خطط مغربية لتعزيز نشاط صناعة الشحن بحلول 2040

يكرس المغرب جهوده لزيادة زخم قطاع اللوجستيات عبر خطة طموحة لبناء أسطول ضخم من السفن التجارية في ظل المحفزات المتنوعة التي يحظى بها، خاصة بعد أن أثبتت موانئ البلاد قدرتها على المنافسة عالميا في ظل أوضاع تتسم بالتقلب الشديد.
الرباط - تعتزم الحكومة المغربية إطلاق إستراتيجية لتطوير أسطول للنقل البحري التجاري، ليضم قرابة 100 سفينة بحلول العام 2040، بهدف دعم التجارة الخارجية للبلاد.
وبحسب محمد عبدالجليل، وزير النقل واللوجستيك، في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق، فمن المرتقب أن يتم الإعلان عن الإستراتيجية الجديدة التي أعدها مكتب دولي للدراسات، في غضون الأسابيع المقبلة.
وتأمل البلاد أن تمثل السفن المملوكة لشركات برأسمال مغربي من القطاعين الحكومي والخاص، حصة الأسد من العدد الإجمالي. وكان أسطول من السفن التجارية يناهز 73 في ثمانينات القرن الماضي، لكنه شهد تراجعا ليصل إلى حوالي 16 سفينة فقط عام 2020.
وجاء ذلك على إثر بيع وتصفية وتوقف نشاط العديد من الشركات المغربية بسبب تراكم الديون، من بينها ليماديت وكوماناف وكوماريت. وفي 2022، بلغ عدد الشركات 10، وفق معطيات رسمية.
وبلغت نسبة المبادلات الخارجية التي تتم عن طريق السفن المغربية 5 في المئة خلال العام الذي تفجرت فيه الحرب في شرق أوروبا.
ونتيجة لذلك اعتبرت دراسة صدرت الثلاثاء الماضي عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو هيئة حكومية استشارية، أن ذلك جعل البلاد رهينة بشركات السفن الأجنبية وعرضة لتقلبات أنشطتها التجارية.
ويرى خبراء أن من شأن الإستراتيجية المرتقبة أن تدعم أيضا تطوير صناعة محلية لبناء السفن، وتوفير الخدمات اللازمة لصيانة الأسطول البحري التجاري المرتقب تشكيله على المدى البعيد.
وبإمكان المغرب أن يرفع حجم الصادرات عبر هذه الصناعة بنحو 200 مليون دولار، وذلك عبر تصنيع سترات وأطواق النجاة، ومعدات الملاحة كالتجهيزات الإلكترونية وأجهزة الاتصالات والمحركات الخارجية الصغيرة، بحسب دراسة المجلس الاقتصادي.
وتُقدر سوق صناعة السفن في البلاد بنحو 50 مليون دولار سنويا خلال الفترة الممتدة من 2012 إلى 2023، وتتركز في أنشطة الإصلاح والصيانة وبناء سفن وقوارب الصيد، والتي صنع أغلبها من الخشب، وبالكاد يمثل نحو 0.01 في المئة من الناتج المحلي.
وتتوقع مورد أنتلجنس أن ينمو حجم سوق الشحن والخدمات اللوجستية في المغرب من 21.29 مليار دولار في عام 2023 إلى 28.63 مليار دولار بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.11 في المئة.
وتأتي الغالبية العظمى من التجارة الخارجية للمغرب عن طريق البحر، مما يجعل من الضروري المزيد من النمو الاقتصادي والاستثمار في الموانئ التجارية للبلاد.
ويوفر الاستقرار السياسي والموقع الجغرافي الإستراتيجي ميزة تنافسية مقارنة بالدول الأخرى في شمال أفريقيا، حيث يتلقى المغرب أعلى استثمارات أجنبية مباشرة في المنطقة، مع استثمارات مركزة في التصنيع والعقارات والسياحة.
