خنق صادرت النفط أدخل إيران في نفق مسدود

بكين تبدو مستعدة للتضحية بإيران في سبيل دعم فرص التوصل إلى اتفاق تجاري وشيك مع واشنطن، حيث قلصت شركات حكومية مشترياتها بالفعل منذ عدة أشهر.
الجمعة 2019/05/03
لا جدوى من الالتفاف على الحظر

واشنطن - يجمع المراقبون على أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب قطع شريان الحياة المالية عن طهران، يمثل خطوة كبيرة وغير مسبوقة، وأنها تمت بضغط من صقور الإدارة الأميركية لتهدئة مخاوف الرئيس من ارتفاع سعر النفط.

ودخلت طهران أمس مرحلة جديدة بدخول إلغاء الإعفاءات حيّز التنفيذ، والتي ستكون أقسى من جميع مراحل العقوبات السابقة في ظل إصرار ترامب على إيصال صادراتها النفطية إلى الصفر.

وتبدو أزمة طهران مرشحة للانفجار، بسبب انغلاق جميع أبواب تخفيف الأزمات التي يعاني منها الإيرانيون وعدم وجود ما يمكن انتظاره. ولذلك فإن الشارع مرشح لاتساع موجة الاحتجاجات المتقطعة منذ ديسمبر 2017.

ويكشف قرار ترامب الحازم حجم النفوذ القوي لصقور الإدارة الأميركية في مجلس الأمن القومي، الذين كانوا من أكبر المدافعين عن القرار.

ونسبت وكالة رويترز إلى مصادر مطلعة تأكيدها أن أولئك الصقور أصروا على مدى شهور على تشديد العقوبات في مواجهة معارضة بعض مسؤولي وزارة الخارجية الذين كانوا يفضلون السماح لبعض الشركاء والحلفاء بمواصلة شراء النفط الإيراني.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية “لم يحاول أحد فعليا دفع الأمر إلى وقف الصادرات تماما”، وأضاف أن التوصل إلى توافق بين إدارات الحكومة احتاج إلى “الكثير من العمل”.

كيفن هاسيت: الإمدادات تسمح بإلزام المشترين بإنهاء الواردات أو العقوبات
كيفن هاسيت: الإمدادات تسمح بإلزام المشترين بإنهاء الواردات أو العقوبات

ويبدو الآن الطريق سالكا أمام تحقيق الهدف الذي وضعه الرئيس الأميركي في ظل وفرة الإمدادات البديلة وترجيح التزام جميع الدول بتلك العقوبات، ويتضح ذلك من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين التي تستغيث من وطأة القرار الأميركي.

وجاء أكبر دعم للقرار من خلال تأكيد السعودية التزامها بضمان “توازن” سوق النفط العالمية، حيث قال وزير الطاقة خالد الفالح إن الرياض “تؤكد مجددا مواصلة سياستها الراسخة، التي تسعى من خلالها إلى تحقيق استقرار الأسواق في جميع الأوقات”.

ورغم ذلك التعهد، إلا أن الرياض أشارت إلى أنها ستنتظر نتائج إلغاء الإعفاءات على الأسواق لتستجيب لأي نقص في الإمدادات. ويبدو أنها لا تريد أن يتكرر سيناريو نهاية العام الماضي.

وكانت السعودية قد زادت إمداداتها بشكل كبير، لكنها فوجئت بتقدير واشنطن إعفاءات لثماني دول، بالتزامن مع فرض العقوبات على صادرات نفط إيران في 5 نوفمبر الماضي، ما أدى إلى فائض كبير في المعروض.

واعتبارا من أمس ستواجه الدول التي كانت تتمتع بالإعفاءات، وهي الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان وتايوان وإيطاليا واليونان، عقوبات أميركية إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.

وتبدو السوق في وضع جيد لتعويض غياب إمدادات إيران، في ظل عدم استخدام اليونان وإيطاليا لتلك الإعفاءات واستعداد كوريا الجنوبية واليابان وتايوان للتوقف فورا، بينما قلصت الصين والهند مشترياتهما مع اتساع مصالحهما مع السعودية.

أما تركيا، التي ستتضرر بشكل كبير من القرار، فقد تجد نفسها مجبرة على التوقف بعد إدراكها للثمن الباهظ الذي يمكن أن تؤدي إليه الخلافات مع واشنطن.

ويرى محللون أن شركات النفط الهندية والصينية لديها مصالح كبيرة في الولايات المتحدة وأنها لن تغامر بالتضحية بتلك المصالح في ظل وفرة مصادر الإمدادات البديلة.

كما أن بكين تبدو مستعدة للتضحية بإيران في سبيل دعم فرص التوصل إلى اتفاق تجاري وشيك مع واشنطن، حيث قلصت شركات حكومية مشترياتها بالفعل منذ عدة أشهر.

ويعتقد كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، أن أسواق النفط العالمية ستكون قادرة على التعامل مع قرار إلزام مشتري النفط الإيراني بإنهاء الواردات أو مواجهة عقوبات.

ويقول مراقبون إن القرار الأميركي باغت عددا من حلفاء الولايات المتحدة ومشتري النفط الإيراني. وقدمت وزارة الخارجية الصينية شكوى رسمية للولايات المتحدة، لكنها تبدو مجرد إجراء دبلوماسي لأنها من المستبعد أن تضحي بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري مع واشنطن.

وكان القلق يساور ترامب من أن يضر ارتفاع أسعار النفط بالاقتصاد الأميركي ويرفع أسعار البنزين. وقال في آخر تغريدة له قبل قرار إلغاء الإعفاءات، إن أسواق النفط العالمية “هشة”. وطلب من أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في كثير من المرات زيادة الإنتاج لتعويض نقص الإمدادات من إيران وفنزويلا.

وذكر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن ترامب أجرى مشاورات في الآونة الأخيرة مع زعماء السعودية والإمارات بشأن أسعار النفط وحصل على تطمينات بأن البلدين سيضمنان كفاية المعروض في السوق.

10