خطوة أردنية على طريق استقلال الإعلام الرسمي

تعديل قانوني يسمح بألا تكون رئاسة مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون ووكالة بترا حكرا على وزير الاتصال الحكومي.
الاثنين 2025/01/06
إعادة هيكلة حكومية

عمان - قرر مجلس الوزراء الأردني إتاحة فصل رئاسة مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الرسمية “بترا” عن وزير الاتصال، في خطوة لضمان استقلالية الإعلام الرسمي، بهدف تطوير آلية العمل وسط تساؤلات عن قدرة هذه الخطوة على توسيع هامش الحرية ودفع الإعلاميين إلى تجاوز الرقابة الذاتية.

وأكد وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني أن ضمان استقلالية الإعلام الرسمي ركيزة أساسية في تحقيق التحديث السياسي المنشود، لذلك اتخذ مجلس الوزراء قرارا في جلسته السبت يتيح عدم تعيين وزير الاتصال الحكومي رئيسا لمجلس إدارة مؤسَّسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية.

وأضاف المومني، في منشور عبر منصة إكس، أن تحديث الإعلام الرسمي هو جزء من جهود تطوير المشهد الإعلامي الذي تعمل عليه الحكومة بالشراكة مع قطاع الإعلام، والعمل مستمر نحو المزيد من التمكين للإعلام الوطني.

وقرر مجلس الوزراء الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع قانون معدِّل لقانون إعادة هيكلة مؤسَّسات ودوائر حكوميَّة لسنة 2025، وأحاله إلى ديوان التَّشريع والرَّأي للسَّير في إجراءات إقراره حسب الأصول. ويتضمن مشروع التعديل السماح بألّا يقتصر تولي رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية (بترا) على وزير الاتِّصال الحكومي، وذلك بالسماح بأن يتولى هذين الموقعين وزير الاتصال الحكومي أو من يسمّيه رئيس الوزراء.

وأكد المومني أن هذا القرار يأتي تنفيذا لإستراتيجية الحكومة لتحديث القطاع الإعلامي وتعزيز دوره في المجتمع. وأضاف أن هذا التعديل سيتيح المزيد من الاستقلالية للمؤسسات الإعلامية الرسمية ويساهم في تطوير أدائها. ويهدف هذا التعديل إلى تمكين رئيس الوزراء من تعيين شخصيات مؤهلة لرئاسة مجلس إدارة المؤسسات الإعلامية الرسمية.

ويأتي ذلك انسجاما مع متطلبات مشروع التحديث الشامل بمساراته السياسية والاقتصادية والإدارية، ومراعاة للتطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع الإعلام، والتي تتطلب تعزيز استقلالية المؤسَّسات الإعلاميَّة، ودعم جهودها للنهوض بالرسالة الإعلامية للدولة، وأداء دورها الأساسي في خدمة المجتمع ونقل الرِّسالة الإعلامية، وكذلك تماشيا مع الممارسات الفضلى حول استقلالية الإعلام.

◙ تحديث الإعلام الرسمي هو جزء من جهود تطوير المشهد الإعلامي الذي تعمل عليه الحكومة بالشراكة مع قطاع الإعلام

ويشتكي العديد من الصحافيين من أن الإعلام الرسمي وشبه الرسمي أي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون والصحف المحسوبة على الحكومة تعاني من مشكلة التدخلات السياسية والشخصية، ونسبة كبيرة من ضعف هذا الإعلام هي في الرقابة الذاتية من قبل الرؤساء التنفيذيين الذين يعملون بخوف.

ويرى هؤلاء أن المعاناة الكبرى للإعلام الأردني هي مطالبته بالتخلي عن المهنية عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة والخطوط الحمراء، ولهذا فتعاقب المسؤولين من ذات العقلية أفقد الإعلام الرسمي وشبه الرسمي قدرته على التأثير، ولا يفرق بعض المسؤولين بين دفاع الإعلام عن الدولة وقضاياها الكبرى وبين تسويق حكومة متعثرة أو أداء وزارات ضعيف.

وعبّر صحافي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الشفافية منعدمة في الكثير من القضايا التي تمر بها الساحة الإعلامية إضافة إلى غياب الرأي والمعلومة، كما أن الحكومة ساهمت في التعدي على المهنة وتركت الباب مفتوحا أمام حالة من الانفلات. وأضاف أن التوسع في قضايا حظر النشر ازداد بشكل كبير وأنه خطوة حكومية لتكميم الأفواه في حين تسمح أن يتم خرقها من الجهات الرسمية وبعض الوزراء في الحكومة أو المحسوبين عليها.

ويقول متابعون إن الخطوة الأهم في تطوير الإعلام الرسمي وشبه الرسمي هي الإدارة السياسية المحترفة، وتطوير المهنية وكذلك توفير الدعم المالي، وبعد إنقاذ الصحف شبه الرسمية من واقعها المالي والإداري الصعب الذي قد يصل بها إلى الغياب. وأضافوا أن تصريحات القائمين على الإعلام الأردني تتجاهل الحديث عن الدعم المالي والتمويل إذ دونه من الصعب الحديث عن تطوير قطاع الإعلام وإنقاذ المؤسسات الصحفية التي تعاني من أزمات خانقة، كما أن الوعود الحكومية السابقة تبدو صعبة التحقيق في ظل الميزانية المتواضعة التي أقرتها الحكومة للمؤسسات الإعلامية.

ويقترح الصحافيون خطوات أخرى قادرة على منح الإعلام انتعاشة في الظروف الراهنة، فمثلا تستطيع الحكومة أن تقوم بإلغاء أو الحدّ من البيروقراطية الكبيرة المرتبطة بملكية وسائل الإعلام، إذ هناك رسوم عالية جدا وشروط صعبة لمن يرغب في امتلاك وسيلة إعلام، ورقية كانت أو إلكترونية أو إذاعية أو تلفزيونية. وأضافوا أن رسوم ترخيص الصحف مرتفعة، كما أن شرط دفع رسوم لنقابة الصحافيين غير ضروري.

ويعتبر البعض أن هناك شروطا تعرقل تعددية وتنوع الإعلام ودخول استثمارات جديدة، مثل شرط عضوية نقابة الصحافيين لمن يملك موقعا إلكترونيا وعدم السماح لمؤسسات المجتمع المدني بملكية وسيلة إعلام مرئية ومسموعة، إضافة إلى الرسوم غير المنطقية والمرتفعة جدا للإذاعات، وغياب تنوع الرخص بين الإذاعات التجارية والإذاعات المجتمعية والتي تهدف إلى خدمة المجتمع. ويحاول المسؤولون الأردنيون التركيز على الأثر الإيجابي للإعلام ودوره الاجتماعي، دون ملامسة نقاط ضعفه وهو ما يعيق تطويره وقدرته على التأثير في الرأي العام.

5