خطط سورية متأخرة لرقمنة القطاع الزراعي

تركيز الحكومة ينصب حول المحاصيل الإستراتيجية والرئيسية والتوسع في بعض الزراعات الأخرى.
الجمعة 2024/07/19
قطاع محاصر بكثرة المشاكل

دمشق - تدرس السلطات السورية مسألة إدخال التكنولوجيا إلى قطاع الزراعة المحاصر بكثرة المشاكل، في محاولة متأخرة من المسؤولين الذين يكابدون لتوفير الظروف الملائمة لتنمية سلة غذاء المواطنين.

وتعد سوريا من أكثر الدول العربية التي تأثرت بكثرة الأزمات ولعل أبرزها الحرب والجفاف، كما أن القيود الاقتصادية الأميركية تسببت في شلل كبير في الاقتصاد وبالكاد تستطيع دمشق تدبر أمرها، حيث تحصل من حلفائها على دعم لا يكفي لمواجهة التحديات.

وكشف وزير الزراعة محمد قطنا أثناء مناقشة إعداد الخطة الإنتاجية للموسم المقبل عن حزمة من الإجراءات تعتزم الوزارة اتخاذها خلال الفترة المقبلة، ولاسيما لجهة أتمتة بعض جوانب العمل في القطاع.

ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية إلى قطنا قوله خلال اجتماع بمقر الوزارة الخميس الماضي إنه "يجب التخطيط وفق المساحات الفعلية الواقعية القابلة للزراعة بعد تدقيقها من اللجان المحلية، وتدقيق ميزان استعمالات الأراضي في المحافظات".

وأكد على ضرورة أتمتة القطاع وتطوير آلية ونظام مسح الموارد للوصول إلى رقم إحصائي دقيق، خاصة وأن الوزارة تعد خطتها الجديدة في وقت مبكر لتحديد احتياجاتها وتأمين كل مستلزمات تنفيذها.

ولم يذكر الوزير كلفة إدخال الرقمنة إلى القطاع، لكنه شدّد على التركيز على المحاصيل الإستراتيجية والرئيسية والتوسع في بعض الزراعات الأخرى التي تحقق عائدا اقتصاديا، مؤكدا على معالجة الصعوبات التي ظهرت هذا العام لتداركها في الخطة القادمة.

ومع ظهور التكنولوجيا والمعدات المؤتمتة، مثل أجهزة الاستشعار والروبوتات التي تعتمد على تعلّم الآلة والذكاء الاصطناعي، تصبح أتمتة التشخيص وصنع القرار ممكنة.

ويزداد تكميل الآلات الآلية أو حتى استبدالها بمعدات رقمية جديدة تحقق الأتمتة في التشخيص واتخاذ القرارات. ويولي تدخل الزراعة الرقمية الأولوية للمشاريع الجديدة التي تتمتع بالقدرة على زيادة كفاءة العمل.

محمد قطنا: الوزارة تعتزم أتمتة بعض جوانب العمل في القطاع
محمد قطنا: الوزارة تعتزم أتمتة بعض جوانب العمل في القطاع

ويعرف مفهوم الزراعة الرقمية باستخدام الحوسبة والاستشعار عن بعد والتكنولوجيا التي توفرها الهواتف الذكية لتسهيل عمليات الزراعة وتربية الحيوانات بقدر عال من الكفاءة.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) قد أدخلت هذا المفهوم إلى سوريا قبل سنوات قليلة لمساعدة الشباب على تغيير طريقة تفكيرهم تجاه إطلاق مشاريعهم الزراعية الجديدة ولتحسين واقعهم الغذائي، لكنه لم يحظ بانتشار واسع بسبب ظروف البلد نتيجة مخلفات الحرب.

وتأتي الأتمتة الزراعية بعد رحلة تطوّر طويلة للميكنة على مر تاريخ الزراعة. وتقول فاو إنه "في ظل الميكنة لا تُستخدم الأتمتة إلّا في الجزء المتعلق بأداء العمل الزراعي، وتزداد الحاجة إليها مع التحول من الأدوات اليدوية نحو الآلات المجهزة بمحركات".

ويراقب المتابعون للشأن السوري كيف يهدد انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية قرابة 60 في المئة من المواطنين الذين يعانون أساسا من انعدام الأمن الغذائي، في بلد أغلب سكانه يعيشون تحت خط الفقر.

ومن المتوقع أن تشرع وزارة الزراعة في رقمنة إمدادات الوقود المخصص للمزارعين، والذي سيعتمد على رسائل الجوال اعتبارا من الموسم القادم. وتصل رسالة إلى كل مزارع في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة في دمشق وفق المساحة المرخصة لكل محصول، وبعد ذلك تحدد المحطة والكميات والمدة الزمنية لاستلام المخصصات.

وبخصوص الثروة الحيوانية لفت قطنا إلى أن الترقيم الإلكتروني لقطعان الماشية سوف يبدأ خلال الربع الأخير من 2024، مع حملة تحصين وقائية في الفترة نفسها. كما سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار في قطاع الدواجن، وزيادة المنشآت العاملة وتأمين مستلزماتها، بهدف زيادة الإنتاج، وأيضا الاهتمام بقطاع النحل.

وأكد قطنا أن الحكومة ستستمر في القطاع كل سلاسل الإنتاج مع التقييد بتوزيع البذور بناء على الصنف المحدد لكل محافظة أو منطقة، واختيار الحقول المنتجة وفق ضوابط شديدة والالتزام بالتعليمات والشروط المحددة.

ويبدو قطاع الزراعة أحد أهم المجالات المتضررة من نقص المياه بسبب شح الأمطار، ناهيك عن عدم قدرة الحكومة على تقديم الدعم الكافي للمزارعين في مناطق سيطرتها.

والأمر ذاته ينطبق على مناطق شرق البلاد المعروفة بحقولها الشاسعة لزراعة الحبوب، والتي يسيطر عليها الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة، إلى جانب أجزاء من الشمال خارج سيطرة دمشق.

ويقر المسؤولون بأن بلدهم يشهد حالة من التصحر واسعة النطاق بسبب تغير المناخ والأزمة المستمرة التي أثرت على جميع المناطق نتيجة انحباس الأمطار. وعلى سبيل المثال يعتمد الجزء الأكبر من محصول القمح في سوريا، وبالتحديد 70 في المئة تقريبا، على هطول الأمطار مع تداعي أنظمة الري بسبب الحرب.

وتقول دمشق إن الحرب سببت أضرارا هائلة في قطاع المياه تجاوزت قيمتها 1.2 مليار دولار، وإن العقوبات الغربية أعاقت تمويل مشاريع المياه. وسبق للمركز الدولي للبحوث الزراعية بالمناطق الجافة (إيكارد)، ومقره بيروت، أن أطلق مبادرات في سوريا لدعم المزارعين، مثل نشر التكنولوجيا في عمليات الإنتاج وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة وتحسين سبل العيش وتعزيز الأمن الغذائي في البلاد.

10