خط تزنيت - الداخلة السريع رابط حيوي للوجستيات الاقتصاد المغربي

المشروع يحول البلد إلى منصة أساسية لمفترق الطرق بين أفريقيا وأوروبا.
الخميس 2024/07/04
لا نهاية لدروب التنمية

اقترب المغرب بشكل كبير من تسجيل نقلة في مجال النقل البري مع تنفيذ مشاريع البنية التحتية للطرق، بما فيها خط تزنيت – الداخلة السريع الذي يشكل رابطا حيويا للوجستيات الاقتصاد الذي تراهن عليه السلطات لتعزيز حركة السفر والتجارة محليا وإقليميا ودوليا.

الرباط - تعد الطريق السريعة بين مدينتي تزنيت والداخلة أحد أكثر مشاريع البنية التحتية طموحا في المغرب، والتي سيكون لها تأثير هائل على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

ويوفر مشروع الطريق، الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس سنة 2015 على طول 1055 كيلومترا تخليدا للذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، للمنطقة الجنوبية طريقا شريانيا مهما.

ومن شأن هذا المشروع تسهيل انسيابية حركة مرور وسائل النقل الخفيفة والثقيلة، بما يتماشى مع معايير السلامة الدولية، مما يعزز شبكة الطرق في البلاد.

وعادة ما تتيح الطرق السريعة سهولة الربط بالموانئ، التي تُعدّ بوابات التجارة الدولية، ولذلك، تُعدّ مقوما أساسيا لقطاع الأعمال، الذي يشكل جزءا من سلاسل القيمة والأسواق الإقليمية والعالمية.

ويعتبر قطاع النقل، الذي يشكل أحد الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي والتنمية في البلاد، من بين أهم أولويات الحكومة، التي تهتم به إلى جانب العديد من المجالات الأخرى.

الخطاط ينجا: الطريق هي الوحيدة التي تربط أوروبا بجنوب الصحراء
الخطاط ينجا: الطريق هي الوحيدة التي تربط أوروبا بجنوب الصحراء

وستتفيد من ازدواجية وتوسيع الطريق الأولى بين تزنيت والداخلة، التي تنفذها وزارة التجهيز بميزانية قدرها 9 مليارات درهم (880 مليون دولار)، أربع جهات في الجنوب، إلى جانب الأقاليم العشرة الملحقة بها، بالإضافة إلى أكثر من 2.2 مليون نسمة.

ومن المرجح أن يستفيد الاقتصاد المغربي بشكل كبير من مشروع الطريق لأنه سيعزز فرص العمل على طول الطريق السريعة، التي تتطلب 2.5 مليون يوم عمل لإنجازه، مما يولد 30 ألف يوم عمل من العمل المباشر و150 ألف يوم عمل غير مباشر بعد إنجازه.

وسيكون تدفق حركة المرور أسرع بكثير حيث سيتم تقليل وقت السفر بمقدار 5 ساعات للشاحنات و3 ساعات للمركبات الخفيفة، مما يعزز التواصل بين المناطق الجنوبية، إضافة إلى أن الطريق ستقلل من تكاليف السفر بشكل كبير وتعزز المراكز اللوجستية التي تتعامل مع الإنتاج والتوزيع.

وتعمل الرباط على تنفيذ برنامج خاص لإعادة تأهيل البنية التحتية وإطلاق مشاريع متنوعة بجهة الداخلة – وادي الذهب للفترة الممتدة بين 2022 و2025.

ومن بين المشاريع الكبرى التي ستعمل باستمرار على تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بين المغرب وبلدان أفريقيا، ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يتطلب استثمارا بقيمة 1.1 مليار دولار.

وحقق المغرب خلال العقدين الأخيرين مجموعة من الإنجازات في مجال تحسين مناخ الأعمال والبنية التحتية واللوجستيات، وساهمت في جعله وجهة استثمارية معترفا بها عالميا.

وقامت الحكومات المتعاقبة باعتماد سياسة مندمجة وأكثر كفاءة بهدف تطوير مناخ الأعمال وتحفيز الشركات على النشاط بشكل أكبر حتى تصبح أكثر إنتاجية وتتمكن من توفير فرص عمل جديدة للمواطنين وتكون أكثر استجابة للمستثمرين المحليين والدوليين.

