خطوات جزائرية متثاقلة نحو تعزيز الدفع الإلكتروني

الجزائر - تتزايد الضغوط على صناع القرار الاقتصادي في الجزائر لتسريع إيقاع المدفوعات الالكترونية، إذ لا تزال خطط إحلال التكنولوجيا المالية على نطاق واسع تشق طريقها ببطء منذ أكثر من عامين من إعلان السلطات أنها تعمل على برنامج متكامل لذلك.
وأفاد نورالدين واضح وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمصغرة الأربعاء، بأن وزارته تعمل مع البنك المركزي الجزائري لتسريع سن هذه التشريعات لتكون مكملة لقانون النقد والصرف.
وقال في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق إن الحكومة “تعمل على إدراج نصوص قانونية جديدة بهدف المساهمة في نشر الدفع الإلكتروني بين المواطنين،” في محاولة لتحفيز هذه السوق.
وجاءت تصريحات الوزير على هامش توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية بين الشركة القابضة للمنسوجات والجلود (جيتكس)، والشركة الناشئة المتخصصة في التجارة الإلكترونية والابتكار (ديار دزاير).
وبموجب الشراكة، ستقوم ديار دزاير بدعم جيتكس وكامل فروعه، عبر تطوير منصة رقمية للتجارة الإلكترونية خاصة به، تهدف إلى تسويق منتجاته عبر جميع الولايات الجزائرية.
كما ستقوم عبر أحد فروعها، بتوصيل الطلبات عبر شبكة توزيعها المتواجدة في 58 ولاية، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وتسعى السلطات إلى اعتماد قواعد تنظيمية أكثر صرامة، وفي الوقت نفسه تكون مرنة، بما يخدم تطلعاتها نحو بناء أسس الاقتصاد الرقمي.
ولا يزال البلد العضو في منظمة أوبك مثل العديد من الدول العربية، كالعراق وليبيا وموريتانيا ولبنان والسودان واليمن، يواجه صعوبات وتحديات لاعتماد التكنولوجيا المالية وتوسيعها بسبب ضعف البنية التحتية للاتصالات وقلة الاستثمارات.
ويصنف الاتحاد الدولي للاتصالات الجزائر في المركز الـ88 من بين 169 دولة على مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2023.
ورغم أن البلد تقدم في المؤشر قياسا بالعام 2022، غير أن الحكومة أمامها الكثير لتفعله من أجل نشر الرقمنة بشكل أكبر في كافة مناحي الحياة والمجالات الاقتصادية الرئيسية، وأهما النظام المالي.
وتدفع التحولات الرقمية المتسارعة في إدارة الأنشطة الاقتصادية الجزائر إلى ركوب هذه الموجة التي تخلفت عنها قياسا بدول عربية أخرى نظرا لما تحمله من محفزات للرفع من كفاءة التعاملات وشفافيتها وكونها أداة تعول عليها السلطات لتنمية التسوق الرقمي.
وتبحث السلطات منذ أشهر عن الأدوات الكفيلة لدمج استخدام التكنولوجيا بشكل أكبر في التعاملات المالية بالسوق المحلية، في محاولة قد تساعدها على تضييق دائرة اقتصاد الظل، وفي الوقت ذاته إثبات أنها تترجم تطلعاتها للتحول الرقمي المنشود.
وأوضح الوزير الجزائري في المقابلة مع بلومبيرغ الشرق أن إنجاز هذه الخطوة سيؤدي إلى رواج أكبر للتكنولوجيا المالية في القطاع المصرفي، مشيرا إلى أن شركات ناشئة ستلعب دور حلقة الوصل هذه بين المواطن والقطاع المالي.
الجزائر في المركز الـ88 من بين 169 دولة على مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2023
وشدد واضح على أهمية عقد مثل هذه الاتفاقيات مع شركات التكنولوجيا الناشئة، حيث يمكنها الترويج بشكل أسرع لمنتجات الشركات الجزائرية عبر التسويق الإلكتروني وتنويع وتسهيل طرق الدفع، و”هو ما يساهم في تعزيز المنتج الوطني.”
ونوه بأن الوزارة ستقوم بالتعريف بوسطاء الدفع الإلكتروني، وتثقيف المواطن بكيفية استخدام هذه التكنولوجيا المالية، وهو ما سيسرع انتشار الدفع الإلكتروني بين المواطنين.
وحالت البيروقراطية ونقص الاستثمارات وبطء نقل التكنولوجيا، خاصة من قبل الشركات الأجنبية، دون أن تتمكن الجزائر في السابق من تطوير قطاعاتها غير النفطية رغم الوعود الكثيرة التي لم تجد طريقا لتنفيذها واقعيا.
ووفق معطيات الجمعية المهنية للبنوك، فإن 54 ألف جهاز للدفع الإلكتروني موزعة في أنحاء الجزائر مع تسجيل أكثر من 500 تاجر إلكتروني، فيما فاق عدد البطاقات البنكية المتداولة 16 مليونا.
وتعمل في السوق المحلية 29 مؤسسة مصرفية، منها 7 بنوك حكومية، وأكثر من 20 بنكا أجنبيا من دول الخليج، وأخرى فرنسية وواحدة بريطانية.
ويوظف القطاع المصرفي أكثر من 30 ألف شخص عبر المقرات الرسمية للبنوك، وأغلبها في العاصمة الجزائر، وأكثر من 1800 فرع منتشر في ولايات (محافظات) البلاد.
وتعمل وزارة التجارة على فتح ورشة عمل تجمع الفاعلين في الميدان لدراسة كيفية توثيق المتاجر الإلكترونية الآمنة.
ورغم اعتمادها على قطاع النفط الغاز، تطمح الحكومة إلى تحقيق نمو في الأنشطة غير النفطية بنحو 5 في المئة هذا العام في ضوء مساعيها لتحرير اقتصادها من هيمنة المحروقات وجعله أكثر تنوعا.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وعد بأن ولايته الثانية ستركز على تعزيز الإنتاج المحلي كبديل للاستيراد.