خطوات تونسية حثيثة لتطوير لوجستيات صناعة الفوسفات

خطة مشتركة بين وزارتي النقل والصناعة لزيادة قاطرات نقل الإنتاج وتقليص مدة الشحن والتفريغ.
الخميس 2025/05/08
لا مفر من تحسين سلاسل الإمداد

كشفت تونس إصرارها على تسريع خطواتها لتطوير لوجستيات تصدير الفوسفات، أملا في النهوض بهذا القطاع الحيوي بالتزامن مع زيادة الإنتاج من المواقع الرئيسية، وفق خطة ترمي من خلالها السلطات إلى إنهاء تعثره الذي دام لسنوات بهدف تعزيز الإيرادات.

تونس - تسعى تونس جاهدة لإعادة هيكلة قطاع الفوسفات متسلحة بمشاريع طموحة لتحسين سلاسل الإمداد ولوجستيات التصدير عبر تحسين أسطول نقل هذا المعدن عبر شبكة السكك الحديدية ودعم قدرات التخزين وسط محاولات مضنية لزيادة الإنتاج.

وتمتلك تونس واحدا من أغنى احتياطات الفوسفات في العالم، ما يجعل هذه الثروة المعدنية ركيزة إستراتيجية في اقتصادها، غير أن العقبات اللوجستية التي تراكمت على مدى سنوات، مع تآكل البنية التحتية، كانت عائقا أمام تحقيق أقصى استفادة من هذا المورد الحيوي.

وتعكف وزارة النقل مع وزارة الصناعة والمناجم والطاقة على تنفيذ برنامج يتمثل في زيادة قاطرات نقل الفوسفات لتصل إلى 230 قاطرة مطلع يونيو المقبل على أن تبلغ 340 قاطرة بحلول يوليو 2025.

رشيد عامري: النقل الحديدي يمنح قيمة مضافة وله مزايا تفاضلية
رشيد عامري: النقل الحديدي يمنح قيمة مضافة وله مزايا تفاضلية

ويعدّ الفوسفات، الذي يعود إنتاجه إلى أوائل القرن الماضي، أحد أعمدة قطاع التعدين للبلاد باعتباره مادة أساسية في إنتاج الأسمدة، وهو وركيزة أساسية في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال المبيعات في الأسواق الدولية.

وقدرت مساهمة مجال الفوسفات والمنتجات المنجمية قبل 2011 بنحو 9 في المئة من إجمالي عائدات الصادرات السنوية، لكن أحداث 2011 والاضطرابات في الحوض المنجمي، أدت إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير.

وواجهت تونس صعوبات في تنفيذ خططها، حيث يقول الخبراء إنها كانت نتيجة لعدة أسباب من بينها الإدارة غير الفعالة، وضعف التنسيق بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والبيروقراطية، مما أدى إلى تأخير تنفيذ المشاريع.

وعلاوة على ذلك، ظل نقص التمويلات اللازمة لتحديث البنية التحتية وتطوير القطاع مع ضعف القدرة على جذب المستثمرين عاملا رئيسيا في تخلف القطاع.

كما أن العجز في الميزانية وارتفاع الدين العام حدّا من قدرة السلطات على دعم صناعة الفوسفات على النحو المطلوب، بما يرتقي إلى تطلعات التونسيين.

ومع ذلك، يحاول المسؤولون حشد جهودهم من أجل النهوض بهذا المجال من خلال خطة إستراتيجية سيتم تنفيذها على مراحل للابتعاد عن هذا الجمود.

وناقش وزير النقل رشيد عامري ووزيرة الصناعة فاطمة الثابت خلال جلسة عمل مشتركة التأمت الاثنين بمدينة الصخيرة من ولاية (محافظة) صفاقس جنوب البلاد سبل تسريع وتيرة نقل الفوسفات من مناطق الإنتاج الرئيسية في الحوض المنجمي جنوب غرب البلاد.

وقالت وزارة الصناعة في بيان أوردته وكالة الأنباء التونسية الرسمية إن الوزيرين “اتفقا على تقليص مدة الشحن إلى 4 ساعات ومدّة التفريغ إلى 06 ساعات من قبل شركة فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي، والعمل على ترجمة مقترح وزارة النّقل في تأمين عمليّات النّقل ليلا ربحا للوقت.”

وشدد عامري على أهمية القيمة المضافة لاعتماد النّقل الحديدي في نقل الفوسفات بالنظر إلى مزاياه التفاضلية من حيث الكلفة وربح الوقت والسّلامة والمقتضيات البيئية.

