خطف مسؤول في حزب القوات يفاقم التوترات في لبنان

هزت عملية اختطاف مسؤول في حزب القوات اللبنانية الأوساط السياسية والشعبية في لبنان، وسط تضارب المعلومات حول الجهات التي تقف خلف العملية والدوافع التي قادت إليها. وتثير الحادثة مخاوف من تهديد السلم الأهلي الهش بطبعه، لاسيما وأن أنصار القوات يتهمون صراحة حزب الله بالوقوف خلفها.
بيروت - تنشغل الساحة اللبنانية بعملية خطف باسكال سليمان، منسق حزب القوات اللبنانية في منطقة جبيل شمالي بيروت، وسط شكوك في وجود دوافع سياسية خلف العملية، خصوصا وأن حزب القوات الأعلى صوتا في رفض المواجهات الجارية بين حزب الله وإسرائيل جنوب لبنان.
ويتهم أنصار القوات اللبنانية حزب الله بالوقوف خلف عملية الاختطاف لترهيب خصومه، وتكميم الأصوات المنتقدة للزج بلبنان في صراعات إقليمية، خدمة لأجندة إيران.
ويرى مراقبون أن عملية اختطاف سليمان مؤشر خطير عن الوضع الأمني في لبنان، مشيرين إلى أن توقيت العملية يحمل الكثير من الدلالات، رغم أن البعض يحاول أن يشيع بأن ما جرى لأسباب مالية وليست سياسية.
وأعلنت قيادة الجيش، في بيان الاثنين أنه “على أثر خطف المواطن باسكال سليمان بتاريخ السابع من أبريل، تمكنت مديرية المخابرات بعد متابعة أمنية من توقيف عدد من السوريين المشاركين في عملية الخطف، وتجري المتابعة لتحديد مكان المخطوف ودوافع العملية.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فقد قام مجهولون بخطف سليمان في بلدة حاقل، أثناء توجهه من بلدة الخاربة حيث كان يقدم واجب العزاء إلى بلدته ميفوق وكان بمفرده في سيارته.
وانتشر تسجيل صوتي يروي فيه أحد أصدقاء سليمان تفاصيل عملية الخطف، قائلاً إنه كان يتحدث معه هاتفيا حين سمعه يتوسل ألا يقتل وانقطع الاتصال.
وعلى إثر انتشار نبأ الاختطاف، سادت حال من التوتر في بلدة الخاربة، وجرى تجمع غاضب قرب مقر حزب القوات في المنطقة وقد تم قطع أوتوستراد جبيل في الاتجاهين الشرقي والغربي. في حين أوعز حزب القوات اللبنانية لأعضائه بعدم اتهام أي طرف إلى حين الحصول على كامل المعطيات المتصلة بالحادثة.
وتواترت الأنباء في الساعات القليلة الماضية حول مصير القيادي في القوات بين من قال إنه جرى تهريبه إلى سوريا، وبين من صرح أنه لا يزال داخل الأراضي اللبنانية، وأن الأجهزة الأمنية بدأت تضيق الخناق على خاطفيه.
وتضاربت المصادر التي يزعم بعضها أن الغرض من اختطاف سليمان هو طلب فدية، وبين من يشكك في هذه الراوية محذرين من عملية تعتيم عن الدوافع الحقيقية والأطراف التي تقف خلفها.
وقال عضو تكتل الجمهورية القوية النائب فادي كرم في اتصال عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، الاثنين أنه ليس هناك من معلومات دقيقة حتى الآن عن سليمان، وكل ما يجري هو من أجل تحريف الأنظار وتجهيل الفاعل عبر معلومات غير مؤكدة.
وأضاف كرم “لا يمكننا الاعتماد على مصادر غير معروفة، وحتى الساعة لم نتبلغ رسمياً بأي معلومات رسمية، ولا يمكن تأكيد تلك المعلومات إلا في حال صدور بيان رسمي من الأجهزة الأمنية التي تتابع موضوع عملية خطف باسكال سليمان”.
اختطاف سليمان يعيد إلى الأذهان حادثة تعرض لها مسؤول في الحزب نفسه قبل أشهر وهو إلياس الحصروني الذي قتل في بلدة عين إبل في جنوب لبنان
وأكد النائب غياث يزبك أن حزب القوات سيلجأ إلى التصعيد إن لم يتم الإفراج عن سليمان. وشدد يزبك “تحركنا سيكون ضمن الأطر القانونية ونحن ندعم السلم الأهلي ونعطي دفعا للأجهزة الأمنية للاستمرار في عملها لكشف مصيره”.
ويرى متابعون أن عملية اختطاف سليمان رفعت من منسوب التوتر داخل لبنان، الذي يشهد بطبعه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة، وسط مخاوف من أن تأخذ الحادثة منحى أخطر، مع بروز أصوات تدعو إلى التسليح.
وكتب النائب هادي أبو الحسن على منصة “إكس” “في الوقت الذي يتعرض فيها لبنان لمخاطر كبيرة نتيجة الإعتداءات الإسرائيلية المتمادية والتهديدات بتوسيع الحرب، تأتي عملية خطف باسكال سليمان المستنكرة والمدانة في توقيت مريب وخطير، الثقة كبيرة بالجيش اللبناني وقوى الأمن لكشف تفاصيل العملية وتحريره من الخاطفين”.
وحذر النائب السابق أنطوان زهرا من أن اللبنانيين باتوا مكشوفين أمنيا وأن كل لبناني معرض للسلاح المتفلت. وأشار زهرا إلى عدم وجود أية آلية عسكرية في المنطقة التي خُطف فيها باسكال سليمان، مما يدل على عدم تحمل الدولة مسؤوليتها. وأضاف أنه في لبنان، كل جريمة تتعلق بمحور الممانعة تصبح مجهولة، مع وجود ضخ للتسريبات والمعلومات المغلوطة عبر الإنترنت.
وقال رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل إن عملية الخطف التي حصلت في جبيل تطور خطير جداً، مطالباً الأجهزة الأمنية كافة بالتنسيق في ما بينها والعمل لكشف ملابسات ما حصل.
ويعيد اختطاف المسؤول في القوات إلى الأذهان، حادثة تعرض لها مسؤول في الحزب نفسه، قبل أشهر وهو إلياس الحصروني الذي قتل في بلدة عين إبل في جنوب لبنان، بعد حملة كبيرة قادها أنصار حزب الله ضد القوات.