خلط الحجاب بالسياسة في كردستان العراق

تحجيب فتيات في كردستان العراق مثّل موضوع احتفال في زمن استحواذ الإسلام السياسي على الحكم، وهو ما أثار جدلا واسعا على فيسبوك في العراق.
الجمعة 2019/05/03
احذرن إنه فخ (الصورة من حساب ناشطة كردية على فيسبوك)

 السليمانية (العراق) - تحت شعار “مبروك علينا الإنجاز العظيم” احتفى مستخدمو الشبكات الاجتماعية العراقية بارتداء 400 فتاة في إقليم كردستان العراق للحجاب.

وجاء في الخبر الذي تداولته وسائل إعلام عراقية وعربية، أنه “في مهرجان ‘التاج الذهبي’ الخامس.. منظمة تابعة للاتحاد الإسلامي الكردستاني تكرّم 400 فتاة بالسليمانية بعد اتخاذهن قرار ارتداء الحجاب”.

ودخل على الخط إعلام الأحزاب الدينية، سنية وشيعية، مهللا للحدث العظيم ما حول الأمر إلى موضوع ساخر. “لقد اتفقت الأحزاب الدينية في العراق أخيرا.. إنه ‘تحجيب المرأة’ وإلباسها الأسود، المرأة نفسها التي تمتهن أبسط حقوقها لإخضاعها باسم الإسلام”.

واحتفى الاتحاد الإسلامي (التابع لجماعة الإخوان المسلمين) وتيار الحكمة الذي يقوده الزعيم الشيعي عمار الحكيم بالأمر وكأنه إنجاز حضاري.

ونقلت زهراء جميل الميالي، عضو المكتب التنفيذي لتيار الحكمة الوطني، مسؤولة تنظيمات المرأة بالعراق، صور وتفاصيل المهرجان وتكريم الفتيات، مشيرة إلى أن المهرجان استهل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، أعقبتها ندوة لنخبة من الدعاة والشخصيات الإسلامية، وتحدثوا عن وجوب ارتداء الزيّ الشرعي.

وقال إعلامي عراقي إن العراق الذي دفع بنزيهة الدليمي في خمسينات القرن الماضي كأول وزيرة في العالم العربي، يجدر به أن يحتفل بإنقاذ المرأة من سطوة العشيرة والطائفة والمتاجرة بها كسعلة، وليس بـ”تلبيسها” حجاجا أسود أو أحمر هو في النهاية خيار شخصي لها ويفترض ألا يميّزها.

وأضاف الإعلامي في تصريح لـ”العرب”، أن احتفال أحزاب الإسلام السياسي، شيعة وسنة، بهذا الإنجاز الهزيل الذي يوسع سجن المرأة العراقية بإدارة الرجال، هو تعبير بامتياز عن الانتكاسة الحضارية التي تعيشها البلاد.

وتداول ناشطون على منصات التواصل صور الفتيات وهن يصطففن في حفل التكريم الذي شهد حضورا كثيفا. وقال ناشط على فيسبوك:

Jwan Dibo

ارتداء الحجاب حرية شخصية وأنا أيضا أحترم ذلك (..) لكن أن يتم الاحتفال بهذا الحدث رسميا، بمعنى آخر أن يتم “تسييسه” من قبل أحد الأقطاب الرئيسية للإسلام السياسي في إقليم كردستان، فهنا تكمن المصيبة. وبالمقابل أسأل وأتساءل أين دور حكومة الإقليم، وأين دور الأحزاب العلمانية والليبرالية الرئيسية في الإقليم في مواجهة هذا المد الخطير للإسلام السياسي المتطرف؟

هل هؤلاء الـ400 فتاة قمن باختراع معين أو كن من الأوائل في المدارس والجامعات لكي يتم تكريمهن بهذا الشكل السافر الذي ينطوي على التحدي والظهور بمظهر القوي.

وأضاف الناشط:

Jwan Dibo

أقصد هنا الاتحاد الإسلامي الكردستاني؟ هل هناك حدث مشابه حصل في أكثر الدول تخلفا ورجعية؟ أشك في ذلك. هل هذه مؤشرات على أن إقليم كردستان سوف يصبح رهينا في يد الإسلام السياسي في قادم العقود؟ لكن في نفس الوقت لا أستغرب من هكذا حدث مُخجل ومُحزن لأنه ماذا يمكن أن نتوقع من جغرافيا تكتظ بأكثر من 5270 مسجدا مقابل 11 جامعة فقط.

وقال متفاعل:

Hussain Berzenci

من مصلحة الحكومات والسلطات الشمولية بقاء شعوبها غبيّة ومتخلفة لذلك تجد جامعة واحدة مقابل مئة جامع.. الحكومة في كردستان تدفع رواتب الأئمة والخطباء والذين ينشرون الفكر المتطرف علنا..؟

وسخرت معلقة على صفحة كردستان تتكلم بالعربية على فيسبوك:

هناء السندي

شنو مخترعين لو مكتشفين الذرة..! أول مرة التكريم يصبح بالملابس.

فيما اعتبرت أخرى:

Asia Alani

لازم نلطم.

واعتبر معلق:

Yaqup Bobazam

موضوع فيه غرابه كبيرة كيف تم تجميعهن وإلباسهن الحجاب جماعيا.

وأكدت معلقة:

Camiran Zara

الجهل والتخلف يقتلاننا ولا يزالان يزيدان من قتلنا. التكريم للمبدعين والمتفوقين.. وليس للجهلة والمتخلفين.

وتحت شعار “احذرن إنه فخ” نصح معلقون الكرديات بعدم الإذعان لتجار الدين الذين يستخدمونهن لأجل الحصول على مكاسب سياسية.

ولطالما لعب الحجاب دورا تعبويّا، ومثل زيهن الذي من المفترض أن يكون أمرا شخصيا محرارا لمدى تغلغل الأحزاب الدينية وسيطرتها.

وتداول معلقون على نطاق واسع صورا للمقاتلات الكرديات في معركتهن ضد المتطرفين الإسلاميين. وبدت المرأة الكردية حاملة للسلاح بيد وتضع أحمر شفاه بيدها الأخرى. وكانت صور النساء المقاتلات قد نشرت في كل من الإعلام الغربي وكذلك العربي، بصورة من الفخر بالمرأة التي تشارك جنبا إلى جنب مع الرجل، بل وتتسلّم راية القيادة نفسها بعد أن كونت تنظيما نسويا خاصا بها.

يذكر أن منطقة الشرق الأوسط تشهد حالة من صعود الراديكالية بمختلف أنواعها السياسية والدينية والمجتمعية.

19