خفض الفائدة ينقل عبء تحفيز اقتصاد تركيا إلى البنوك

رجح محللون أن تنقل الحكومة التركية عبء تحفيز الاقتصاد خلال الفترة المقبلة إلى القطاع المصرفي في أعقاب القرار المفاجئ للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة على الرغم من التباين في طريقة السير في هذا الطريق الرامي إلى السيطرة على التضخم ودعم الليرة المنهارة.
أنقرة - حصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مبتغاه بخفض جديد لسعر الفائدة من البنك المركزي، والآن أصبحت الأنظار متجه إلى ما يقوم به القطاع المصرفي لتحفيز الاقتصاد في ظل تضخم تاريخي وليرة تترنح أمام الدولار الأميركي.
وبعد شهرين من وعد أردوغان بتخفيض أسعار الفائدة نفذ المركزي الخميس الماضي ما يريده، على الرغم من التضخم الهائل إلى ما يقرب من 80 في المئة وإجماع الاقتصاديين على أنه ينبغي رفعها بدلا من ذلك.
وخفض المركزي سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس ليبلغ 13 في المئة بعد تثبته عند 14 في المئة لسبعة أشهر، قائلا بعد اجتماع مجلس إدارته إنه "في حاجة إلى مواصلة دفع النمو الاقتصادي" رغم اتجاه البنوك المركزية الأخرى لتشديد السياسات.
وقالت لجنة السياسة النقدية برئاسة محافظ المركزي شهاب قاوجي أوغلو إنها ستعمل أيضا على "تعزيز مجموعة السياسة الاحترازية الكلية" لتعزيز آلية انتقال السياسة النقدية.
وخصت على وجه التحديد اتساع الفارق بين سعر الفائدة المنخفض الذي تقره السلطات النقدية وتلك المعروضة في البنوك الخاصة.

وهذا الوضع برز بسبب وجود اختلاف حاد بين الاثنين في الأشهر الأخيرة، حيث يتقاضى المقرضون التجاريون الآن أكثر من ضعف سعر البنك المركزي، والذي ظل ثابتا منذ ديسمبر الماضي حتى التخفيض المفاجئ في وقت سابق هذا الأسبوع.
وفي الوقت نفسه، ارتفع متوسط سعر الفائدة على القروض التجارية بالعملة المحلية إلى 30 في المئة خلال يوليو الماضي، وهو أعلى معدل في أربع سنوات.
وفي حين انخفض قليلا وسط شكاوى من رجال الأعمال من أزمة مالية، فإنه لا يزال عند 27 في المئة حتى الثاني عشر من أغسطس الجاري.
ووفقا لبيانات رسمية فقد بلغ متوسط أسعار قروض السيارات 28 في المئة، وظلت معدلات قروض المستهلكين أعلى من 30 في المئة منذ الشهر الماضي.
ويتوقع هاكان كارا كبير الاقتصاديين السابق في البنك المركزي أن يتم تشجيع البنوك المحلية من خلال بعض قيود الميزانية العمومية الإضافية لتقريب معدلات قروضها من معدلات الودائع.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى كارا أستاذ الاقتصاد بجامعة بيلكنت في أنقرة قوله إن "تعزيز الاقتصاد من خلال الائتمان هي السياسة التي طالما فضلتها حكومة أردوغان".
ففي أواخر عام 2016 أطلقت الحكومة صندوق ضمان الائتمان، الذي يُمكن للشركات من خلاله الوصول إلى الاقتراض المدعوم من الحكومة.
وأدى هذا النهج في النهاية إلى نتائج عكسية حيث تسبب الائتمان الجديد في "ارتفاع درجة حرارة" الاقتصاد التركي وساهم في انهيار الليرة في أغسطس 2018.
ويقول الاقتصاديون إنهم يتوقعون الآن أن تتماشى السلطة المصرفية التركية (بي.دي.دي.كا) مع سياسة معدلات الفائدة المنخفضة للبنك المركزي من خلال التدخل للضغط على المقرضين التجاريين من أجل التيسير المستهدف.
