خليفة العريفي يحاول التوثيق لأدب القصة القصيرة

يعزو خليفة العريفي الأمر، إلى الغياب الذي تشهده القصة القصيرة اليوم في حيواتنا. مبينا أن هذا النوع الأدبي بشكله التقليدي قد انتهى، وصار النص الواقع بين القصة والقصيدة النثرية هو سيد الموقف. وأن القصص يمكن أن تكون ضمن الشهادات والوثائق التي تدل على أدب الشباب في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ويمكن أن تكون مادة معينة للباحثين والدارسين.
جمع االعريفي في كتابه “سفر الإفاقة”، ذي حجم القطع الصغير، 19 قصة قصيرة، حصل عليها بعد أن فتش هنا وهناك في أرشيفه الخاص وفي المواقع والصحف التي كان قد نشرها فيها. من بينها “الدخول إلى الدائرة”، “السجين”، “البقعة السوداء”، ابتسامة لن تغيب”. وها هو يعيد تقديمها لنا مرفقا إياها بالتاريخ الذي كتبت فيه. وكأنه يريد أن يوثّق لكتابته في ذاكرتنا ويحفر فيها عميقا، متسائلا عن الحضور الذي سنلاقيها به، نحن الذين نعيش المتغيرات ونشهد زمن التحولات الفكرية والاجتماعية والأدبية الحاصلة.
بدأ العريفي من سبتمبر 1967، من قصة بعنوان “دموع اليتيم”، التي تغوص بأحداثها وعباراتها، داخل عالم طفل رحلت أمه ليبقى والده المعتوه مقابلا له. متتبعا خطواته المتلمسة لحياته الجديدة المقيتة، واصفا فضاءاته الكئيبة بواسطة سرد أتعبتنا مفرداته الدالة على اليأس، التعب، والكثير الكثير من الحزن.
ويختم المجموعة بقصة لها ذات العنوان “سفر الإفاقة” تاريخها يعود إلى العام 1980، وما بين سطورها يمزج بين صراعاته العديدة المتولدة من قهر يعيشه لشخصيته الدرامية داخل النص. ونمشي معه منذ البداية نحو التخبط والتشظّي، مارين على عدة تفاصيل هي مبرره للألم والتعب: امرأة بطيف ضائع، طفل صغير يختبئ من هراوات الشرطة المسلحة بعتاد كامل، شباب معتقلون للاشتباه بهم.
وأما الأمل، هذا اللون الأخضر في فرشاته، فقد غلبه اللون الأحمر وذاك الرمادي. غلباه فعلا بينما كان يصرّ عليه، معلنا أن فرشاته ستنتصر لخضرة العينين. مثبتا أن كل شيء قد تغير إلى صورة كارثية، أسوأ وأكثر كآبة واختناقا.