خطوة بريطانية أحادية بشان ايرلندا الشمالية بعد بريكست تغضب اوروبا

الحكومة البريطانية تبدا تحركها بعد أشهر من الجمود عبر عرض مشروع قانون أمام البرلمان يعدل وضع ايرلندا الشمالية في مرحلة ما بعد بريكست مع مخاطر اتخاذ الأوروبيين إجراءات رد لأنهم يعتبرون النص غير قانوني.
الأربعاء 2022/06/15
الحكومة البريطانية تقول انها تتصرف وفق الحدود القانونية

لندن - بدأت الحكومة البريطانية الاثنين تحركها بعد أشهر من الجمود عبر عرض مشروع قانون أمام البرلمان يعدل وضع ايرلندا الشمالية في مرحلة ما بعد بريكست مع مخاطر اتخاذ الأوروبيين اجراءات رد لانهم يعتبرون النص غير قانوني.
فيما هدد الاتحاد الاوروبي الحكومة البريطانية بتحرك قضائي معتبرا ان مبادرتها تسيء الى "الثقة المتبادلة"، اعتبرت لندن انه لم يعد بامكانها الانتظار نظرا للشلل السياسي الذي سببه البروتوكول الايرلندي الشمالي في المقاطعة البريطانية.
وبعدما هددت سابقا بالالتفاف على هذه الاتفاقية الدولية التي تفاوضت عليها ووقعتها، فضلت حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون اللجوء الى التشريع لتعديل النص من جانب واحد.
لكن وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس قالت على التلفزيون "نحن واضحون جدا حيال واقع اننا نتصرف بشكل قانوني".
وفي حال اعتماده، ما يمكن ان يستغرق عدة أشهر، سيضع هذا النص "حدا لهذا الوضع الذي لا يحتمل حيث يتلقى سكان ايرلندا الشمالية معاملة مختلفة عن بقية أنحاء بريطانيا، وسيحمي سيادة محاكمنا ووحدة أراضينا" كما اضافت في بيان مدافعة عن "حل عقلاني".
وكررت القول ان لندن تبقى منفتحة على حل متفاوض عليه لكن بشرط ان يقبل الاتحاد الأوروبي "تغيير البروتوكول" وليس فقط تعديله كما هو الحال عليه الآن.
فالبروتوكول الذي أبرم لحماية السوق الأوروبية الموحدة، أنشأ حدودا جمركية في بحر ايرلندا لإبقاء ايرلندا الشمالية في المدار الجمركي للاتحاد الأوروبي وتجنب إنشاء حدود برية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية ايرلندا، العضو في الاتحاد الاوروبي، وحماية اتفاق" الجمعة العظيمة الذي وقّع في العام 1998 ووضع حدا لأعمال عنف دامية استمرت عقودا اسفرت عن مقتل 3500 شخص.
ولحل هذه المعضلة، وافقت حكومة جونسون على ان تبقى ايرلندا الشمالية بحكم الأمر الواقع ضمن السوق الأوروبية ما أدى الى وجود الحدود الجمركية.
وأعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن أسفه للخطوة البريطانية وأكد بأن الاتحاد الأوروبي سيرد "بشكل موحد" بينما حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لندن على "مواصلة المفاوضات بحسن نية".
وإذ تؤكد الحكومة أن النص المقترح "قانوني"، إلا أن حزب العمال المعارض والحزب الجمهوري الأيرلندي "شين فين" يتهمانها بـ"انتهاك القانون الدولي".
لكن الوحدويين يرون أنه يشكل تهديداً لمكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة التي يرتبطون بها بشدة. وبينما يعرقل الحزب الوحدوي الرئيسي منذ عدة أشهر تشكيل حكومة محلية، أعلنت حكومة لندن في منتصف مايو عن رغبتها في سن تشريع.
وترغب الحكومة البريطانية في اعتماد نظام جديد بحيث تمر البضائع المتداولة والمتبقية داخل بريطانيا عبر "قناة خضراء جديدة" وتحررها من الإجراءات الإدارية. وتبقى البضائع الموجهة للاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.
بحسب مشروع القانون فان المقاطعة ستتمكن من الاستفادة من نفس المساعدات التي تقدمها الدولة مثل كل انحاء بريطانيا وستتم تسوية الخلافات أمام آلية تحكيم مستقلة وليس أمام محكمة العدل الأوروبية، وهي نقطة خلاف رئيسية بين لندن وبروكسل.
وقال جونسون لإذاعة "إل بي سي" الاثنين إنها "تغييرات بيروقراطية ضرورية، وبصراحة إنها سلسلة تعديلات بسيطة إلى حد ما" مؤكدا أن مشروع القانون شرعي.
واوضح أن "التزامنا الأساسي كدولة يتعلق باتفاقية الجمعة العظيمة في بلفاست".
ودافعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس عن موقف بلادها في اتصال مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش ونظيرها الايرلندي سايمون كوفني الاثنين ثم مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن فيما عبرت إدارة جو بايدن عن انتقادات كثيرة.
وأكد سيفكوفيتش أن الاتحاد الأوروبي قدم "الحلول" معربا عن أسفه "للعمل الأحادي الجانب الذي يقوض الثقة المتبادلة".
وكوفيني الذي استمرت المكالمة معه بالكاد 12 دقيقة، اعتبر أن النص "ينتهك التعهدات البريطانية المتعلقة بالقانون الدولي" متهمًا تراس "بعدم المشاركة في مفاوضات ذات مغزى مع الاتحاد الأوروبي".
وردت تراس "نحن نفضل حلاً تفاوضيًا لكن يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعدًا لتعديل البروتوكول" مشددة على ضرورة "اعادة الاستقرار السياسي".
في بلفاست ورغم مشروع القانون، لا يزال الحزب الوحدودي يرفض المشاركة في الحكومة الجديدة والتي سيتولى الجمهوريون من حزب شين فين رئاستها للمرة الاولى بعد فوزهم في الانتخابات المحلية في 5 مايو.
وأشاد زعيم الحزب الوحدودي جيفري دونالدسون ب"خطوة مهمة" لكنه قال إنه يرغب في رؤية مشروع القانون يتقدم في البرلمان قبل إبداء رأي.
وفي رسالة مشتركة، قال نواب من أحزاب تمثل الغالبية في الجمعية المحلية (بينهم الشين فين) إنهم "يرفضون بأشد العبارات الممكنة" القانون البريطاني. وأضافوا "رغم انه ليس مثاليا، الا ان البروتوكول يمثل الحماية الوحيدة المتوافرة" من آثار بريكست لكن أيضا "مكسبا اقتصاديا مع إمكانية الوصول الى سوقين رئيسيين".