خفض موديز للتصنيف الائتماني يخلط أوراق اقتصاد عُمان

القرار يقلص قدرة مسقط على الاقتراض وجذب الاستثمار الأجنبي، ومواقفها البعيدة عن جيرانها تقلل فرص معالجة أزماتها.
الخميس 2019/03/07
قرار موديز يفرض حسابات مالية جديدة

رجّح محللون أن يؤدي خفض وكالة موديز للتصنيف الائتماني لسلطنة عمان، إلى تراجع ثقة أسواق المال وزيادة تكلفة اقتراضها، إضافة إلى عرقلة مساعيها لجذب الاستثمارات، خاصة في ظل استبعاد حصولها على دعم خليجي بسبب مواقف مسقط البعيدة عن أكبر جيرانها الخليجيين.

لندن - أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الأربعاء عن خفض التصنيف الائتماني لسلطنة عمان بدرجة واحدة، في ظل استبعادها تحسن التوازنات المالية، لتلتحق بوكالتي فيتش وستاندرد أند بورز، اللتين سبق أن خفضتا تصنيفها أيضا.

ووضعت الوكالة التصنيف الائتماني للبلاد عند “بي.أي.1” وهو ما يقل بدرجة واحدة عن مستوى جذب الاستثمار، وأعطتها نظرة مستقبلية سلبية، الأمر الذي يقلص قدرتها على الاقتراض وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وتوقعت موديز في بيان قرار خفض التصنيف أن يظل العجز المالي للسلطنة مرتفعا عند مستويات تتراوح بين 7 إلى 11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدار السنوات الثلاث المقبلة.

وأكدت أن خفضها التصنيف الائتماني يعكس وجهة نظرها بأن “آفاق تبني إصلاحات مالية حقيقية أصبحت محدودة، بصورة أكبر مما كانت الوكالة تتوقعه في السابق”.

وكالة موديز: آفاق تبني إصلاحات مالية حقيقية أصبحت محدودة أكثر من التوقعات السابقة
وكالة موديز: آفاق تبني إصلاحات مالية حقيقية أصبحت محدودة أكثر من التوقعات السابقة

وأضافت أن “هذا الرأي يدعمه التأخر في تبني التدابير، التي كانت مسقط قد أعلنتها في العام الماضي، والتي كانت موديز تتوقع تنفيذها خلال العامين الماضي والحالي”.

وبذلك تكون 3 وكالات بارزة للتصنيف الائتماني قد خفضت تصنيف عمان إلى مستوى غير جاذب للاستثمار، بانضمام موديز إلى كل من ستاندرد ند بورز وفيتش.

وقالت موديز في تقرير إن المؤثر الأساسي في قرار خفض التصنيف هو أن نطاق ضبط أوضاع المالية العامة، سيظل مقيدا إلى حد كبير بأهداف الحكومة للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

ورجحت أن يزداد ضعف المعايير المالية للسلطنة في ظل مستويات أسعار النفط التي لا تدعم تحسن اختلالات التوازنات المالية. وتوقعت أن يؤدي ذلك إلى تراجع رغبة المستثمرين في شراء سنداتها السيادية ويزيد بالتالي تكلفة الاقتراض.

وقالت الوكالة إنها خفضت تصنيفها للسندات الممتازة وسندات المصدر طويل الأجل لحكومة السلطنة من “بي.أي.أي.3” إلى “بي.أي.1”.

وكانت الحكومة العُمانية قد اعتمدت في يناير موازنة العام الحالي بحجم إنفاق يبلغ نحو 33.5 مليار دولار وبعجز متوقع يصل إلى 7.28 مليار، وهو ما يعادل نسبة 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت حينها إنها ستقوم بتمويل 86 بالمئة من العجز من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي، بينما سيتم تمويل باقي العجز عبر السحب من الاحتياطيات.

ومن المتوقع أن يفاقم قرار موديز رهانات أسواق المال العالمية، التي ترجح أن تواجه السلطنة أزمة مالية شبيهة بالتي واجهتها البحرين العام الماضي، لكنّ محللين يستبعدون حصولها على دعم مماثل للذي حصلت عليه المنامة في ظل مواقف مسقط البعيدة عن أكبر جيرانها الخليجيين.

ويزيد ذلك المخاوف من نشوب أزمة ثقة بالتوازنات المالية بعد أن دفعت أسواق الدين العالمية عوائد سنداتها السيادية لأجل 10 سنوات إلى مستويات حرجة، بلغت في نهاية يناير نحو 7 بالمئة.

وكانت السلطنة، التي تعاني من ضائقة مالية، بطيئة في تنفيذ الإصلاحات بعد انحدار أسعار النفط منتصف عام 2014. وتزايد إقبالها على الاقتراض خلال السنوات الأربع الماضية.

ويقول محللون إن مستثمري أدوات الدين السيادية يخشون من تعرض سلطنة عمان لأزمة مشابهة للتي واجهتها البحرين في العام الماضي حين ارتفعت تكلفة اقتراضها والمراهنات على فك ارتباط عملتها بالدولار.

وخرجت البحرين من الأزمة بفضل حزمة مساعدات من السعودية والإمارات والكويت، كانت مشروطة بتنفيذ إصلاحات مالية وضريبية واسعة بينها تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وقد نفذت بالفعل إصلاحات هيكلية واسعة واستعادت ثقة الأسواق.

58 بالمئة نسبة الدين العام لسلطنة عمان إلى الناتج المحلي الإجمالي بحسب وكالة فيتش

لكنّ مراقبين يقولون إن مسقط قد لا تجد حبل إنقاذ مماثلا بسبب مواقفها البعيدة عن جيرانها الخليجيين خاصة في ما يتعلق بالقضايا الساخنة مثل حرب اليمن والموقف من السياسات الإيرانية المزعزعة لاستقرار المنطقة، إضافة إلى الأزمة مع قطر.

كما أنها تنأى بنفسها حتى عن تطبيق السياسات الاقتصادية الخليجية، حيث لم تفرض حتى الآن ضريبة القيمة المضافة، التي طبقتها السعودية والإمارات منذ أكثر من عام، والتحقت بهما البحرين مطلع العام الحالي.

ويرى محللون أن التوازنات المالية لعمان لا تستطيع أن تبقى بمعزل عن السياق الإقليمي. وقد تواجه خيارات مالية صعبة في ظل مناخ عالمي يميل إلى تعزيز التحالفات السياسية والاقتصادية.

ونقلت وكالة بلومبيرغ عن عبدالقادر حسين، رئيس قسم إدارة أصول الدخل الثابت في “أرقام كابيتال” قوله إن مسقط تسعى هذا العام إلى جمع 6.2 مليار دولار من خلال إصدارات محلية ودولية، لكنها ستكون بحاجة إلى اقتراض المزيد إذا ما تراجعت أسعار النفط مجددا.

وكانت توقعات لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد رجحت الشهر الماضي ارتفاع الدين العام لسلطنة عمان إلى ما يعادل 58 بالمئة إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام المقبل مقارنة بنحو 48 بالمئة في نهاية العام الماضي.

11