خطورة الإصابة بكوفيد طويل الأمد تراجعت ولكنها مازالت متواجدة

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) – خلصت دراسة جديدة إلى أن خطورة الإصابة بكوفيد طويل الأمد، وهي أعراض مستمرة وفي بعض الأحيان مؤلمة بصورة كبيرة تستمر لما بعد الإصابة بفايروس كورونا، تراجعت منذ بداية الجائحة، حيث تم رصد الانخفاض بصورة كبيرة بين الذين تلقوا اللقاح.
ولكن الانخفاض لا يعني أن خطورة الإصابة بكوفيد طويل الأمد لم تختف. وفي ظل ارتفاع حالات الإصابات الجديدة، خاصة خلال فترات مثل الآن، حيث تظهر البيانات ارتفاع معدل انتقال العدوى، حتى إن انخفاض معدل الانتشار يعني أن العديد من الأميركيين يواجهون خطورة الإصابة بأعراض يمكن أن تستمر لشهور أو أعوام بعد التعافي من الإصابة الأولية.
وذكرت صحيفة لوس أنجلس تايمز أن زياد العلي، رئيس إدارة البحث والتطوير في نظام الرعاية الصحية لشؤون المحاربين القدامى في سانت لويس في ميسوري، قال “لدينا أشخاص هنا في العيادة يعانون من كوفيد طويل الأمد، وهم يعانون بصورة كبيرة، وبعضهم يصبحون معاقين بدرجة كبيرة”.
وخلصت الدراسة، التي نُشرت في دورية نيو إنجلاند جورنال أوف ميدسين، إلى أن 10.4 في المئة من الذين أصيبوا بالعدوى في بداية الجائحة عانوا من أعراض كوفيد طويل الأمد بعد عام على إصابتهم بالعدوى.
10.4
في المئة من الذين أصيبوا بالعدوى أثناء الجائحة عانوا من أعراض كوفيد طويل الأمد
ولكن خلال فترة انتشار متحور أوميكرون، التي بدأت منتصف ديسمبر 2021، عندما أصبح المتحور النسخة المهيمنة المنتشرة في أنحاء العالم، عانى 3.5 في المئة من الملقحين من كوفيد طويل الأمد بعد عام من إصابتهم بالعدوى، وكذلك 7.8 في المئة من غير الملحقين.
وقال العلي، المشارك في وضع الدراسة، “إنها أنباء جيدة”. وأضاف “كوفيد طويل الأمد يتراجع. فهو ينخفض وتضاءل خلال مسار الجائحة”. ولكنه حذر من أن معدلات الإصابة بكوفيد طويل الأمد مازالت مرتفعة كما هي، خاصة في ظل “استمرار إصابة الملايين بكوفيد”.
واعتمدت الدراسة على السجلات الصحية للإدارة الأميركية لشؤون المحاربين القدامى، التي تحتفظ ببيانات أكثر من 441 ألفا من المحاربين القدامي الذين أصيبوا بفايروس كورونا في الفترة ما بين الأول من مارس 2020 ويناير 2022، وتمت متابعتهم بعد عام على إصابتهم بالعدوى لمعرفة ما إذا كانوا قد أصيبوا بكوفيد طويل الأمد.
ووفقا للمركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنه عندما يصاب شخص بفايروس كورونا، تكون هناك احتمالية لإصابته بكوفيد طويل الأمد، وهو مصطلح شامل يُستخدم لوصف مجموعة من الأعراض الخطيرة التي يمكن أن تؤدي إلى إعاقة مزمنة. وعانى بعض الأشخاص من كوفيد طويل الأمد بصورة مستمرة منذ إصابتهم بالعدوى في أولى أيام جائحة كورونا، في حين تعافى آخرون من الأعراض خلال أشهر.
وتتضمن أعراض كوفيد طويل الأمد الإرهاق الذي يعوق الحياة اليومية، وتشوش الدماغ والشعور بالتوعك بعد الجهد، حيث تزداد الأعراض سوءا مع ممارسة أي جهد بدني أو ذهني. كما يمكن أن يسبب كوفيد طويل الأمد تسارع ضربات القلب والدوار عند الوقوف والاكتئاب والقلق.
