"خوش فكرة" يعيد تشكيل وسائل الإعلام في البحرين

المنصة تحولت من بودكاست يجري مقابلات مع أصحاب الأعمال المحليين إلى وكالة إعلامية مزدهرة.
السبت 2024/09/21
أفكار مهمة

المنامة - تزداد شعبية البودكاست في الخليج وتجتذب مزيداً من شريحة الشباب، كوسيلة حديثة لتلبية الحاجة إلى التعلم والثقافة والترفيه، وبرز اسم “خوش فكرة” كمثال حي على مدى التقدم الذي أحرزه هذا النوع من المنصات الاجتماعية، بسبب حالة الشغف التي سادت أوساط الشباب لتتحول من بودكاست أعمال إلى وكالة تسويق تخدم العملاء في البحرين والسعودية وقطر.

وتم إطلاق بودكاست “خوش فكرة” خلال جائحة فايروس كورونا، وكان الأول في البحرين الذي يناقش أفكار الأعمال والتحديات بطريقة بسيطة. وقام المؤسسون المشاركون بدر المديفع وعبد الله أحمدي ووسن يوسف بتطوير محتوى تجاري تفاعلي وممتع على موقع التواصل الاجتماعي، وتراوحت المواضيع بين التضخم والديون وإدارة القروض إلى حقائق مثيرة للاهتمام حول الشركات البحرينية المحلية.

وبدأ بودكاست “خوش فكرة” بمحتوى بسيط عبر منصات التواصل الاجتماعي، ثم أخد في التوسع والتطور عبر سنوات، ليصبح اليوم واحدا من أشهر المنصات في فضاء المحتوى العربي.

بدر المديفع: المحتوى الخاص بنا يصل اليوم إلى 50 مليون مشاهدة شهريا مع أكثر من نصف مليون متابع عبر جميع المنصات
بدر المديفع: المحتوى الخاص بنا يصل اليوم إلى 50 مليون مشاهدة شهريا مع أكثر من نصف مليون متابع عبر جميع المنصات

وتتميز السوق الخليجية بمتابعة كبيرة للوسائط الرقمية والشخصيات المؤثرة البارزة، مما يجعلها جذابة للشركات التي تتطلع إلى الوصول إلى جمهور عربي أوسع. وولّد الطلب المتزايد على المحتوى المتخصص مساحة إبداعية ومبتكرة حيث يمكن لرواد الأعمال الشباب تكييف المقاطع القصيرة عبر إنستغرام وتيك توك وتحويلها إلى إعلانات فعالة. خصوصاً بعد الخبرة التي راكمها الكثير من الطلاب المبتعثين إلى بلدان غربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، أكبر منتج لبرامج البودكاست في العالم.

وأكد بدر المديفع، الرئيس التنفيذي لشركة “خوش فكرة ميديا” في حديث مع “معهد دول الخليج العربية” في واشنطن أن المشروع بدأ عندما “كنت ضمن فريق يجري مقابلات مع أصحاب الأعمال البحرينيين الشباب للتعرف على قصصهم كجزء من تجربة اجتماعية سيتم كتابتها في كتاب. وخلال هذه المقابلات، التقيت بالعديد من الشباب البحرينيين المتحمسين والطموحين من مختلف المجالات ووسعت شبكتي. وكان من بينهم شخصان جميلان هما عبد الله ووسن. قررنا معًا أن نبدأ بودكاست أعمال، وهو الأول من نوعه في البحرين في ذلك الوقت. لقد كان جديدًا ومثيرًا، وتم إطلاقه خلال الوباء”.

وأضاف أنه “من حساب مدعوم إلى حد كبير من الأصدقاء والعائلة، يصل المحتوى الخاص بنا اليوم إلى أكثر من 50 مليون مشاهدة شهريًا مع أكثر من نصف مليون متابع عبر جميع المنصات. لقد قدمنا ​​في البداية المحتوى التجاري والمالي بطريقة ممتعة وجذابة، مصحوبة بميمتنا الشهيرة عن القطة في النهاية”.

وأشار إلى أن منشوراتهم بدأت تنتشر بسرعة كبيرة في البحرين، مما أدى إلى قيام العديد من وكالات التسويق والمؤثرين والمهنيين بمتابعة المحتوى الخاص بهم والتفاعل معه. لافتا “لقد لفت تواصلنا الإعلامي وقاعدتنا الجماهيرية انتباه الشركات في البحرين كوسيلة مبتكرة للترويج لمنتجاتها وخدماتها”.

ويهدف بودكاست “خوش فكرة” إلى تقديم محتوى عن البزنس والمال في منظور جديد، ويستضيف مجموعة متنوعة من الضيوف بما في ذلك رواد الأعمال ورؤساء تنفيذيون ومؤسسون ومشاهير ومؤثرون في الخليج. ويتم النقاش عن المال والأعمال والنجاح والحياة وغيرها من المواضيع القيمة بطريقة خفيفة ومسلية.