ولدى المغرب العديد من المزايا التنافسية الهامة في قطاع صناعة السفن، أبرزها سواحله الطويلة على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ومنطقة اقتصادية خالصة تصل إلى 1.2 مليون كيلومتر مربع، وفقا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
◙ 10 شركات تعمل في القطاع بعد إفلاس العديد منها مثل ليماديت وكوماناف بسبب الديون
وبحسب المعطيات الرسمية، فإن البلد يمتلك 43 ميناء تتوزع على طول سواحله الأطلسية والمتوسطية بطول قدره 3500 كيلومتر، منها 14 ميناء مفتوحة للتجارة الدولية.
وقال أحمد الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي، في تعليقات صحفية أقيمت لتقديم دراسة المجلس، إن “المزايا التي تدعم تطوير هذه الصناعة تشمل أيضا البنية التحتية للموانئ والكلفة التنافسية لليد العاملة مقارنة بدول حوض المتوسط”.
وإضافة إلى ذلك، يرى الشامي إمكانية كبيرة للاستفادة من المهارات والخبرات عبر نقلها من قطاعات ناجحة مثل السيارات والطيران والبناء والصلب والإلكترونيك.
ومن المتوقع أن تتضمن الإستراتيجية الجديدة إجراءات عدة لدعم الاستثمار في هذا القطاع، من بينها تبني الضريبة على الحمولة كرسوم وحيدة لشركات الشحن البحري كما هو معمول به في أوروبا.
كما سيتم إلغاء الضريبة عند المصدر على تأجير السفن، إضافة إلى تحفيزات في إطار ميثاق الاستثمار الجديد، ودعم منتجات التأمين في هذا المجال.
ورجحت السلطات المشرفة على أكبر موانئ المغرب أن تحقق هذه البوابة رقما قياسيا في الأعمال هذا العام بالنظر إلى حركة الشحن الهائلة التي استطاعت أن تستوعبها رغم مشاكل الشحن العالمية.
وقال رشيد الهواري، نائب المدير العام للميناء، في وقت سابق هذا العام إن “من المتوقع أن يتجاوز المرفأ قدرته الاسمية التشغيلية والبالغة نحو 9 ملايين حاوية هذا العام”، مؤكدا أن التحديات الأمنية في البحر الأحمر لم يكن لها تأثير يذكر على حركة الحاويات.
واحتفظ الميناء المطل على مضيق جبل طارق، ويمثل مركزا لوجستيا موصولا بأكثر من 180 ميناء حول العالم العام الماضي، بتفوقه على جميع موانئ البحر المتوسط بعد تعامله مع ما يعادل 8.61 مليون حاوية سعة 20 قدما، بزيادة 13.4 في المئة عن عام 2022.
ويخطط الميناء لتوسعة جديدة بقيمة 714 مليون دولار لزيادة قدرة محطة الركاب والشاحنات وتحديث منطقة الواردات، بحسب وثيقة إفصاح صادرة عن وكالة ضمان الاستثمار متعددة الأطراف التابعة للبنك الدولي في يناير الماضي.
ومن المنتظر أن يساعد الاستثمار الجديد على زيادة قدرة مناولة الحاويات في الميناء عبر توسيع محطة الشاحنات لما يصل إلى مليون وحدة.
وبلغت مناولة الحمولات في الميناء نحو 107 ملايين طن خلال العام الماضي، بنمو نسبته 6 في المئة على أساس سنوي، ويمثل هذا الحجم 54 في المئة من إجمالي المناولة عبر الموانئ المغربية، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والمالية.
ويُصنف أكبر ميناء بالبلاد كأول منصة صناعية في أفريقيا، وثاني منطقة اقتصادية في العالم بعد جبل علي في دبي، كما أنه يحتل المركز الأول في أفريقيا وحوض المتوسط للسنة الخامسة على التوالي من حيث حجم الحاويات.
وبادر ميناء طنجة - المتوسط في عام 2015 إلى تأسيس منظمة المناطق الاقتصادية الخاصة الأفريقية (أي.إي.زد.أو)، والتي تضم في عضويتها 85 منطقة اقتصادية من 45 دولة أفريقية.