خطوات عراقية في طريق طويل للنهوض بالقطاع المصرفي

المركزي يكشف عن تفاصيل خطة تستهدف تعزيز حماية المودعين والدائنين وتحسين الثقة بالبنوك.
الثلاثاء 2025/04/08
تفضل، تثبت من أموالك قبل المغادرة رجاء

يرجّح الخبراء أن تفرز الجهود العراقية للنهوض بالقطاع المصرفي عبر خطة لتطوير خدماته وتنافسيته، وتعزيز الرقابة على نشاطه، تقدما ملحوظا في مسار طويل لتوسيع نطاق الشمول المالي، رغم أنها تحتاج إلى حوافز أكبر لتحقيق الأهداف المرجوة.

بغداد- كشف البنك المركزي العراقي الاثنين عن خطة ينفذها بالتعاون مع شركة استشارية أميركية، بهدف إصلاح وتحديث القطاع المصرفي، وتعزيز حماية المودعين والدائنين وتحسين الثقة بالقطاع، بعد ظهور مصاعب تتعلق بتحويل الأموال وتضييقات أميركية.

وتتمثل الأهداف الثلاثة للخطة في تعزيز الشمول المالي وتعميقه، وزيادة كفاءة وإنتاجية القطاع المصرفي الخاص، وتهيئة بيئة تنافسية عادلة في السوق مع دعم مرونة القطاع وقدرته على الصمود في مواجهة المخاطر، بحسب بيان صادر عن المركزي.

ويعكف صناع القرار السياسي والنقدي على تعزيز الثقة الدولية بالقطاع المصرفي، خاصة بعد إدراج الولايات المتحدة 14 بنكا عراقيا على القائمة السوداء، ومنعها من إجراء معاملات بالدولار للاشتباه في استخدامها لغسل الأموال وتحويلها إلى إيران وسوريا.

علي العلاق: يجري حاليا تأهيل البنوك حتى تستجيب للمعايير الدولية
علي العلاق: يجري حاليا تأهيل البنوك حتى تستجيب للمعايير الدولية

وينشط في السوق 83 بنكا بواقع 8 بنوك حكومية و24 بنكا تجاريا و31 بنكا إسلاميا، إضافة إلى 17 فرعا لبنوك أجنبية تجارية وإسلامية وثلاثة مكاتب تمثيلية لبنوك أجنبية.

وقرر العراق إنهاء العمل بالمراقبة المباشرة للحوالات المالية بالدولار عبر منصة خاصة بهدف إعادة تنظيم التحويلات للبنوك، والتي كانت تتيح مراقبة استباقية بدلاً من الرقابة اللاحقة التي كان يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من خلال تدقيق الحوالات اليومية.

ويكافح البلد الذي شهد حروبا وفترة حصار طويلة منذ أكثر من أربعة عقود بحثا عن حلول تساعد في تحفيز القطاع المالي حتى يسهم بدور فعال في تنمية الاقتصاد، الذي ظل متوقفا منذ الغزو الأميركي في عام 2003، عبر تخفيف مستوى البطالة وتضييق دائرة الفقر.

ولطالما حث الخبراء صانعي السياسة النقدية بالبلد النفطي العضو في منظمة أوبك على الإسراع في اعتماد إستراتيجية جديدة لترقية نشاط القطاع حتى يحسّن وضعه لدى وكالات التصنيفات الائتمانية الرئيسية.

وفي أواخر أغسطس 2024 أعلن المركزي عن تعاقده مع شركة أوليفر وايمان الأميركية لإجراء مراجعة شاملة لأوضاع البنوك، لاسيما تلك الممنوعة من التعامل بالدولار الأميركي، بغية محاولة دمجها ضمن النظام المالي الدولي.

وكانت السلطات حظرت على عدد من البنوك التعامل بالدولار، فيما أشار محافظ المركزي علي العلاق في فبراير الماضي إلى أن هناك 20 بنكا يمارس عمليات التحويل المباشر بينه وبين مراسلين في الخارج بثماني عملات أجنبية.

وأكد العلاق آنذاك أنه يجري العمل على تأهيل البنوك المتبقية لتتمكن من إتمام عمليات التحويل بالعملات الأجنبية مجددا.

وتشمل ديناميكيات خطة التحديث تعزيز إمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية بتحديث أنظمة المدفوعات، وتوسيع البنية التحتية المالية، بما في ذلك زيادة شبكة الفروع وأجهزة الصرف الآلي.

كما سيتم تبسيط إجراءات الامتثال لتدابير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتقويمها من خلال نظام الهوية الرقمية.