وهناك بضعة أسباب محتملة جعلت كوفيد طويل الأمد أكثر ندرة مما كان عليه. وأول هذه الأسباب هو أن فايروس سارس – كوف2 – تغير بصورة كبيرة منذ أن تم رصده أول مرة في ديسمبر 2019.
وقال العلي “ما زلنا نطلق عليه كوفيد، ولكن في حقيقة الأمر غيّر كوفيد أشكاله بالنسبة إلينا عدة مرات”. وأضاف أن هذا يفسر سبب “انخفاض الخطورة حتى بين غير الملقحين”. وأوضح “لذلك فإنه حتى بدون الحصول على اللقاحات، فإن الفايروس نفسه تراجعت قوته على مدار الوقت”.
25
ألف حالة وفاة بسبب الأنفلونزا منذ بداية أكتوبر الماضي مقارنة بما لا يقل عن 46 ألف حالة وفاة بكوفيد خلال نفس الفترة
ولكن الدراسة توصلت إلى أن الحصول على اللقاح يقلص بصورة أكبر خطورة الإصابة بكوفيد طويل الأمد. وقال العلي “اللقاحات تقوم بدورين: فهي تحد من حدة العدوى”. وأضاف “ثانيا، فهي تساعد نظام المناعة في التخلص من الفايروس سريعا”. وأوضح “اللقاحات تعزز من قدرة نظام المناعة على التخلص من الفايروس، لذلك تتواجد فايروسات أقل قادرة على الإضرار بالأعضاء والأنظمة الجسدية”.
ومن أبرز النظريات حول سبب كوفيد طويل الأمد أن فايروس كورونا يتواجد في الجسد بعد فترة من انتهاء العدوى، حسبما قال العلي. لذلك إذا كان اللقاح يساعد نظام المناعة في التخلص من الفايروس سريعا، فإن ذلك يقلص من فرص الإصابة بكوفيد طويل الأمد. وبيّن العلي “نحن نعلم أن المناعة الناجمة عن اللقاح تتضاءل مع مرور الوقت”.
وتشير بيانات إلى أن الإصابة بكوفيد طويل الأمد تراجعت منذ بداية الجائحة. وبناء على البيانات، فإن معدل انتشار كوفيد طويل الأمد بين البالغين الأميركيين بلغ 7.5 في المئة مطلع يونيو 2022، ولكنه انخفض إلى نحو 6 في المئة مطلع يناير 2023، وفقا لتقرير نشره المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها الصيف الماضي. ومنذ ذلك الحين “لم يتغير معدل الانتشار” حتى منتصف يونيو 2023 قبل نشر ذلك التقرير.
ومازال كوفيد وكوفيد طويل الأمد يمثلان تهديدا كبيرا على الصحة مقارنة بالأنفلونزا. وقال العلي إن الأشخاص في بعض الأحيان يعانون من تأثيرات سلبية بعد الإصابة بالأنفلونزا، ولكن “هناك بالتأكيد حالات إصابة بكوفيد أكثر من الأنفلونزا. لذلك من المرجح بصورة كبيرة، أن تكون نسبة الإصابة بكوفيد أعلى من الأنفلونزا”.
وحتى في الوقت الحالي، يتوفى عدد أكبر من الأشخاص بسبب كوفيد مقارنة بالأنفلونزا، حسبما قال العلي. ويقدر المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أنه تم تسجيل ما لا يقل عن 25 ألف حالة وفاة بسبب الأنفلونزا منذ بداية أكتوبر الماضي مقارنة بما لا يقل عن 46 ألف حالة وفاة بكوفيد خلال نفس الفترة.
وبجانب الحصول على اللقاح، هناك سبل أخرى لتجنب الإصابة بكوفيد طويل الأمد تتضمن الخضوع للاختبار عند الشعور بالتعب لمعرفة ما إذا كان المرء أصيب بكوفيد. وأشار العلي إلى أن التشخيص المؤكد يمكن أن يساعد الأشخاص المعرضين لخطورة مرتفعة على الحصول على دواء باكسلوفيد، وهو حبوب مضادة للفايروسات يمكن أن تساعد في الحد من حدة العدوى وربما تقلل من خطر الإصابة بكوفيد طويل الأمد.