خلافات إسرائيل الداخلية لا تؤثر على مسار الحرب في غزة

القاهرة – تقول أوساط متابعة إنه يخطئ من يعتقد أن الخلافات التي ظهرت على السطح بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل يمكن أن تؤثر سلبا على مسار الحرب التي يشنها الجيش حاليا على قطاع غزة، فمهما كان التباين هناك توافق على مواصلة المعارك إلى حين تقويض النتائج التي أفضت إليها عملية “طوفان الأقصى”.
وتفاءلت شرائح عربية متعاطفة مع المقاومة الفلسطينية بما جرى من تبادل للتراشق بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وبعض القادة العسكريين، حيث حاول الأول تبرئة نفسه سياسيا وقذف تهمة الإخفاق كاملة على المجموعة الثانية.
وخرجت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بمانشيت لافت تعقيبا على نتنياهو، قالت فيه “في ذروة الحرب ضد حماس.. نتنياهو يعلن الحرب ضد دولة إسرائيل”.
وتعرض نتنياهو، الأحد، لانتقادات حادة من قبل عسكريين كبار بعدما سعى للتملص من أي مسؤولية حيال هجوم حماس المباغت في السابع من أكتوبر الجاري.
وأدت انتقادات وجهها عسكريون كبار إلى قيام نتنياهو بحذف التغريدة التي حمّلهم فيها مسؤولية الفشل في منع عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
واعترف رئيس الحكومة لاحقا بأنه أخطأ في ما صرح به، وقال “ما كان ينبغي قول ذلك”، واعتذر عنه ومنح الدعم لقادة الأجهزة الأمنية.
وكان نتنياهو كتب على حسابه الرسمي في موقع إكس أن وكالات الاستخبارات كانت تقدر بأن حركة حماس “مردوعة إثر الحروب السابقة واتجهت نحو التسوية وعليه لن تجرؤ على مهاجمة إسرائيل.. هذا التقييم الاستخباراتي قُدم مرة بعد أخرى إلي وإلى المجلس الأمني المصغر، حتى قبيل اندلاع الحرب”.
وحمّل نتنياهو مسؤولية الفشل في توقع الهجوم لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) ورئيسها أهارون هاليفا، وجهاز الأمن العام (الشاباك) ورئيسه رونين بار.
وقال عضو حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس على منصة إكس الأحد “عندما نكون في حالة حرب يجب على القيادة أن تتحلى بالمسؤولية وتقرر فعل الأمور الصحيحة، وتعمل على تمكين القوات، أما أي أفعال أو تصريحات أخرى فإنها تضر بقوة الشعب وقدرته على الصمود”.
ولا تختلف جميع المستويات في إسرائيل على ضرورة الانتقام من حماس والتخلص من وجودها العسكري في القطاع، ولا غبار في معاقبة سكان غزة، ولا وقت لتصفية الحسابات الداخلية الآن.
وكان رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي أقر بالفشل في أول مؤتمر صحفي عقده بعد يومين من اندلاع الحرب، وبعث رئيس “الشاباك” برسالة إلى عناصر الجهاز أعلن فيها تحمله للمسؤولية، واعترف رئيس “أمان” صراحة بأنه فشل في توقع هجوم حماس.
وحمّل البعض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت جزءا من المسؤولية، لأنه قاد الحكومة لمدة عام، وخلال هذه الفترة أعدّت حماس جيدا لهجومها الأخير.
ومن المتوقع إجراء تحقيقات عسكرية مع نتنياهو والكثير من القيادات الرفيعة في الأجهزة الأمنية والعسكرية للوقوف على ما جرى ومحاسبة المتقاعسين، ودرجت إسرائيل على القيام بالخطوة عقب كل إخفاق تواجهه في الحروب العربية.
لا تختلف جميع المستويات في إسرائيل على ضرورة الانتقام من حماس والتخلص من وجودها العسكري في القطاع، ولا غبار في معاقبة سكان غزة، ولا وقت لتصفية الحسابات الداخلية الآن
وكشف الخبير في الشؤون العبرية أحمد فؤاد أنور أنه على رأس العوامل التي تتحكم في المطبخ السياسي والأمني الإسرائيلي الرغبة المحمومة في انتزاع المزيد من المكاسب قبل وقف مرتقب لإطلاق النار في إطار ما رشح من معلومات وتقارير حول إمكانية عقد هدنة إنسانية مقابل الإفراج عن مدنيين، خاصة من مزدوجي الجنسية، مع الإبقاء على العسكريين لجولة تفاوضية أخرى.
وأضاف أنور في تصريحات لـ”العرب” أن من أسباب التخبط الظاهر في الصلاحيات وجود وزيرين للدفاع (يوآف غالانت وغانتس) ورئيسي أركان (هليفي وغادي إيزنكوت) في مجلس الوزراء الأمني المصغر، والاستعانة بخدمات آخرين من الخارج، مثل إسحاق بريك الجنرال الغاضب الذي سبق له التحذير من تدني مستوى جيش إسرائيل، وغابي أشكنازي رئيس الأركان الأسبق، وكل منهم يرفض أن يكون رأيه استشاريا أو مهمشا.
وذكر أنور أن هناك حالة من فقدان الثقة تتنامى داخل المجتمع الإسرائيلي عقب “طوفان الأقصى” عبّرت عنها بعض الأسئلة المسكوت عنها، والتي طفت على السطح أخيرا، منها أين إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي، وأين جيلا جملائيل وزيرة الاستخبارات، ولماذا خرجا من مجلس الوزراء الأمني، وهل مطالبة عائلات الأسرى بعدم القصف العشوائي ومهاجمة الأنفاق خيانة، وأين جدار غزة الذي كلف ثلاثة مليارات دولار، وأين المنطاد الذي يصور المنطقة الحدودية مع القطاع بالكامل؟
وأكد العميد الفلسطيني محمد يوسف الحلو (أبوخالد) أن التاريخ قد يعيد نفسه، فبعد حرب أكتوبر عام 1973 تمت محاسبة الكثير من القيادات الإسرائيلية، وسقطت المرأة الحديدية غولدا مائير في انتخابات جرت بعد عام من الحرب، وسقط معها وزير الحرب موشي ديان.
ولفت الحلو في تصريح لـ”العرب” إلى أن ما حدث في السابع من أكتوبر يعد هزيمة لم تعهدها إسرائيل، وسوف تؤدي إلى الإطاحة بعدد كبير من القيادات، فضلا عن سقوط حكومة نتنياهو، وقد يتجه الشارع الإسرائيلي للقبول بخيار السلام وحل الدولتين.