وسيؤدي القيام بذلك إلى عكس بعض تحركات “بي.دي.دي.كا” التضييق في الأشهر الأخيرة، مثل تقصير فترات سداد الديون للقروض الاستهلاكية وزيادة وزن المخاطر إلى 200 في المئة على بعض القروض التجارية.
وقال نك ستادميلر مدير الأسواق الناشئة في شركة ميدلي غلوبال أدفايزورس، ومقرها نيويورك، إن "البنك المركزي سيسعى على الأرجح لخفض تكاليف الإقراض للقطاعات المستهدفة، مع منع نمو الائتمان الجامح في الآخرين".
وأضاف إن "السياسات الاحترازية الكلية التي تؤثر على تكلفة وتخصيص الائتمان ستكون أكثر أهمية بكثير من العبث بمعدل السياسة بنسبة 1 أو 2 في المئة هنا أو هناك".
وفي حين لا يُبذل الكثير من الجهد لتهدئة الإقراض، فإن الجهود توفر المزيد من الوقت للمركزي وسط تعرض الليرة لضغوط، وارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين.
وقال إيفرن كريك أوغلو مؤسس شركة سارديس للأبحاث والاستشارات، ومقرها إسطنبول، إنه "لن يكون من المفاجئ رؤية لوائح قادمة من شأنها أن تحد من معدلات القروض التي يُسمح للبنوك بفرضها".
وبسبب السياسة النقدية الفضفاضة للغاية التي يفضلها الرئيس أردوغان، انطلق الاقتصاد البالغ حجمه نحو 800 مليار دولار إلى الأمام مع خروجه من الأزمة الصحية، واستمر في التوسع بواحد من أسرع المعدلات في مجموعة العشرين.
◙ اقتصاديون يتوقعون أن تتماشى السلطة المصرفية التركية مع سياسة معدلات الفائدة المنخفضة للبنك المركزي من خلال التدخل للضغط على المقرضين التجاريين من أجل التيسير المستهدف
لكن البنك المركزي، في تبريره لخفضه، حذر من "فقدان بعض الزخم في النشاط الاقتصادي" في بداية الربع الثالث من هذا العام.
ويعرض الاستئناف المفاجئ للتيسير النقدي للخطر الليرة، إحدى العملات الأسوأ أداءً في العالم هذا العام.
وضعفت العملة بنسبة تصل إلى 1 في المئة مقابل الدولار الأميركي بعد القرار الأخير حول سعر الفائدة، حيث انخفضت العملة إلى أدنى مستوى لها منذ العشرين من ديسمبر الماضي.
وقال مصرفيون ومحللون إن العملة اقتربت من أدنى مستوياتها على الإطلاق الجمعة عند 18.1 ليرة لكل دولار بعد قرار المركزي الذي استغل تدفقا غير متوقع للأموال الأجنبية في الآونة الأخيرة ليواصل تجربته الاقتصادية غير التقليدية.
وتوقف المحللون عن الحذر حيث خفضت تركيا بشكل غير متوقع معدل إعادة الشراء.
ويتابع صانعو السياسة الأتراك تصميم أردوغان على خفض تكاليف الاقتراض قدر الإمكان، مع أقل من عام قبل الانتخابات الرئاسية، على الرغم من ظهور قفزات الأسعار كتهديد رئيسي لشعبته.
وقام البنك المركزي بتعديل توقعات التضخم لهذا العام أعلى بنحو 18 نقطة مئوية، ويتوقع الآن أن يصل التضخم في نهاية العام إلى 60 في المئة، أي 12 ضعف الهدف، مع توقع ذروة تبلغ حوالي 85 في المئة في غضون أشهر.
وقال محللو بنك "آي.أن.جي" بمن فيهم محمد ميركان في مذكرة "قد نرى تدابير إضافية للحفاظ على سياسات نمو الائتمان الانتقائية، ودعم نمو احتياطي العملات الأجنبية، وزيادة الطلب على أصول الليرة، وتحويل الطلب على العملات الأجنبية في الفترة المقبلة".