40

في المئة نسبة الشمول المالي بالبلاد بعدما كانت في حدود 10 في المئة قبل سنتين

وقال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني خلال افتتاح مؤتمر إصلاح القطاع المصرفي العراقي الاثنين إن “الحكومة أصدرت خلال السنتين الماضيتين قرارات عدة لإعادة هيكلة بنوك الرافدين والرشيد والصناعي والزراعي.”

وأكد أن ذلك سيتم عبر “الاستعانة بشركة استشارات دولية رصينة كما عملنا على تعزيز البنية التحتية للدفع والتداول الإلكتروني، من خلال تعزيز الأنظمة والبروتوكولات لتسهيل المدفوعات الإلكترونية بمختلف القطاعات.”

وأنشأت الحكومة شراكات مع أفضل شركات التكنولوجيا المالية لتقديم حلول مبتكرة للدفع، بهدف تعزيز كفاءة النظام المالي.

وأوضح السوداني أن معدل الشمول المالي تخطى نحو 40 في المئة، مقارنة بنسبته قبل سنتين التي لم تتجاوز 10 في المئة، وهو ما أشادت به منظمات دولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بعد تحديث القوانين المتعلقة بالتجارة الإلكترونية والمدفوعات.

وتتضمن خطة الإصلاح “السعي إلى دمج مصرفي الرافدين والرشيد،” وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مستشار رئيس الوزراء والمدير التنفيذي لخلية إدارة الإصلاح عامر العضاض.

وقال العضاض إنه “تم تكليف شركة استشارية دولية بالإشراف على عملية الدمج التي تشمل تحسين الأداء المالي والإداري وتطوير البنية التحتية الرقمية.”

عامر العضاض: عملية الإصلاح تتضمن دمج مصرفي الرافدين والرشيد
عامر العضاض: عملية الإصلاح تتضمن دمج مصرفي الرافدين والرشيد

وتتضمن المعايير التي يعتزم المركزي تطبيقها تحديد حد أقصى للملكية في البنوك، لمنع السيطرة المفرطة، وإلزام البنوك بتبني نماذج أعمال مستدامة وقابلة للتطبيق.

وسيكون ذلك من خلال تقديم خطط عمل مفصلة ومتوافقة مع الخطط الإستراتيجية والتوقعات المالية والهيكل التنظيمي وخطط تطبيق التكنولوجيا وإدارة العمليات.

وعلى الصعيد المالي تنص الخطة على الحفاظ على نسب كفاية رأس المال والسيولة، لضمان قدرة البنوك على الصمود في مواجهة الأزمات المالية.

ويسعى المسؤولون إلى حماية القطاع من الجرائم المالية عبر مواكبة أفضل الممارسات العالمية في مجال الامتثال، بما في ذلك التدابير الشاملة لمكافحة غسل الأموال، فضلاً عن تعزيز الشفافية في إعداد التقارير وعمليات التدقيق للحد من تضارب المصالح.

وسيشارك المركزي مع القطاع المصرفي الخاص معايير وجداول زمنية مفصلة بموجب تعاميم لتنفيذ الإصلاح، وسيطلب من البنوك المجازة كافة تأكيد مشاركتها في عملية الإصلاح بصفة رسمية.

وستكون العملية متعددة المراحل، وخلال هذه العملية ستخضع البنوك الخاصة للتقييم، من حيث امتثالها للمعايير المطلوبة في مراحل مختلفة من عملية الإصلاح، ومن المتوقع أن تبدأ دورة التقييم الأولى في الربع الأول من عام 2026.

وفي يناير الماضي تسبب إغلاق المركزي لمنصة تحويل الدولار في سحب ودائع خوفاً من أن البنوك التي كانت تحتضن الأموال قد تتعرض للإفلاس وتعجز عن السداد، لعدم تماشي إجراءاتها مع متطلبات المركزي العراقي ووزارة الخزانة الأميركية.

ويعمل العراق على زيادة عدد البنوك الرقمية لتعزيز الشمول المالي، والتي ارتفعت إلى 48.5 في المئة العام الماضي، بحسب البيانات الرسمية، ويستهدف وصولها إلى 60 في المئة بنهاية هذا العام.

وفي تصريحات سابقة كشف العلاق عن تلقي البنك المركزي 70 طلبا للحصول على رخص لإنشاء بنوك رقمية في السوق المحلية.

ويأتي ذلك فيما قطعت الحكومة شوطا في إعداد مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز التعاون بينهما، خاصة في مشاريع البنية التحتية والنقل والطاقة، بحسب العضاض.

10