خلق علاقات اجتماعية إيجابية ناجحة يتطلب اكتساب مهارة التفاوض

أكدت الأخصائية الاجتماعية فاطمة الشريف أن كل إنسان يحتاج إلى عملية التواصل مع الآخرين، مشيرة إلى أن خلق علاقات اجتماعية إيجابية ناجحة يتطلب اكتساب مهارة التفاوض. وقالت في حديثها حول الدخلاء على مهنة الخدمة الاجتماعية إن الجميع أصبح يرشد ويقوّم وينقد، وأحياناً يعطي حلولاً اجتماعية، وهو غير متخصص.
الرياض - ترى الأخصائية الاجتماعية فاطمة الشريف أن التفاوض مهارة، وفن، وقد لا يكتسب بالتعليم وحده.. فهنالك مقوّمات وملكات يجب أن تتوافر في الشخص المفاوض، وأن من أهم الأمور التي يجب أن ننتبه لها.. هي أن نتعلم ما نحبّه؛ لكي نعمل بمقتضى ما تعلّمناه بحب.. وأن كل إنسان يحتاج إلى عملية التواصل مع الآخرين، والتقدير، والحب، والصدق، والشعور بالسعادة.. كل ذلك عناصر مهمة؛ لخلق علاقات اجتماعية إيجابية ناجحة.
والشريف كاتبة سعودية صدر لها مؤخراً باكورة إنتاجها، وهو كتاب يحمل اسم “لم يعد الرجل لغزاً” وتحصّلت على شهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وعلى درجة الماجستير من جامعة دورهام البريطانية، وعلى دبلوم عالي في الدعم والإرشاد النفسي من مدينة الأمير سلطان العسكرية الطبّية، وهي ممثلة موهوبة كان لتمثيلها صدى وشهرة واسعتان في عدد من الأدوار الاجتماعيّة المعقّدة في عدد من المسلسلات التلفزيونية.
لعلّ من أهم طرق الشفاء من العلاقات السلبية هي مواجهتها مع النفس أولاً، ثم مواجهة أصحاب تلك العلاقات ثانيا
وبسؤالها عن تجربتها في دراسة الماجستير ببريطانيا، وماذا تمثل تلك التجربة بالنسبة إليها قالت الشريف للعرب إنها “كانت من أجمل الفرص التي أُتيحت لي بفضل من رب العالمين”، والتي أضافت لها الكثير. وتعلمت خلال السنتين والأربعة أشهر التي قضتها هناك ما لم تتعلمه طوال عمرها، ولعلّ الصبر والوقت من أهم ما تعلمته.
وعن رأيها حول الدخلاء على مهنة الخدمة الاجتماعية دون معرفة أساسيات التعامل الاجتماعي مع مختلف الجمهور.. تأسف الشريف لحقيقة هذا الواقع المشاهد، إذ أن الجميع أصبح يرشد ويقوّم وينقد، وأحياناً يعطي حلولاً اجتماعية، ويستقبل مشكلات وهو غير متخصص، وقد يكون هذا الدخيل لم يكمل دراسته الجامعية حتى! وهذا غير مقبول أبداً على حدّ قولها؛ لأن الدراسة، والتخصص، ومن ثمّ المهارة في التطبيق والخبرة.. تعطي الأخصائي الاجتماعي القدرة على التعامل الصحيح مع جميع فئات المجتمع.
وعن فنّ التفاوض.. وهل تحسن المرأة فنّ التفاوض أكثر من الرجل كما يشاع، أم العكس؟ تجيب بأن التفاوض مهارة، وفن، وقد لا يكتسب بالتعليم وحده.. فهنالك مقوّمات وملكات يجب أن تتوافر في الشخص المفاوض، وليس بالضرورة أن تتقنها المرأة أكثر من الرجل!
وحول باكورة مؤلفاتها الذي عنونته بـ”لم يعد الرجل لغزاً” سألناها “لماذا عدّ الرجل لغزاً لدى المرأة في حين شاع أن المرأة هي اللغز؟” تجيبنا الشريف من خلال تخصصها وبصفتها امرأة، بأن “الرجل بطبعه قليل الكلام، لذلك يُعدّ في بعض الأحيان لغزاً محيراً بالنسبة إلى المرأة، والمرأة بطبعها فضوليّة جداً.. خاصة إذا أحبّت الرجل.. ولو استطاعت فتح عقله وهو صامت لترى ما يفكّر به لفعلتها..! رغم أن المرأة أذكى من الرجل إذا أحسنت استخدام عقلها..”.
