خطط بي.بي وأدنوك تدعم مصر في زيادة تصدير الغاز إلى أوروبا

القاهرة تسعى لتعزيز دورها في أن تصبح سوقا رئيسيا للطاقة في المنطقة.
السبت 2023/04/01
أفق بعيد في مضيق الطموحات

أكد خبراء الطاقة أن خطط شركتي بي.بي وأدنوك ستعزز جهود مصر الرامية إلى زيادة تصدير الغاز إلى أسواق أوروبا، في ظل سعيها لحجز مكانة بين البلدان التي تغذي القارة بهذا المورد، وتمكين دولها من تعويض النقص في الإمدادات الروسية، خاصة بعد أن أثبتت القاهرة أنها مصدر موثوق به للطاقة.

القاهرة - تكتسب خطط التوسعات لكل من شركة بريتش بتروليوم البريطانية “بي.بي” وشركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” أهمية متزايدة في مصر، إذ تراهن عليهما السلطات في دعم تطوير قطاع الغاز.

وينسجم هذا المسار مع ازدياد دور القطاع الخاص عبر الكيانات العالمية ذات الملاءة المالية القوية بجانب توافر الخبرات الفنية والكفاءة.

وتأتي الخطوة عقب تقدم الشركتين بعرض لشراء حصة تصل إلى 50 في المئة من أسهم نيوميد إنيرجي في صفقة بقيمة ملياري دولار، وفق ما أعلنته الشركة الإسرائيلية في إفصاح إلى بورصة تل أبيب.

وتفتح الصفقة الباب أمام الشركتين لدخول قطاع الطاقة الإسرائيلي لأول مرة، حيث تتطلعان إلى جزء من صناعة الغاز المتنامية في شرق البحر المتوسط كي تصبحان من الموردين الرئيسيين للغاز إلى دول أوروبا.

حسين الغزاوي: الاستحواذ على نيوميد يوسع الاستثمار بالحقول المصرية
حسين الغزاوي: الاستحواذ على نيوميد يوسع الاستثمار بالحقول المصرية

ومن المتوقع أن تشتري بي.بي وأدنوك الأسهم حرة التداول لنيوميد البالغة نسبتها 45 في المئة، فضلا عن 5 في المئة من حصة ديليك غروب البالغة 55 في المئة في الشركة حاليا، ما يجعل الشركة الإسرائيلية مملوكة مناصفة بين التحالف وديليك في حال إتمام الصفقة بنجاح.

وعرض التحالف 12.05 شيكلا إسرائيليا للسهم الواحد، ما يقدر قيمة الشركة بنحو 14.1 مليار شيكل (4 مليارات دولار) كقيمة إجمالية، ويأتي العرض بزيادة 72 في المئة عن سعر سهم نيوميد قبل الإعلان عن الصفقة.

وتكمن أهمية الشركات الثلاث في أنها تلعب دورا أساسيا في قطاع البنية التحتية للغاز بمصر، وتمتلك نيوميد 45 في المئة من حقل ليفياثان للغاز في إسرائيل، والذي يغذي محطتي الإسالة في إدكو ودمياط بمصر.

وتمتلك الشركة الإسرائيلية كذلك حصة 30 في المئة في حقل أفروديت القبرصي، والمقرر ربطه بمحطات الإسالة المصرية عام 2025.

وتوقيت الصفقة جاء بينما تترقب القاهرة بالفعل المزيد من واردات الغاز من نيوميد، لاسيما أنها أفصحت قبل عرض بي.بي عن خطط لإنفاق 100 مليون دولار لزيادة الإنتاج من حقل ليفياثان بنسبة 75 في المئة، والتي سيخصص جزء منها لمحطات إسالة الغاز في مصر.

وتنتج بي.بي حاليا أكثر من 60 في المئة من إجمالي إمدادات الغاز في مصر، ووصل إنتاجها العام الماضي نحو 1.3 مليار قدم مكعبة يوميا، كما تستثمر الشركة لتوسيع عملياتها الاستكشافية، وحصلت العام الماضي على ثلاثة امتيازات جديدة في البحر المتوسط.

فتحي كمال: رفع حجم الصادرات مرهون بموافقة الشركات الأجنبية
فتحي كمال: رفع حجم الصادرات مرهون بموافقة الشركات الأجنبية

ودخلت أدنوك قطاع توزيع الوقود بالسوق المصرية في وقت سابق من هذا العام، بعد أن استحوذت ذراعها للتوزيع على 50 في المئة من توتال إنرجيز – مصر.

