"خليج عدن" تعيد المسرح إلى اليمن بعد غياب سنوات

عدن – بعد غياب دام أكثر من ثلاث سنوات تعود العروض المسرحية إلى مدينة عدن اليمنية من خلال فرقة “خليج عدن” التي اختارت كنيسة قديمة لتقدم فيها عرض “هاملت” من وحي الأدب العالمي للكاتب البريطاني وليام شكسبير.
وقال المخرج عمرو جمال ابن مدينة عدن إن المسرحية تقدم للجمهور باللهجة العدنية، بعد خضوع أعضاء الفرقة لتدريبات من قبل مسرح شكسبير غلوب في لندن ومسرح فولكانو في ويلز لمدة عامين، وبالشراكة مع المركز الثقافي البريطاني.
وأضاف في تصريحات له أن هذا العمل كان حلما يراوده منذ البدايات، ولطالما حلم بأن يتمكن من تنفيذه في مدينة عدن التي وصفها بأنها مدينة رائدة في العمل الفني والثقافي، وخاصة المسرح والسينما.
ويعيش اليمن صراعا على السلطة منذ إنهاء حكم علي عبدالله صالح في 2011 أوقع عشرات الآلاف من القتلى وأدى إلى تشريد الملايين بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وعن أسباب توقف عروض الفرقة قال جمال إن غياب البنية التحتية من مسرح وتجهيزات صوتية وضوئية سبب رئيسي في هذا التوقف منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، إلى جانب غياب الدعم من الجهات الحكومية.
وقال إن النظام السابق عمد إلى إهمال هذا الجانب وذهب إلى إقامة مراكز ثقافية في مدن ومحافظات نائية لا يوجد فيها نشاط فني، فيما لا تزال مدينة عدن دون مركز ثقافي يضم مسرحا وتجهيزات كاملة، كما أن ندرة المتخصصين في مجال الصوتيات والإضاءة يجعل الأمور أكثر صعوبة.
وكان آخر عرض قدمته الفرقة في عام 2019 لكن بسبب الأحداث التي شهدتها المدينة لم تتمكن الفرقة من الاحتفاظ بنسخة مصورة منه.
وأوضح أن اختيار مقر المجلس التشريعي، وهو كنيسة قديمة بنيت أثناء الحقبة الاستعمارية في القرن التاسع عشر، هدفه “لفت أنظار السلطات إلى المعالم التاريخية لمدينة عدن التي تضررت كثيرا من الحرب والإهمال”.
وكشف أن فرقته تكفلت بترميم المبنى من الداخل بالكامل بالتنسيق مع الهيئة العامة للآثار وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية فيما تولت إحدى الجهات ترميم المبنى الذي أقيم فوق مرتفع يطل على الحي القديم في مدينة عدن كريتر من الخارج.
ومن المقرر أن تبدأ عروض المسرحية في السابع من يناير وتستمر لمدة عشرة أيام، على أن يتم نقل العرض إلى سينما هريكن في وقت لاحق. وأوضح مدير فرقة خليج عدن فهد شريح أن العروض المخصصة للعمل لن تتوقف في يناير بل سيتم تجديد العروض في سينما هريكن بالتزامن مع عيد الأضحى القادم.
وأشار شريح إلى أنه سيتم الإعلان عن نقاط البيع من خلال صفحة فرقة خليج عدن المسرحية على منصات السوشيال ميديا في قادم الأيام لكي يتسنى للجمهور قطع التذاكر وحضور العروض المسرحية في يناير.
وفرقة خليج عدن هي فرقة مسرحية تأسست في مدينة عدن في مايو 2005. انطلاقة الفرقة كانت عبر أولى مسرحياتها “عائلة دوت كوم” من تأليف وإخراج عمرو جمال والتي عرضت في الخامس من مايو عام 2005 كجزء من مهرجان ليالي عدن المسرحية الثاني.
عرضت المسرحية جماهيريا في عام 2006 على مسرح سينما هريكن في مدينة عدن، وفي العام 2007 تم عرضها في المركز الثقافي بصنعاء.

قبل تأسيس فرقة خليج عدن، عمل الأعضاء المؤسسون سويا على مسرحيات ضمن المسرح المدرسي بين العام 1998 و2001، هذه المسرحيات تم التدرب عليها وعرضها كجزء من مهرجانات المسرح المدرسي وتحصلت على عدد من الجوائز على المستوى الوطني.
وكان الأعضاء المؤسسون يعرضون مسرحيات كوميدية قصيرة في جميع أنحاء عدن، بما في ذلك المنتجعات والمتنزهات العامة حتى مطلع عام 2005، هذه العروض حققت نجاحا محليا كبيرا، وولدت تأثيرا إيجابيا جعل التفكير في تأسيس الفرقة أمرا ملحا.
في عام 2005 أعلن مهرجان ليالي عدن المسرحية عن دعوة مفتوحة لتقديم المسرحيات للمشاركة فيه مع شرط للمتقدمين أن يتم قبولهم فقط إذا كانوا من ضمن مجموعات المسرح المسجلة رسميا في وزارة الثقافة.
حينها قرر الأعضاء تأسيس فرقة “خليج عدن” وتقديم مسرحية “عائلة دوت كوم” ليتم قبولها ضمن برنامج المهرجان وحققت المسرحية نجاحا كبيرا في مهرجان ليالي عدن في ذلك العام.
نجاح العمل الأول زاد اهتمام الجمهور لحضور مسرحيات فرقة خليج عدن حتى أن العديد من اليمنيين كانوا يسافرون إلى عدن خصيصا لحضور العروض المسرحية. بحلول عام 2007 تجاوز عدد الحضور ثمان مئة شخص في معظم العروض كما عرضت الفرقة أكثر من مسرحية في مدينة صنعاء.
في عام 2010 أصبحت أول فرقة مسرحية يمنية تقوم بعرض عملها المسرحي في أوروبا من خلال مسرحية “معك نازل” في يونيو 2010 في برلين، ألمانيا، ولكن سلسلة الإنتاج بدأت تتراجع في السنوات اللاحقة، متأثرة بالصراعات التي عاشها ويعيشها اليمن إلى اليوم، لتغلق كليا منذ ثلاث سنوات، قبل أن تعود الفرقة بهذا العمل الجديد.