خلافات الحريري وعون تبدد الآمال بتأليف الحكومة

سعد الحريري يتهم عون بتعطيل الحياة السياسية والبحث عن أي وسيلة للتخلص من رئيس الحكومة المكلف.
السبت 2021/05/22
الحريري أمام مرحلة حرجة

بيروت – أوصى البرلمان اللبناني السبت بضرورة مضي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للوصول سريعا إلى تشكيل حكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال عون.

ودخلت الأزمة السياسية في لبنان منعطفا جديدا بعد اجتماع البرلمان ليومين متتالين، لمناقشة رسالة طلب فيها الرئيس عون ضرورة التحرك واتخاذ قرار تجاه فشل الحريري في تأليف حكومة تنقذ لبنان من أزمته الاقتصادية الحادة.

وخلال جلسة الاستماع السبت، وجه الحريري انتقادات حادة للرئيس عون مشددا على أنه لن يشكل حكومة كما يريدها فريق الرئيس.

وقال الحريري إن رئيس الجمهورية "يريد تغيير الدستور وتعطيل الحياة السياسية في البلاد، والأخطر من ذلك هو يقتل أي أمل أمام اللبنانيين بوقف الانهيار الذي يعيشونه جميعا في يومياتهم الاجتماعية والاقتصادية".

وأضاف "لن أشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها أي فريق سياسي بعينه. لن أشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم".

وتابع "نحن أمام رئيس أجّل الاستشارات النيابية الملزمة على أمل أن يمنع النواب من تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة".      

واتهم الحريري عون بأنه "عندما لم تعد في يده حيلة، خاطب النواب مباشرة على الهواء وناشدهم ألا يسموا سعد الحريري، وعندما لم يمتثلوا لإرادته قرر تعطيل تشكيل الحكومة وتعطيل الدستور والبحث عن أي وسيلة للتخلص من رئيس الحكومة المكلف".

وقال إن الرئيس اللبناني "يمتلك باعا طويلا في تعطيل تشكيل الحكومات لأشهر طويلة"، مبرزا أن عون "يريد فرض أسماء معينة وفرض الثلث المعطل".

واعتبرت أوساط سياسية أن الأزمة بين الحريري وعون بلغت طريقا مسدودا يلغي أي احتمالات بقرب تأليف حكومة تنقذ لبنان الذي يوشك على الانهيار.

وانهارت العملة المحلية في لبنان مع نفاد الدولار في البلاد، وعدم وجود أي خطة إنقاذ للدولة. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400 في المئة. وأصبح الشجار في محلات السوبر ماركت شائعا الآن، وكذلك صور الأشخاص الذين ينبشون في القمامة بحثا عن الطعام.

وكان الرئيس عون وجه رسالة إلى البرلمان اللبناني عبر رئيسه نبيه بري، قال فيها إن "آثار التأخير السلبية انعكست على الاستقرار السياسي والأمان الصحي والاجتماعي والاقتصادي والمالي والخدماتي العام، وحالت دون معالجة ملفات حساسة".

وكتب الرئيس عون، وهو مسيحي ماروني، في رسالته "أصبح من الثابت أن الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ، والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة".

وطلب مناقشة رسالته في البرلمان "واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها لمنفعة الشعب الذي يئنّ ألما وهو ينتظر حكومته الجديدة".

والجمعة، عقد المجلس النيابي (البرلمان) جلسة برئاسة نبيه بري في العاصمة بيروت، للاستماع إلى نص رسالة عون لكنه أرجأ مناقشتها إلى السبت.

واعتبرت الأوساط السياسية هذه الخطوة بمثابة إعلان فعلي لضرورة إيجاد مسؤول آخر لتولي رئاسة الوزراء، لكن السياسي اللبناني جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر وصهر الرئيس ميشال عون، أفاد السبت بأن عون لم يكن يهدف إلى سحب تكليف الحريري.

وكان عون وحلفاؤه روجوا خلال الفترة الماضية لإمكانية اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة لأسباب مختلفة، من بينها ضغوط خارجية.

ويختلف رئيس الحكومة المكلف منذ 7 أشهر، مع رئيس البلاد حول التشكيلة الحكومية المنتظرة، ويتركز الخلاف بينهما حول عدد الحقائب الوزارية، وتسمية الوزراء خصوصا المسيحيين منهم.

ويتهم الحريري عون بمحاولته الحصول لفريقه (التيار الوطني الحر) على "الثلث المعطل" في الحكومة، وهو ما ينفيه الرئيس.

و"الثلث المعطل" يعني حصول فصيل سياسي على ثلث عدد الحقائب الوزارية، ما يسمح له بالتحكم في قرارات الحكومة وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.

وأوائل ديسمبر، أعلن الحريري أنه قدم إلى عون "تشكيلة حكومية من 18 وزيرا من أصحاب الاختصاص، بعيدا من الانتماء الحزبي"، لكن الأخير اعترض على ما سمّاه "تفرد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصا المسيحيين، من دون الاتفاق مع رئاسة الجمهورية".

وكُلف الحريري، وهو سني ترأس عدة حكومات سابقة مثل والده الراحل، بتشكيل الحكومة في أكتوبر، بعد أن فشل رئيس وزراء مكلف سابق في تشكيل حكومة تكنوقراط إثر عدة أسابيع من المساعي.

ويشترط المانحون تشكيل حكومة تتوافر لها مقومات البقاء من التكنوقراط أو المتخصصين قبل تقديم الأموال اللازمة بشدة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني.

وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهرا طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة والخلاف على الحصص، لكن الانهيار الاقتصادي الحالي الذي فاقمته إجراءات مواجهة فايروس كورونا، لا يسمح بالمماطلة، وهو ما يؤكد عليه المجتمع الدولي موجها أقسى الانتقادات للمسؤولين اللبنانيين.