خطة واشنطن لما بعد حرب غزة.. هل تنصف الفلسطينيين

لم تنتهِ الحرب على غزة بعد، وفي ظل استمرار القصف الوحشي على مخيمات رفح، ما زالت إسرائيل تطمح في تبعية القطاع لسيطرتها بعدما تدك أنفاق حماس وتعلن المنطقة خالية من الحركة تمامًا. لكن يبدو أن لأميركا رأيًا آخر في هذه القضية، وهو يحقق في المقام الأول مصلحة إسرائيل.
جزء من السيناريو الأميركي لمستقبل غزة بعد انتهاء الحرب هو ما أعلنه البيت الأبيض بضرورة عودة السلطة الرسمية إلى غزة. فيبدو أن واشنطن تحرك خيوط الوضع في غزة عن بُعد، فتراقب التوسع الإسرائيلي في رفح وتعطي الاحتلال الضوء الأخضر من أجل الوصول إلى أهدافه بمطاردة ذيول حماس وتحقيق أهدافه كاملةً في القطاع، ليخلو الجو لهما بكتابة سيناريوهات مستقبل غزة وإملائها على الفلسطينيين شاؤوا ذلك أم رفضوه.
الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيسي في حرب إسرائيل على حماس، فهي تزود إسرائيل بكل الوسائل العسكرية وتدعمها في خطة توسيع نطاق الحرب. وهي من تملك الحل والربط في مستقبل الدولة الفلسطينية وليس قطاع غزة فحسب. ومن الواضح أن إدارة جو بايدن قد درست تشكيل مجلس فلسطيني يضم فلسطينيين من غزة ليكون بمثابة مجلس حكم مؤقت. ومن بين السيناريوهات المطروحة أيضًا إسناد الأمر إلى السلطة الفلسطينية وهو يأتي عن طريق الإصلاح السياسي في محاولة منها – كما تقول – بتحقيق الانتقال إلى مرحلة إعداد خارطة طريق بعد انتهاء دور حماس في القطاع.
◄ يبدو أن واشنطن تحرك خيوط الوضع في غزة عن بُعد، فتراقب التوسع الإسرائيلي في رفح وتعطي الاحتلال الضوء الأخضر من أجل الوصول إلى أهدافه بمطاردة ذيول حماس
ومن ضمن الخطة الأميركية وجود سلطة فلسطينية متجددة، لكن ذلك مشروط بتوليها الحفاظ على أمن إسرائيل. وتكون لها عدة مهام، أولها الحفاظ على أمن إسرائيل، وكذلك إعلان غزة وفلسطين كاملة دولة منزوعة السلاح لمنع حدوث تكرار جديد لكارثة طوفان الأقصى في محاولة لإرضاء إسرائيل بعد فشلها الذريع في رسم مستقبل غزة وفقًا لرؤية بنيامين نتنياهو ومن معه من المتطرفين.
ويبدو أن قرب واشنطن من تل أبيب سوف يستمر، خاصة مع قرب الانتخابات الأميركية التي يشكل فيها اللوبي الإسرائيلي ضغطًا كبيرًا، كما يحرك الخيوط في بعض الولايات والذي بدوره يرجح كفة مرشح عن آخر. ورغم رغبة بايدن في سقوط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقدوم قيادة جديدة أفضل من الائتلاف اليميني الحاكم حاليًا، إلا أنه يمارس معه في الوقت الحالي ألعابًا نفسية، لكنه لا يرفع يده عن الدعم العسكري مهما كانت ضخامته وطول مدته.
نتنياهو أبدى رفضه الكامل وبدا تصادميًا للدرجة التي جعلت إدارة بايدن تتخذ موقفًا حاسمًا منه ومن العلاقة التاريخية التي تجمع واشنطن بتل أبيب. وقد بدا ذلك واضحًا عندما توقفت عن استعمال الفيتو. هذا الفتور في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية قد يشير إلى قرب انتهاء حكومة نتنياهو في حال ما إذا بقي بايدن في السلطة لولاية رئاسية جديدة، وهو ما سيفتح الباب لإجراء انتخابات إسرائيلية مسبقة بضغط أميركي فهي قد تبحث عن شخصية قادرة على طي صفحة السابع من أكتوبر وتوقف الانتقام الإسرائيلي من حماس ومن قطاع غزة وتعيد العلاقات مع مصر إلى مستوى ما كانت عليه قبل الحرب.
لكن في نفس الوقت، مع اقتراب الانتخابات الأميركية والحرب الإعلامية المشتعلة بين الرئيس الحالي جو بايدن وسابقه المرشح الحالي دونالد ترامب، يبدو أن أميركا ليست باستطاعتها تقديم شيء للفلسطينيين سوى تصريحات صحفية تخرج من البيت الأبيض تساند إسرائيل من ناحية، وتعد الفلسطينيين بغزة جديدة من ناحية أخرى. فهل ترسم فترة ما بعد الحرب مستقبلًا أفضل لغزة قد ينصف أهلها؟