فاطمة الثابت: التنسيق بين المتداخلين يسرع وتيرة الإنتاج والتصدير
فاطمة الثابت: التنسيق بين المتداخلين يسرع وتيرة الإنتاج والتصدير

ودعا كافّة المتدخّلين إلى المزيد من مضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة، عبر تسخير كافة الإمكانيات البشرية واللوجستية الضرورية خدمة للمصلحة العليا للبلاد.

وفي أكتوبر الماضي، أطلقت شركة فوسفات قفصة المرحلة التجريبية لاستئناف نشاط نقل الفوسفات عبر خطوط سكك الحديد، انطلاقا من محطة الرديف أحد مواقع إنتاج الفوسفات بولاية قفصة، كبرى مدن الجنوب الغربي التونسي.

وجاءت هذه الخطوة بعد انقطاع النشاط منذ أكتوبر 2017 بسبب الفيضانات، بالإضافة إلى الأحداث الاجتماعية التي شهدها منجم الرديف منذ نوفمبر 2020.

وأكّدت الثابت خلال الجلسة على أهمية التنسيق بين كل المتداخلين في منظومة الفوسفات قصد تسريع وتيرة الإنتاج والتصدير وضمان الاستغلال الأمثل للمعدات مع الحرص على حماية سلامة الموارد البشرية والحفاظ على البيئة.

وقالت إن “المجهود الجماعي يتناسق مع قرارات وتوصيات المجالس الوزارية بخصوص برنامج استخراج ونقل وتحويل الفوسفات خلال الفترة الممتدة 2025 و2028، خاصة وأن شركتي فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي التونسي قد سجلتا تحسنا في نشاطهما.”

وفي مارس الماضي، أعلنت الحكومة خلال مجلس وزاري عن خطة لتطوير إنتاج ونقل وتحويل الفوسفات خلال الفترة الممتدة بين 2025 و2030، تهدف إلى استعادة دور القطاع في الاقتصاد المحلي وتعزيز الموارد المالية للدولة وتوليد الثروة.

ووفق تقديرات الخطة متوسطة المدى، سيزيد معدل إنتاج الفوسفات بمقدار 1.5 مليون طن سنويا، مدفوعا بتجديد آليات الاستخراج والنقل نحو مصانع التحويل، والشروع في استغلال منجم جديد في منطقة أم الخشب في قفصة.

وتهدف تونس عبر خطتها الطموحة إلى زيادة إنتاج الفوسفات إلى 14 مليون طن 2030، أي بارتفاع بنحو 5 أضعاف مما هو عليه اليوم، وذلك في إطار خطة تهدف إلى إنعاش القطاع الحيوي للمساعدة في إنقاذ المالية العامة المتعثرة.

وسجل إنتاج الفوسفات تحسنا طفيفا خلال العام الماضي، ناهز الثلاثة ملايين طن ارتفاعا من نحو 2.9 مليون طن في العام السابق، وفقا لبيانات صادرة عن شركة فوسفات قفصة المملوكة للدولة.

Thumbnail

وعلى مدى سنوات بعد الثورة في عام 2011، ظل إنتاج الفوسفات في الحوض المنجمي يعاني من التعثر بسبب الإضرابات والمطالب العمالية، بالإضافة إلى تقادم تجهيزات الشركة.

وكان متوسط الإنتاج قبل ذلك يبلغ نحو 8 ملايين طن، مما جعل تونس واحدة من أبرز مصدري الفوسفات في العالم، وتأمل شركة فوسفات قفصة أن يصل الإنتاج خلال العام الحالي إلى 5 ملايين طن.

ولدى تونس احتياطيات مؤكدة من الفوسفات تقدر بحوالي 2.5 مليار طن، بحسب إحصائيات أوردتها منصة وورلد ببيوليشن ريفيو الأميركية في 2024.

وبذلك تحتل تونس المرتبة الرابعة في قائمة الدول التي تمتلك أكبر احتياطات من هذه المادة، فيما يتربع المغرب على رأس القائمة بفارق كبير عن بقية الدول بمقدار 5 مليارات طن، ثم الصين بواقع 3.8 مليار طن، ثم مصر بحوالي 2.8 مليار طن.

وبالنسبة لكميات الإنتاج، فإن المنصة الأميركية أشارت إلى أن تونس احتلت المرتبة العاشرة خلال العامين 2022 و2023 بعدما كانت تحتل المركز الخامس على مستوى العالم بنهاية 2010.

10