خفض قيمة الدينار يضرب القدرة الشرائية للعراقيين

ارتفاع الأسعار وتوقف المصانع التي تستورد المواد الأولية من الخارج.
الأربعاء 2020/12/23
منتجات باتت للعرض فقط

تسبب قرار الحكومة العراقية بخفض قيمة الدينار أمام الدولار بدعوة مواجهة الأزمة المالية وتداعيات كورونا في إرباك نشاط العديد من القطاعات المنتجة خصوصا المصانع التي تستورد المواد الأولية بالعملة الصعبة من الخارج ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأغذية والأدوية، الأمر الذي أثار تجاذبات سياسية قرر على إثرها البرلمان الاجتماع لمناقشة هذه الاستتباعات.

بغداد - أحدث القرار المفاجئ بخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار إرباكا اقتصاديا غير مسبوق في العراق، وتسبب بتراجع حاد في قطاعات كانت تعتبر المحرك الأساسي للسوق المحلية.

وقررت الحكومة العراقية خفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار بنسبة 23 في المئة، وينص القرار على خفض العملة المحلية إلى 1450 دينارا عراقيا لكل دولار، من 1184 دينارا، ما تسبب بارتفاع في أسعار المواد والسلع بنسب لا تقل عن 25 في المئة.

وتبرر المالية العراقية القرار بمواجهة الأزمة المالية التي تتعرض لها البلاد، إثر تراجع أسعار بيع النفط في الأسواق العالمية، بسبب تداعيات فايروس كورونا.

وتوقفت بعض المصانع والشركات مؤقتا في بغداد وبعض المحافظات، خصوصا التي تستورد موادها الأولية من الخارج، إثر خفض قيمة العملة المحلية.

وقال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي محمد الدراجي، في تصريحات صحافية، إن “عملية خفض قيمة الدينار العراقي ستوفر للدولة نحو 10 تريليونات دينار (نحو 6.9 مليار دولار)”.

لكنه يرى أنه “كان من المفترض أن تتبنى الحكومة إجراءات تسبق تعديل سعر صرف الدينار العراقي”.

وأضاف “لو يتم إنفاق نصف المبلغ الذي سيوفره تعديل سعر العملة لمعالجة الآثار السلبية للقرار، يبقى للحكومة نحو 5 تريليونات دينار (3.45 مليار دولار) كلفة رواتب الموظفين لشهر واحد”.

ويعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل نحو 95 في المئة من نفقات الدولة، ويعاني أزمة مالية خانقة، جراء تراجع أسعار الخام بضغط من جائحة كورونا.

محمد الدراجي: عملية خفض الدينار ستوفر للدولة نحو 6.9 مليار دولار
محمد الدراجي: عملية خفض الدينار ستوفر للدولة نحو 6.9 مليار دولار

ووفقا لبيانات البنك المركزي العراقي، بلغ معدل التضخم في العراق 1 في المئة في أكتوبر 2020، على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يشهد ارتفاعا ملحوظا بعد خفض قيمة العملة المحلية.

وتابع الدراجي “كان على الحكومة تبني مخصصات مالية تحت عنوان مخصصات تضخم لمن يقل راتبه الشهري عن مليون دينار عراقي (نحو 800 دولار)”.

وشهدت أسعار السلع ارتفاعا خلال الشهر الماضي، بعد أن وصل سعر صرف الدينار إلى مستوى قياسي متدن عند 1310 دينارات للدولار في ذلك الوقت.

وقال فاضل الفتلاوي، عضو البرلمان عن تحالف الفتح، إن “خفض قيمة الدينار إجراء غير مدروس، سيتسبب بارتفاع في أسعار المواد الغذائية في الأسواق”.

وذكر أن “المواطن يجب ألا يتأثر بأي إجراءات مالية تلجأ إليها الحكومة”.

وقال علي نعمة، الخبير في الشؤون الاقتصادية، إن “الموظفين سيتأثرون بشكل كبير بقرار خفض قيمة الدينار العراقي”.

وقدّر نعمة خسارة الموظف بحوالي 33 في المئة من الدخل بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار السلع الأساسية، والتي تستورد من الخارج بالدولار.

وأوضح أن “قطاعات الأدوية والأغذية والقطاعات الأخرى تأثرت بشكل كبير خلال يومين من تطبيق قرار خفض أسعار العملة المحلية”.

وأضاف “في العراق لا نحتاج إلى خفض قيمة الدينار، بل نحتاج إلى ضغط النفقات العسكرية والنفقات غير الضرورية، وضبط ملف الجمارك، وبالتالي سيتم توفير ما أعلن عما سيتم توفيره بخفض قيمة العملة”.

ودعا 123 نائبا من كتل سياسية مختلفة، في بيان، إلى عقد جلسة “استثنائية” للبرلمان لمناقشة قرار خفض قيمة الدينار.

وقال فراس جمال، صاحب شركة الشرق للأجهزة الكهربائية إن “الوضع الاقتصادي مربك جدا، ولا حلول في الأفق حتى الآن.. الأجهزة الكهربائية مستوردة من خارج البلاد بالدولار ويتم بيعها بالدينار العراقي.. سنواجه مشاكل كبيرة”.

وتابع “حسب الاتصالات مع الشركات والمصانع الأخرى، فإن العديد منها فضل غلق باب معمله أو شركته بانتظار ما ستؤول إليه الأمور”.

والعراق أحد البلدان ذات الاقتصاد الريعي، حيث يعتمد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95 في المئة من نفقات الدولة.

والأسبوع الماضي، قالت مؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية، إن مبيعات البنك المركزي العراقي للفترة 2004 2020 بلغت 582 مليار دولار بخسارة قدرت بـ20.7 مليار دولار نتيجة الفرق بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق السوداء.

ويعيش البلد أزمة مالية خانقة جراء تراجع أسعار النفط بفعل أزمة جائحة كورونا التي شلت قطاعات واسعة من اقتصادات العالم.

وكانت الحكومة العراقية قد أقّرت موازنة العام 2021 بقيمة 150 تريليون دينار (نحو 103 مليارات دولار)، بعجز إجمالي يبلغ 63 تريليون دينار (نحو 43 مليار دولار).

وقال وزير المالية علي علاوي خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزراء آخرين في بغداد “أجرينا تغييرا في سعر صرف الدولار لحماية الاقتصاد، وفارق الإيرادات بتغيير سعر الصرف سيخصص لدعم الفئات الهشة بالمجتمع”.

واعتبر علاوي الموازنة الجديدة “الخطوة الأولى في مسار الإصلاح الاقتصادي”.

وقال وزير التخطيط خالد بتال خلال المؤتمر الصحافي، إن “حجم الإنفاق الاستثماري بموازنة 2021 سيكون بحدود 8 تريليونات دينار (5.4 مليار دولار)”.

وقال وزير العمل عادل الركابي خلال المؤتمر الصحافي إنه “تم استقطاع 40 في المئة من رواتب الرئاسات الثلاث بالموازنة، و30 في المئة من الرواتب الكلية لأعضاء البرلمان والوزراء”.

11