وستعزز الطريق السريعة تنزيت – الداخلة أيضا التبادل الاقتصادي بين شمال البلاد وجنوبها وتعزز الدور الرئيسي للمغرب في ربط أفريقيا بأوروبا من خلال شبكة طرق مستدامة وآمنة.

كما أنها ستلعب دورا محفزا للاستثمار في مختلف القطاعات، بما في ذلك السياحة والصناعة والتعليم والرعاية الصحية وغيرها.

وسيمكن إنجاز الربط البري، من خلال هذه الطريق من إرساء محور تجاري قوي بين المغرب وموريتانيا في اتجاه أفريقيا جنوب الصحراء، وبالتالي زيادة تدفق حركة النقل والسفر والتجارة الدولية.

وقال الخطاط ينجا، رئيس المجلس الجهوي للداخلة – وادي الذهب، إن “المغرب يريد أن يجعل من الطريق السريعة طريقا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، وهي الطريق الوحيدة التي تربط أوروبا بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”.

وأضاف إن “رؤية الملك محمد السادس تتمثل في جعل الجهات الجنوبية قطبا كبيرا للتنمية”.

واستخدمت كل من الخدمات العامة والشركات الخاصة مهاراتها المهنية للتغلب على التحديات الرئيسية، مثل التضاريس الوعرة، والجائحة التي أوقفت العمل لفترة بعد عمليات الإغلاق المتكررة، والارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء إلى جانب نقصها.

وتتضمن الطريق السريعة 16 جسرا كبيرا جديدا على طول الطريق، مما يساعد على تجنب توقف حركة المرور بسبب سوء الأحوال الجوية والفيضانات.

أما بالنسبة إلى التضاريس الوعرة، فقد تطلبت نحو 114 كيلومترا مع جسورها الخمسة إنشاءات ضخمة بميزانية قدرها مليارا درهم (200.47 مليون دولار).

ويمكن للمغرب أن يفخر بالتعامل مع التحديات بكفاءة بفضل خبرته وكفاءة جميع المشاركين في المشروع، بما في ذلك رواد الأعمال والمهندسين والمستثمرين.

تدفق حركة المرور سيكون أسرع وستتقلص التكاليف بشكل كبير وستتعزز المراكز اللوجستية التي تتعامل مع الإنتاج والتوزيع

وبفضل الطريق السريعة يبرز جنوب المغرب الآن كمنصة أساسية لمفترق الطرق بين قارتي أفريقيا وأوروبا.

وخلصت دراسة أجراها خبراء في البنك الدولي قبل فترة أن توسع شبكة الطرق في المغرب يساهم بشكل كبير في تحفيز أنشطة القطاع الخاص الذي تعول عليه الحكومة في دفع عجلات التنمية الشاملة خلال المرحلة المقبلة.

وأكد أنه لتطوير البنية التحتية تأثير قوي على نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث تُعد الطرق عنصرا بالغ الأهمية للنمو المستدام، حيث تجذب الاستثمارات في مجال أنشطة الأعمال والشركات وتُسهّل أنشطة التبادل التجاري الأساسية وتزيد من التنافسية.

ويعتمد قرار الشركات في اختيار مواقعها غالبا على سهولة الوصول إلى الطرق الجديدة وجيدة الصيانة لضمان مرونة تجارتها والنقل بكفاءة وفاعلية مما يدعم نمو صناعة اللوجستيات.

وتسارع تطوير شبكة الطرق البرية في البلاد بشكل كبير منذ أوائل تسعينات القرن الماضي، حيث تشير العديد من المؤشرات الدولية إلى أن المغرب بات يمتلك أحد أكثر شبكات النقل البري تطورا على مستوى قارة أفريقيا.

وبحسب خبراء المؤسسة المالية الدولية المانحة فإن المغرب متقدم عن نظرائه في ما يتعلق بكثافة الطرق المعبدة. وأشاروا إلى أن البلد لديه شبكة من الطرق يبلغ طولها 60 ألف كيلومتر، منها 45.2 ألف كيلومتر معبدة.

ويساهم قطاع النقل بجميع الوسائل مجتمعة، في 15 في المئة من الإيرادات السنوية الدولة، وفي تشغيل خمسة في المئة من السكان النشطين العاملين، وهو ما مثل 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022.

11