خفض أميركي محتمل لقواته في سوريا يثير قلق إسرائيل

واشنطن - كشف مسؤولان أميركيان لرويترز، الثلاثاء، عن استعداد الجيش الأميركي لدمج قواته في سوريا خلال الأسابيع والأشهر القادمة، في خطوة يُحتمل أن تخفض عددها إلى النصف تقريبا.
وبالتزامن، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية بأن مسؤولين في البنتاغون أطلعوا المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على هذه الخطة، مشيرة إلى توقعات ببدء التنفيذ في غضون شهرين.
ويتمركز نحو ألفي جندي أميركي في عدة قواعد سورية، أغلبها في الشمال الشرقي، حيث تعمل القوات الأميركية بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد إلى منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي سبق له السيطرة على مناطق واسعة في سوريا والعراق.
وساهمت هذه القوات في تسليح قسد وهو ما اثار غضب دول مثل تركيا التي تعتبر القوى الكردية في سوريا خطرا حقيقيا على أمنها القومي. وسيثير خفض القوات الاميركية في قواعد شمال سوريا ارتياح أنقرة التي تسعى للهيمنة على الدولة السورية والحد من الخطر الكردي.
ويمثل الوجود الأميركي عاملا في التوازنات الإقليمية المعقدة في سوريا، والتي تشمل أطرافا فاعلة مثل تركيا وإيران وإسرائيل.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن تل أبيب تبذل جهودا لإقناع واشنطن بتقليص حجم الانسحاب، خشية أن يؤدي ذلك إلى زيادة "شهية" تركيا لتوسيع نفوذها في سوريا، وهو ما تعارضه إسرائيل بشدة.
وتخشى إسرائيل من أن يؤدي الفراغ الذي قد يخلفه الانسحاب الأميركي إلى سيطرة تركيا على المزيد من المناطق الاستراتيجية في سوريا.
وبينما قال أحد المسؤولين، لرويترز "تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته" إن هذا الدمج قد يقلل عدد القوات في سوريا إلى ألف تقريبا، أكد مسؤول أميركي آخر خطة التخفيض، لكنه قال إنه لا يوجد يقين بشأن الأعداد وكان متشككا إزاء تخفيض بهذا الحجم في وقت تتفاوض فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب مع إيران وتحشد قواتها في المنطقة.
وأرسلت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة طائرات، تشمل قاذفات بي-2، وسفنا حربية وأنظمة دفاع جوي لتعزيز قواتها في الشرق الأوسط.
وقال ترامب الاثنين إنه يعتقد بأن إيران تؤخر عمدا التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، وإن عليها التخلي عن أي سعي لامتلاك سلاح نووي وإلا ستواجه ضربة عسكرية محتملة على منشآت طهران النووية.
وفي غضون ذلك، يجري وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث مراجعة عالمية للقوات العسكرية الأميركية حول العالم.
وتأتي هذه التطورات في ظل سعي الحكومة السورية الجديدة، التي يقودها إسلاميون وتولت السلطة في ديسمبر الماضي بعد الإطاحة ببشار الأسد، إلى إعادة بناء علاقات البلاد إقليميا ودوليا.
ووقعت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، بدعم من الولايات المتحدة، الشهر الماضي اتفاقا مع دمشق بشأن دمج الهيئات الحاكمة وقوات الأمن التي يقودها الأكراد مع الحكومة المركزية.
وقدمت الولايات المتحدة لسوريا في مارس قائمة شروط للوفاء بها مقابل تخفيف جانب من العقوبات، لكن إدارة ترامب لم تتواصل كثيرا مع حكام البلاد الجدد.
ويحرص مسؤولون في البيت الأبيض على اتخاذ موقف أكثر تشددا، مشيرين إلى العلاقات السابقة بين القيادة السورية الجديدة وتنظيم القاعدة كسبب لإبقاء التعامل مع دمشق في حده الأدنى.
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أعلن مؤخرا عن محادثات فنية مع إسرائيل لخفض التوترات بشأن سوريا، لكنه استبعد أي توجه نحو تطبيع العلاقات.
وتعد تركيا داعما رئيسيا لتحالف الفصائل السورية التي أطاحت بالأسد، ويثير نفوذها المتزايد قلق إسرائيل التي نفذت غارات جوية وعمليات برية في سوريا للحفاظ على أمن حدودها. وقد طالبت تركيا إسرائيل بوقف "الهجمات الاستفزازية" في سوريا.
وكان الرئيس الأميركي قد عرض الأسبوع الماضي التوسط بين إسرائيل وتركيا، مشيراً إلى "علاقاته الرائعة" مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة في المنطقة.
ويبقى مستقبل الوجود العسكري الأميركي في سوريا غير واضح المعالم، لكن التحركات الحالية تشير إلى توجه نحو تقليص القوات، وهو ما يثير تساؤلات حول تداعياته على التوازنات الإقليمية ومستقبل الحرب ضد تنظيم داعش، فضلاً عن تأثيره على مصالح حلفاء واشنطن في المنطقة، وعلى رأسهم إسرائيل.