وتدور الشراكة المرتقبة حول شرق المتوسط والتي تمثل مصر وإسرائيل وقبرص، كما أن الصفقة علامة ثقة على تحول المنطقة إلى مورد رئيسي للغاز إلى أوروبا.

وتدعم الصفقة المرتقبة جهود مصر نحو تعزيز صادراتها إلى أوروبا وسط مساعي الاتحاد الأوروبي لإيجاد موردين جدد لسد الفجوة التي خلفها فقدان الإمدادات الروسية من الوقود الأحفوري.

وتستهدف وزارة البترول زيادة صادرات البلاد من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 40 في المئة بحلول عام 2025، وسيتم شحن الجزء الأكبر منه للسوق الأوروبية، كما وقعت الحكومة العام الماضي اتفاقية تاريخية مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي للمساعدة في تعزيز الصادرات.

وبلغت قيمة ما تم تصديره من الغاز الطبيعي العام الماضي حوالي 8.4 مليار دولار بالمقارنة بنحو 3.5 مليار دولار على أساس سنوي بنسبة زيادة 140 في المئة، “بسبب زيادة أسعار تصدير الغاز الطبيعي المسال عالميا”، وفقا لوزارة البترول المصرية.

وقال خبير الطاقة المصري حسين الغزاوي إن “إتمام صفقة الاستحواذ على نيوميد من شأنه توسعة استثمارات الشركات الثلاث في الحقول المصرية والبحث عن استكشافات جديدة، ما يخدم جهود القاهرة نحو تصدير الغاز إلى أوروبا”.

40

في المئة نسبة زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال التي تستهدفها القاهرة بحلول العام 2025

ولكن هناك ما قد يعترض تلك الخطط، إذ تخطط نيوميد لإنشاء محطة إسالة عائمة تسمح لها بتصدير الغاز الطبيعي المسال مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي متجاوزة محطات الإسالة المصرية.

كما أن بي.بي. وأدنوك لديهما الخبرة التقنية والتشغيلية في مرافق الغاز الطبيعي المسال العائمة وتسويقه أيضا.

ومع ذلك سيركز المشروع المشترك على تنمية الغاز في المناطق الدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك شرق المتوسط، إذ تعتزم تلك الشركات استكشاف مجموعة من الآليات لتشكيل شراكتها الجديدة والتوسع المحتمل فيها.

وأضاف الغزاوي في تصريح لـ”العرب” أن “تحقيق إستراتيجية مصر 2025 من الغاز يتطلب عمليات تنقيب جديدة وزيادة التطوير بالبنية التحتية للغاز، وهو ما تسعى إليه مصر، ويتحقق بقوة من خلال تعاون الشركات الثلاث المرتقب”.

ولا يزال لدى مصر فائض من الغاز في محطتي الإسالة في إدكو ودمياط، ولذلك شهدت الفترة الماضية تصريحات حكومية بأن البلاد تنتظر الوقت المناسب لزيادة قدرتهما إلى الضعف أو ثلاثة أضعاف.

وتخطط القاهرة لتشغيل المحطتين بكامل طاقتهما على مدار العام الجاري، لكن القدرة التصديرية القصوى للغاز الطبيعي المسال قد تصل إلى 12 مليون طن سنويا بعد عامين.

Thumbnail

وأوضح خبير الطاقة المصري فتحي كمال أن زيادة تصدير الغاز المسال في مصر إلى أوروبا ورغم أن الصفقة المزمع إتمامها تعزز من ذلك، لكن الأمر مرتبط بموافقة الشركات الإسرائيلية، فهي التي تقرر وتحدد الكميات التي ترغب في تصديرها.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن تعزيز ونمو تصدير الغاز المسال في مصر إلى أوروبا بحاجة إلى تحديث أكبر للبنية التحتية في مصر، بما في ذلك تحقيق المزيد من الاستكشافات وإنشاء محطات وخطوط أنابيب جديدة للغاز الطبيعي المسال.

وقال كمال إنه “أمر لن يتحقق سوى بالشراكة بين الشركات الثلاث وسيستغرق وقتا لن يقل عن ثلاثة أعوام”.

وتعمل السلطات المصرية منذ العام الماضي على ترشيد استخدام الغاز الموجه لتشغيل محطات الكهرباء والتحول إلى بدائل أخرى كالمازوت، لتوفير المزيد من هذا المورد للتصدير.

وهذا التحرك يأتي لاسيما في ظل نقص العملة الأجنبية، ما دفع الحكومة إلى البحث عن مصادر لتعظيم الصادرات الممكنة من جميع القطاعات.

11