خطة مغربية واعدة لتسريع هيكلة شركات وصناديق الدولة

الرباط - قطعت الحكومة المغربية شوطا مهمّا في إعادة هيكلة الأصول السيادية للبلد، مراهنة على الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة من أجل تعزيز كفاءة الشركات الحكومية حتى تكون محركا للتنمية الشاملة.
وبحسب وثيقة حكومية، يتم إنشاء شركة قابضة لتعزيز تكامل 13 بنكا وصندوقا استثماريا حكوميا وتعظيم إيراداتها، ضمن برنامج أوسع لهيكلة قرابة 57 مؤسسة وشركة تابعة للدولة.
وتفرض ضرورات الإصلاح المالي على الحكومة الدخول في طريق مراجعة دعم الشركات الحكومية، والذي سيكون التقليص في المخصصات الموجهة إليها أمرا مهما لجعلها تعتمد على نفسها من المداخيل التي تحققها رغم الضغوط القائمة.
ودعت وكالة التدبير الإستراتيجي التي تتابع أداء المؤسسات والشركات الحكومية والعمومية، الشركات الاستشارية إلى تقديم عطاءاتها لإجراء ما أسمته “دراسة إستراتيجية للقطاع المالي الحكومي" بهدف تقوية التنسيق والتكامل وترشيد استعمال الموارد المالية.
واستحدث المغرب هذه الوكالة في عام 2021 بهدف هيكلة الشركات الحكومية وتقليص عددها لتحسين كفاءة استثماراتها لتكون محركا للتنمية الاقتصادية وقاطرة للقطاع الخاص مع دراسة إمكانية خصخصة 57 مؤسسة وشركة حكومية في مرحلة أولى.
وتشمل الدراسة المنتظرة 8 مؤسسات مالية حكومية، هي صندوق الإيداع والتدبير وشركة تمويلكم لضمان التمويلات، وصندوق التجهيز الجماعي لتمويل المدن، وبنك القرض الفلاحي للمغرب المخصص لتمويل القطاع الزراعي.
◙ الحكومة تدرس تأسيس شركة قابضة من أجل تحسين إيرادات 13 بنكا وصندوقا استثماريا تابعا للدولة
وفضلا إلى ذلك، البريد بنك وبنك القرض العقاري والسياحي وسي.دي.جي كابيتال وهو بنك استثماري، وفينيا لتمويل الشركات.
وأكبر هذه المؤسسات المصرفية صندوق الإيداع والتدبير، حيث يتولى إدارة وتوظيف احتياطيات صندوق تقاعد القطاع الخاص وصندوق الادخار الوطني، وتبلغ قيمة أصوله 35.5 مليار دولار وفق آخر أرقام متوفرة بنهاية 2023.
أما صناديق الاستثمار الحكومية المعنية بالدراسة، فتضم صندوق محمد السادس للاستثمار (الصندوق السيادي) وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وكذلك صندوق إثمار الموارد، وسي.دي.جي إنفست، وهو صندوق يستثمر في الأسهم الخاصة، وأسما إنفست (الشركة السعودية المغربية للاستثمار) وتستثمر في قطاعات العقار والسياحة والزراعة.
ويُنتظر من الدراسة أيضا تقييم إمكانية إنشاء بنك استثماري حكومي من خلال تحليل نموذجه الاقتصادي، فضلا عن آثاره المالية والتنظيمية على الدولة.
وسيتم فتح العطاءات الخاصة بالدراسة الاستشارية المخصص لها اعتماد بمبلغ 30.3 مليون درهم (3 ملايين دولار) في السادس عشر من أبريل المقبل.
ويُمنح الفائز 10 أشهر لإكمال الدراسة التي يُنتظر منها تحديد آليات التقارب والتعاون بين مختلف الكيانات المعنية لتعظيم آثار استثماراتها وترشيد مواردها من خلال وضع حوكمة شاملة لضمان التكامل العملياتي والإستراتيجي بينها.
ويسعى المغرب لتحقيق تفاعل بين البنوك وصناديق الاستثمار الحكومية لزيادة تأثير الاستثمارات والاستجابة بفعالية للاحتياجات التمويلية المتزايدة في القطاعات الإستراتيجية والأولوية، كما تورد الوثيقة.
ولا تزال الاستثمارات الحكومية تمثل حصة الأسد في المغرب. وتسعى الحكومة من خلال ميثاق الاستثمار الجديد لزيادة حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات من الثلث حاليا إلى الثلثين بحلول 2035.
وفي ختام زيارة إلى الرباط الشهر الماضي، حثت بعثة صندوق النقد الدولي الحكومة المغربية على زيادة الجهود لرفع الإيرادات الضريبية وترشيد الإنفاق مع تقليص الدعم للشركات الحكومية لتمويل الإصلاحات الهيكلية.
ولدى المغرب 227 مؤسسة حكومية و45 شركة حكومية، إضافة إلى 517 شركة تابعة، أبرزها شركة الفوسفات (أو.سي.بي)، وفقا لأرقام وزارة الاقتصاد والمالية لعام 2024.
وصرفت الدولة لهذه المؤسسات والشركات ميزانية تناهز 6.5 مليار دولار في عام 2023، في حين لم تتجاوز الأرباح المحولة من طرفها للميزانية 1.34 مليار دولار.
227
مؤسسة و45 شركة و517 شركة تابعة لها، تديرها الحكومة، وفق أرقام وزارة الاقتصاد
وبالتوازي مع ذلك تعمل الحكومة على طرح أصول مملوكة للدولة للبيع ضم برنامجها لتعزيز الإيرادات نظرا إلى حاجتها إلى الموارد المالية، لاسيما وأنها مُقبلة على مجموعة من المشاريع الكبرى والإستراتيجية.
ويقتفي المغرب خطى دول عربية مثل السعودية والإمارات وسلطنة عمان ومصر في بيع حصص في أصولها المتنوعة، وتشمل الطاقة والتعدين وغيرهما، لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية.
ووضعت الحكومة آمالها في ميزانية 2025 للابتعاد عن الظروف المالية الضاغطة رغم حسن تسييرها للإكراهات، والتي تتزامن مع أزمة اقتصادية عالمية، وتأثيرات الاحتباس الحراري على قطاع الزراعة.
وتُعول الحكومة على أرباح المؤسسات والشركات الحكومية بقيمة تتجاوز 1.65 مليار دولار، موزعة على شركة الفوسفات بقيمة 750 مليون دولار، والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بنحو 600 مليون دولار.
واستفاد البلد في السنوات الماضية من دعم البنك الدولي لتحسين أداء القطاع العام، حيث تم تسجيل زيادة 7 في المئة في الإيرادات الضريبية الإضافية عبر الامتثال، وزيادة الإيرادات بنسبة 22 في المئة والتي تحصلها أكبر عشر بلديات على المستوى المحلي.
وتحتاج الحكومة إلى موارد مالية لتغطية النفقات الاجتماعية، التي ستُكلف خزينة الدولة حوالي 4.9 مليار دولار بحلول 2026، فضلا عن قطاع الاستثمار الذي هو في حاجة إلى قرابة 32 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تناهز قيمة الموارد المتأتية من بيع الأصول والخصخصة في العامين 2025 و2026 ما قيمته 293 مليون دولار كل سنة.
وبالإضافة إلى تزايد الالتزامات الاجتماعية والإصلاحات الهيكلية في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة وصندوق المقاصة، يعتقد خبراء أن يشمل البرنامج شطب مؤسسات لم تعد لها أيّ جدوى وحضورها يثقل كاهل الدولة بمصاريف زائدة عن الحاجة.