خلافات بريكست تعصف بالاستقرار السياسي في أيرلندا الشمالية

استقالة رئيس وزراء أيرلندا الشمالية بسبب بروتوكول التجارة لما بعد بريكست.
السبت 2022/02/05
بريكست يهدد الاستقرار الهش في بلفاست

تعكس استقالة رئيس وزراء أيرلندا الشمالية بول غيفان من منصبه حدة التجاذبات التي تشهدها المقاطعة البريطانية، منذ توقيع لندن معاهدة انسحابها من الاتحاد الأوروبي بريكست. ولا تزال تداعيات بريكست تلقي بظلالها القاتمة اقتصاديا وسياسيا على بلفاست وتهدد بتقويض الاستقرار الهش.

بلفاست (أيرلندا الشمالية) - أعلن رئيس وزراء إيرلندا الشمالية بول غيفان استقالته على خلفية الترتيبات التجارية لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، وسط دعوات إلى إجراء انتخابات مبكرة في الإقليم البريطاني.

وقال غيفان الخميس للصحافيين، عقب اندلاع خلاف جديد حول حركة البضائع بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا، “يمثل اليوم نهاية ما أعتبره امتيازا حظيت به في حياتي”.

وكان رحيل غيفان متوقعا مع تهديد زعيم حزبه الديمقراطي الوحدوي جيفري دونالدسون بتقويض الحكومة في بلفاست، احتجاجا على الترتيبات التجارية المتفق عليها بين لندن وبروكسل.

وتم تصميم ما يسمى بروتوكول أيرلندا الشمالية لمنع دخول البضائع غير الخاضعة للرقابة من بريطانيا إلى السوق الأوروبية الموحدة، عبر باب خلفي تمثله أيرلندا المجاورة العضو في الاتحاد الأوروبي.

لكن الحزب الديمقراطي الوحدوي والأحزاب الوحدوية الأخرى الموالية لبريطانيا تعارض البروتوكول بشدة، بحجة أن الحدود على البحر الإيرلندي أضعفت ارتباط أيرلندا الشمالية بالمملكة المتحدة.

ماروس سيفكوفيتش: نأمل في التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات في بلفاست

ومع رحيل غيفان اضطرت نائبته ميشيل أونيل من حزب “شين فين” القومي المؤيد لأيرلندا إلى الاستقالة أيضا، بموجب شروط اتفاق السلام عام 1998 الذي أنهى ثلاثة عقود من العنف الطائفي في أيرلندا الشمالية.

ويأتي هذا التطور قبل وقت قصير على الانتخابات المحلية في مايو، والتي يبدو أن الـ”شين فين” سيحقق فوزا فيها.ويأمل بعض القوميين، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المحلية، في أن يساهم بريكست في تحقيق ما لم ينجح “الجيش الجمهوري الإيرلندي” في تحقيقه قط: أيرلندا موحّدة بعد قرن من إنشاء المملكة المتحدة دويلة بروتستانية في الشمال.

ويتقدم الشين فين الذي كان في الماضي الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي، على الوحدويين الذين كانوا يهيمنون من قبل، بحسب استطلاعات الرأي.

وتم توقيع “بروتوكول أيرلندا الشمالية” بمعزل عن اتفاق بريكست التجاري الواسع عام 2020، بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويهدف البروتوكول إلى تجنب حدود مادية على جزيرة أيرلندا.

ولإبقاء الحدود مفتوحة، تطبيقا لبند رئيسي من اتفاقية سلام تعود إلى عام 1998 طوت صفحة عقود من أعمال العنف على خلفية الحكم البريطاني لأيرلندا الشمالية، لا يزال هذا الإقليم فعليا في السوق الأوروبية الموحدة.

وفرض البروتوكول عمليات تفتيش حدودية على البضائع المتجهة إلى المقاطعة البريطانية من بريطانيا وإسكتلندا وويلز.

لكن لندن علّقت عمليات التفتيش وتريد إعادة التفاوض على البروتوكول، ومن ضمنه ما يتعلق بالصلاحية القضائية الأوروبية على النزاعات.

ورفضت بروكسل الدعوات البريطانية إلى اللجوء إلى لجنة تحكيم دولية بدلا من محكمة العدل الأوروبية.

وأمرت أيرلندا الشمالية في الثالث من فبراير الجاري بوقف إجراءات التفتيش على البضائع الواردة عبر الموانئ إلى المنطقة، ما يخاطر بحدوث المزيد من الفوضى في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأمر وزير الزراعة في أيرلندا الشمالية إدوين بوتس بوقف عمليات التفتيش، التي تتم وفقا لقواعد ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منذ نهاية عام 2020.

وتهدد الخطوة بحدوث المزيد من التوتر في العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، فيما يجري الجانبان مفاوضات دقيقة حول التغييرات في تسوية ما بعد بريكست.وقال بوتس، الزعيم السابق للحزب الوحدوي الديمقراطي، “لقد أصدرت الآن تعليمات رسمية للسكرتيري الدائم، بوقف جميع إجراءات التفتيش التي لم تكن موجودة في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2020”.

مع رحيل غيفان اضطرت نائبته ميشيل أونيل من حزب “شين فين” القومي المؤيد لأيرلندا إلى الاستقالة أيضا

وقال المفاوض الأوروبي المعني بشؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش إنه يرى أن فترة إبرام اتفاق مع المملكة المتحدة سوف تنتهي أواخر فبراير الجاري، ونوه أيضا بأنه لم ير تغييرا جوهريا في موقف لندن رغم تحول إيجابي في النبرة.

وأضاف سيفكوفيتش، وهو أيضا نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، أن الهدف من المحادثات هو التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية فبراير، قبل الحملات لانتخابات الجمعية الوطنية في أيرلندا الشمالية في مايو. وكان سيفكوفيتش ووزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس قد اتفقا في الرابع عشر من يناير الجاري على تكثيف المفاوضات بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية.

وتشهد المفاوضات جمودا فعليا منذ شهور، فيما نوهت تراس بأنها مستعدة لتجاهل بشكل أحادي أجزاء من اتفاق ما بعد بريكست بشأن أيرلندا الشمالية، في حال فشلت المحادثات.

وقال سيفكوفيتش مؤخرا إن أساس الاتفاق ككل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي سوف يكون عرضة للخطر، في حال اتخذت بريطانيا مثل هذه الخطوة.

وأضاف سيفكوفيتش أن المناخ يمكن أن يتغير بحلول نهاية فبراير المقبل، عندما تبدأ الحملات الانتخابية في أيرلندا الشمالية، فيما اتفق هو وتراس على أن بروتوكول أيرلندا الشمالية قد يصبح إحدى القضايا الأساسية للحملة.

5