ومن خلال تخصصها، وعملها بما تعلّمته، واكتساب المهارة والخبرة تقدّم الشريف أهم نصائحها تجاه المجتمع، بأن “من أهم الأمور التي يجب أن ننتبه لها.. هي أن نتعلم ما نحبّه؛ لكي نعمل بمقتضى ما تعلّمناه بحب”.
وعن كيفية معالجة العلاقات السلبية؟ ترى أن “العلاقات السلبية مضرّة جداً بالإنسان، وأنها قد تسبب له أمراضاً نفسيّة، بل وعضويّة أحياناً..! ولعلّ أهم طرق الشفاء من العلاقات السلبية.. هي مواجهتها مع النفس أولاً، ثم مواجهة أصحاب تلك العلاقات، فإذا لم تنفع هاتان الطريقتان، فليس أمام الفرد سوى استشارة ذوي الخبرة، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب، بما يقتضيه واقع الحالة، وذلك قبل أن نصاب نحنُ الآخرون بالعدوى، فنصبح سلبيين دون أن نشعر..!”.
وأما الفرق بين الحب والتعلّق؟ وكيف يتخلّص الإنسان من التعلّق السلبي؟ توضّح الشريف أن “هناك فرقا كبيرا بين الحب والتعلّق.. فالحبّ صحة، والتعلّق مرض..! وشتّان بين الصحة والمرض، ولكي نتخلّص من التعلّق، فهو ليس بالأمر الهيّن على الإطلاق، فمثله مثل الإدمان..!! بمعنى آخر، فإن التعلّق بشيء هو الإدمان عليه، وأما عن علاجه، فإنه يحتاج إلى صبر، وقوّة، وثقة في النفس، وتقدير للذات، وأحياناً يحتاج إلى استشارة طبيب نفسي مختصّ”.
فاطمة الشريف: التمثيل هو وسيلة ناجحة للوصول إلى عقل وقلب المشاهد
أما عن كيفية إتمام تقوية علاقاتنا مع الناس، وأن تكون علاقة إيجابية، فتبيّن أننا “نحتاج إلى العلاقات الاجتماعية الإيجابية الناجحة.. سواء كانت تلك العلاقات داخل الأسرة، أو خارجها، وأن كل إنسان يحتاج إلى عملية التواصل مع الآخرين، والتقدير، والحب، والصدق، والشعور بالسعادة.. كل ذلك عناصر مهمة؛ لخلق علاقات اجتماعية إيجابية ناجحة”.
وإذا كانت رسالة الفنّ هادفة.. سؤالنا الأخير “كيف يكون التمثيل هادفا”، بصفتها ممثلة موهوبة شاركت في عدد من المسلسلات التي تطرح قضايا ومشكلات وظاهرات اجتماعية، وبصفتها المختصّة الأكاديمية.. كيف يكون طرح كل ذلك في التمثيل حلاً في علاج المشاكل الاجتماعية؟ تجيب الشريف بأنه “عندما يكون السيناريو هادفا، والقصة هادفة.. يصبح التمثيل هادفا”. وترى أن التمثيل هو وسيلة ناجحة للوصول إلى عقل وقلب المشاهد.. وبالطبع فإن طرح المشكلات الاجتماعية الواقعية وحلّها ممكنان جداً، من خلال نصوص تُكتب بذكاء، وتُطرح من خلال مسلسل أو فيلم.
وتستحضر الشريف تجربتها في آخر حديثها مع “العرب” إذ تقول “لقد وجدتُ أن مهنتي سمحت لي بأن ألتقي مع العديد من الشخصيات المختلفة في العيادة.. سواء من خلال مَن أتوا لطلب المشورة والمساعدة، أو من خلال من هم حولي.. فقد منحني ذلك القدرة على تجسيد بعض الشخصيات التي قدمتها من خلال المسلسلات التي قمت بدورها حتى الآن، ولعلّ من أهمها العاصوف، وسندس، ومرزوقة”.