خمسون عاما مؤثرة من الشراكة الثقافية بين فرنسا والإمارات

الثقافة ودبلوماسيتها العابرة للحدود ضرورية لتجسير العلاقات بين الدول والشعوب وتعزيز مبادئ التسامح.
الثلاثاء 2022/07/19
الثقافة ركيزة التواصل الحضاري

أبوظبي – تشكل الثقافة إحدى الركائز الرئيسية التي تستند عليها الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا، حيث يتفق البلدان على أهمية الثقافة ودبلوماسيتها العابرة للحدود في تجسير العلاقات بين الدول والشعوب وتعزيز مبادئ التسامح وتقبل الآخر.

وتعود العلاقات الثقافية بين البلدين، إلى بدايات قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث سعت إلى مد جسور التعاون والتواصل الثقافي بين الإمارات وفرنسا، وكانت أولى نتائج تلك الجهود افتتاح مدرسة “ليسيه لويس ماسينيون” الفرنسية في أبوظبي عام 1972، وتأسيس الرابطة الثقافية الفرنسية في أبوظبي في عام 1974.

وعلى مدى 50 عاما حققت الشراكة الثقافية العديد من المشاريع الكبرى التي أسهمت في تعزيز التواصل والتعاون بين البلدين على المستوى الثقافي والتعليمي، ففي عام 2006 تأسست جامعة “السوربون أبوظبي” بناء على اتفاق بين حكومة أبوظبي وجامعة السوربون في باريس، لتعزيز القطاع الأكاديمي والثقافي، ومثل هذا الاتفاق التاريخي رؤيتهما المشتركة، لتحقيق أفضل المعايير بالتعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط.

جامعة السوربون أبوظبي تمثل أحد أوجه الشراكة ما بين حكومة إمارة أبوظبي والحكومة الفرنسية في المجال التعليمي وهي أول فرع خارج فرنسا لواحدة من أعرق الجامعات في العالم

ووقعت جامعتا “السوربون باريس”، و”بيير وماري كوري” على اتفاق يقضي بافتتاح حرم جامعي في أبوظبي، لتقديم برامج أكاديمية متخصصة بدرجتي البكالوريوس والماجستير، وبرامج التعليم المستمر.

وفي عام 2009 انتقلت جامعة السوربون أبوظبي، إلى حرمها الجديد الذي بني خصيصاً في جزيرة الريم، ويمتد على 93 ألف متر مربع، ويشمل المرافق التعليمية والترفيهية والسكن الجامعي، وتضم الجامعة مكتبة ومسرحاً يتسع لأكثر من 700 شخص ومركز رياضي، وتلتزم بالمساهمة في رؤية أبوظبي المتمثلة في تحويل الإمارة إلى مركز ثقافي وعلمي وتوسيع نطاق تواصلها مع الطلبة محلياً وعالمياً.

وتمثل جامعة السوربون أبوظبي أحد أوجه الشراكة ما بين حكومة إمارة أبوظبي والحكومة الفرنسية في المجال التعليمي وهي أول فرع خارج فرنسا لواحدة من أعرق الجامعات في العالم.

وفي عام 2016 شكل مؤتمر أبوظبي من أجل حماية التراث الثقافي في مناطق النزاع محطة بارزة من محطات الشراكة الثقافية بين الإمارات وفرنسا، حيث أفضى المؤتمر إلى إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع، وتأسيس صندوق دولي لدعم التراث العالمي المعرض للخطر حيث ساهمت دولة الإمارات وفرنسا بمبلغ 45 مليون دولار أميركي بالتعاون مع اليونسكو.

ويعتبر متحف اللوفر أبوظبي من أكبر وأهم المشاريع الثقافية التي تعمل على تعزيز التواصل الحضاري والثقافي بين فرنسا والإمارات، كما يعد المتحف أول متحف عالمي في العالم العربي وأكبر إنجاز ثقافي فرنسي في الخارج.

وخلال الحفل الرسمي الذي أقيم في عام 2017 بمناسبة تدشين المتحف، أكد رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن متحف اللوفر أبوظبي علامة بارزة في مسار العلاقات المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية خاصة على المستوى الثقافي، مشيرا إلى تقدير البلدين للتراث الثقافي الإنساني المشترك وعملهما معا على الاهتمام به وتعزيز دوره في تحقيق التقارب والتفاهم بين الشعوب.

بدوره قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمة خلال الحفل إن “ميلاد صرح ثقافي عالمي في العاصمة الإماراتية هو أكبر رد على أولئك الذين يريدون تدمير الإنسانية لأنه يمثل جسرا للجمال الفني الذي يصل قارات العالم والأجيال البشرية ببعضها البعض”، واصفا المتحف الجديد بـ “الخيالي” الذي يعرض أوجه الحضارة الإنسانية عبر عصور التاريخ.

متحف اللوفر أبوظبي من أهم المشاريع الثقافية التي تعمل على تعزيز التواصل الحضاري والثقافي بين البلدين
متحف اللوفر أبوظبي من أهم المشاريع الثقافية التي تعمل على تعزيز التواصل الحضاري والثقافي بين البلدين

وقال جان لوك مارتينيز رئيس متحف اللوفر في باريس الذي قام بزيارة إلى أبوظبي بتلك المناسبة إن المتحف مصمّم “من أجل الانفتاح على الآخرين، وتفهم التنوع، في عالم متعدد الأقطاب”. وأضاف أن متحف اللوفر في أبوظبي “متحف عالمي هو الأول من نوعه في العالم العربي”.

وفي عام 2017 أيضا ساهمت الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس وتم في العام ذاته افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس، وعلاوة على ذلك، قدمت الإمارات مساهمة مالية بقيمة 10 ملايين يورو لترميم المسرح الإمبراطوري لقصر فونتينبلو بالقرب من باريس.

وشكل عام الحوار الثقافي الإماراتي الفرنسي 2018 فرصة مميزة لتوسيع أطر المبادرات والمشاريع والبرامج المختلفة، حيث تناول الحوار مواضيع هامة منها الفن والذكاء الاصطناعي وحماية التراث الثقافي المعرض للخطر وتعزيز اللغتين الفرنسية والعربية في البلدين، ونظمت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة الأسبوع الثقافي الإماراتي في باريس في أكتوبر من ذات العام بهدف تعريف الجمهور الفرنسي على الفنون والثقافة الإماراتية وتضمن الأسبوع برنامجاً حافلاً وفعاليات منوعة.

وفي ديسمبر 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرانكفونية، فيما قررت الإمارات إعادة إدراج تعليم اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية اعتبارا من مطلع العام الدراسي 2019/ 2020 لأكثر من 8 آلاف تلميذ إماراتي تعلم اللغة الفرنسية.

14