ووجد المديفع ورفاقه الفرصة سانحة لتحقيق الدخل من هذه المنصة لتوفير إنشاء محتوى للشركات وتطوير وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة وأن جمهورهم أصبح ذا قيمة بالنسبة إلى العديد من المعلنين.

بودكاست "خوش فكرة" أُطلق خلال جائحة فايروس كورونا، وكان الأول في البحرين الذي يناقش أفكار الأعمال والتحديات بطريقة بسيطة

ونوه “بدأنا في تلقي عروض للتعاون صغير الحجم مع الشركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ثم تلقينا ببطء صفقات ترويجية ساعدت في تحولنا إلى وكالة إعلامية. وتقدم وكالتنا اليوم خدمات إنشاء المحتوى والفيديوهات الإعلانية، ونقوم بإدارة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للبنوك ومراكز التسوق والمطاعم والمقاهي والشركات الناشئة في البحرين. لقد توسعنا إلى قطر ومؤخراً إلى الرياض”.

وعند النظر إلى المحتوى الخليجي من برامج البودكاست يتصدر العديد من البرامج التي تجاوزت شهرتها الجغرافيا الخليجية لتصل إلى العالمية، على سبيل المثال “بودكاست فنجان” الذي يقدمه الإعلامي السعودي عبدالرحمن أبومالح، وصلت نسبة مشاهدات إحدى حلقاته المرئية إلى 108 ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب.

وتطرق المديفع إلى أهم ما يميز منصة “خوش فكرة” هو التعبير عن جيل الشباب، وإنتاج محتوى يلامس طموحاتهم ويعبر عن نظرتهم إلى مستقبل الإعلام، بعيداً عن الوسائل التقليدية التي هجرها حالياً الكثير من الشباب في العالم العربي.

ولفت الرئيس التنفيذي لمنصة “خوش فكرة” إلى حاجة المنصات الرقمية إلى موارد مالية تمكنها من الاستمرارية واستدامة تقديم محتواها الإعلامي، وحرص منصته على التوازن بين المحتوى المقدم للجمهور، ومتطلبات الشركات المعلنة، حتى لا يطغى ذلك على جودة المحتوى الإبداعي وملاءمته لأكبر شريحة من المتابعين.

وأوضح المديفع، خلال مشاركته في “المنتدى الإعلامي العربي للشباب”، أن نجاح المنصة يكمن في ما تتمتع به وسائل التواصل الاجتماعي من سرعة في تغطية الأحداث، وتقديم محتوى يتناسب مع اهتماماتهم، على عكس ما تقدمه وسائل الإعلام التقليدية التي يتطلب فيها نشر الخبر الكثير من التعقيدات الروتينية للوصول إلى الجمهور.

بودكاست "خوش فكرة" أُطلق خلال جائحة فايروس كورونا، وكان الأول في البحرين الذي يناقش أفكار الأعمال والتحديات بطريقة بسيطة

وقدم بعض النصائح للمُقدمين على الدخول إلى عالم إنتاج المحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي، أهمها تقديم محتوى جديد ينطلق أولاً من فكرة تتناسب مع موهبة وميول صانع المحتوى، ومن ثم البدء في العمل على نشر أعماله وتطويرها مع الوقت من خلال الاستماع الجيد لمتطلبات المتابعين وصولاً إلى الإتقان التام والتنوع والتوسع في إنتاج المحتوى.

ولا يزال المحتوى العربي في الإعلام الجديد ضعيفاً، كما أنه كذلك في البودكاست، لكن يبدو أن المحاولات الرائدة تتركز في دول الخليج، وتحديداً السعودية.

ووفقاً لأرقام رُصدت منتصف العام 2023، فإن السعودية تعتبر أكبر سوق خليجي للبودكاست، ففيها أكثر من 5 ملايين مستمع منتظم، في حين يوجد في الإمارات 2.3 مليون مستمع، بينما لا تتوافر إحصائيات دقيقة في بقية دول الخليج.

وهناك العشرات من برامج البودكاست الخليجية، المتنوعة والمتخصصة، والتي نجحت في مناقشة وطرق مواضيع من الصعب تناولها في الإعلام التقليدي، كما لا تستطيع منصات التواصل مناقشتها.

وأبرز مواضيع البودكاست في الخليج ما يخص المال والأعمال، والتجارب الحياتية، والفكر والثقافة وبناء العلاقات، والتنمية والجوانب النفسية، والعلاقات الاجتماعية والأسرية، والسياسة أيضاً، والأدب.

وتشير الإحصائيات إلى أن 3 من أصل 10 أشخاص يستمعون للبودكاست، تستحوذ دول الخليج منها على نصيب الأسد إنتاجاً واستماعاً.

وبالنظر إلى سوق البودكاست عالمياً، تتصدر الولايات المتحدة القائمة، في الوقت الذي تشير فيه الأرقام إلى أنه بحلول العام 2027 سوف يتجاوز سوق البودكاست قرابة 66 مليار دولار.

5