خفض القوات الأميركية في سوريا يشكل عامل ضغط على الأكراد

الحسكة (سوريا)- لا تملك الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، من خيارات سوى التوصل إلى تفاهم شامل مع السلطة السورية، في ظل التقارير الواردة عن اعتزام الإدارة الأميركية تقليص عدد قواتها في المنطقة.
ولطالما شكل الوجود الأميركي نوعا من الضمانة للأكراد في ما يواجهونه من تهديدات من الداخل السوري أو من الجارة تركيا، لكن الوضع قد يتغير خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وسبق وأن وقع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع اتفاقا في مارس الماضي يقضي بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، لكن من دون أن يتحدث عن حل قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية المدعومة أميركيا، أو تسليم سلاحها، بخلاف ما كانت دمشق اشترطته للانضواء تحت مظلة الجيش الجديد الذي يجري العمل على تشكيله.
◄ رغم الموقف الأميركي تجاه السلطة الجديدة في سوريا، لكن ذلك لا يبدد هواجس الأكراد الذين سيتعين عليهم الإسراع في المضي في ترتيبات مع دمشق
ويرجح أن يتم التطرق إلى مثل هذه التفاصيل الجوهرية من خلال لجان مختصة، تم الإعلان عنها في الاتفاق، ويخشى الأكراد من أن قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتقليص عدد القوات في هذا التوقيت الحساس، قد يشكل إشارة سلبية لدمشق للتمسك بمطالبها، لاسيما في علاقة بالإبقاء على نظام مركزي في سوريا، على خلاف ما يتطلعون إليه.
وقال مسؤولان أميركيان لرويترز الثلاثاء إن الجيش الأميركي يستعد لدمج قواته في سوريا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، في خطوة قد تُقلص عددها إلى النصف.
وللجيش الأميركي نحو ألفي جندي في سوريا موزعين على عدد من القواعد، معظمها في الشمال الشرقي. وتعمل القوات الأميركية مع قوات سوريا الديمقراطية تحت غطاء منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، الذي استولى في عام 2014 على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، قبل دحره لاحقا.
وقال أحد المسؤولين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن هذا الدمج قد يقلل عدد القوات في سوريا إلى ألف تقريبا.
وأكد مسؤول أميركي آخر خطة التخفيض، لكنه قال إنه لا يوجد يقين بشأن الأعداد وكان متشككا إزاء تخفيض بهذا الحجم في وقت تتفاوض فيه إدارة الرئيس ترامب مع إيران وتحشد قواتها في المنطقة.
ويرى مراقبون أن تقليص عدد القوات الأميركية سيبقى رهين تقدم المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.

◄ وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث يجري مراجعة عالمية للقوات العسكرية الأميركية حول العالم
وأرسلت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة طائرات، تشمل قاذفات بي-2، وسفنا حربية وأنظمة دفاع جوي لتعزيز قواتها في الشرق الأوسط.
وأعرب ترامب الاثنين عن اعتقاده بأن إيران تؤخر عمدا التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، وإن عليها التخلي عن أي سعي لامتلاك سلاح نووي وإلا ستواجه ضربة عسكرية محتملة على منشآت طهران النووية.
في غضون ذلك، يجري وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث مراجعة عالمية للقوات العسكرية الأميركية حول العالم.
وسعت الحكومة التي يقودها الإسلاميون في سوريا، والتي تولت السلطة بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر، إلى إعادة بناء علاقات سوريا في المنطقة وخارجها.
قدمت الولايات المتحدة لسوريا في مارس قائمة شروط للوفاء بها مقابل تخفيف جانب من العقوبات، لكن إدارة ترامب لم تتواصل كثيرا مع حكام البلاد الجدد.
ويحرص مسؤولون في البيت الأبيض على اتخاذ موقف أكثر تشددا، مشيرين إلى العلاقات السابقة بين القيادة السورية الجديدة وتنظيم القاعدة كسبب لإبقاء التعامل مع دمشق في حده الأدنى.
ورغم الموقف الأميركي تجاه السلطة الجديدة في سوريا، لكن ذلك لا يبدد هواجس الأكراد الذين سيتعين عليهم الإسراع في المضي في ترتيبات مع دمشق.
وجرى مؤخرا اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق في حلب، تم بموجبه تسليم الإدارة الأمنية لحيي الشيخ مقصود والأشرفية إلى الأجهزة الأمنية السورية، ومغادرة القوات الكردية باتجاه شمال شرق سوريا.