نفذ غارة برية في سوريا، واعتقل مواطنا سوريا متورطا في شبكات إيرانية. وتعد هذه هي المرة الأولى في الحرب الحالية التي تعلن فيها إسرائيل عن إرسال قوات إلى سوريا.
اقرأ أيضا:
• إيران تستعين بالقاعدة والحوثيين لتعويض خسارة حزب الله