خطة لبنانية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم

بيروت – كشف الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس، عن وضع خطة لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع سوريا والدول المهتمة بشؤونهم، في خطوة باركها التيار الوطني الحرّ الذي يقود منذ فترة حملة ضغوط كبيرة للدفع نحو هذا التوجه بتحميله اللاجئين السوريين جزءا من أزمة البلاد الاقتصادية.
وقال عون، خلال استقباله وفداً من تجمع العلماء المسلمين في لبنان، “لطالما طالبنا الدول المعنية بشؤون النازحين بالقيام بما عليها في سبيل تأمين عودتهم إلى بلادهم وانتظرنا مواقفها، بحيث أنه بات علينا نحن اليوم أن نقوم بما هو عملي لدفع هذه الدول للقيام بواجباتها حيالهم”.
وأكد الرئيس اللبناني ”ليس في وارد الاعتداء على أحد أو تأييد الخلافات والحروب مطلقا إلا أننا ملزمون بالدفاع عن أنفسنا سواء كنا حياديين أو غير حياديين”.
والثلاثاء، أقر مجلس الوزراء اللبناني خطة مبدئية لعودة اللاجئين السوريين إلى سوريا. وجاء في بيان أن المجلس وافق مبدئيًا على ورقة متعلقة بدعم عودة اللاجئين السوريين.
وبحسب البيان، تتولى “لجنة إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم بأمان وكرامة ومتابعة بنود الورقة وتنفيذها العملي، وعرض النتيجة على مجلس الوزراء”.
وتتضمن ورقة عودة اللاجئين، التي قدمها وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني، رمزي مشرفية، “التمسك بعودة النازح السوري وعدم ربط العودة بالعملية السياسية في سوريا”.
وتشدد على “ضرورة الانفتاح والتعاون والتنسيق مع الأطراف المعنية بالنزوح، لضمان عودة آمنة للنازحين، والاستناد إلى التجارب الدولية في حالات مماثلة، واحترام حقوق الإنسان، والالتزام بمبدأ عدم العودة القسرية”.
وأثار إقرار ورقة عودة اللاجئين عدة ردود فعل في لبنان، إذ عبر وزير الخارجية اللبناني السابق، جبران باسيل، عن رضاه بإقرار الخطة، بعد أن أثار جدلًا واسعًا حول قضية اللاجئين السوريين خلال فترة توليه وزارة الخارجية، وتعرض لانتقادات داخلية وخارجية إثر ذلك.
ويتصدر التيار الوطني الحر منذ البداية القوى المعارضة لوجود النازحين السوريين، وقاد زعيمه باسيل حملات دبلوماسية عدة وفتح قنوات اتصال مع دمشق رغم الانقسام الحكومي حول هذه المسألة.
ومعلوم أن جميع القوى في لبنان متفقة على عودة اللاجئين السوريين بيد أن الخلاف يكمن في كيفية تأمين هذه العودة في ظل تحفظ دولي يرى أن حل هذه المسألة مرتبط بتسوية الأزمة السورية، لكن البعض بدا في الفترة الأخيرة متشككا في استمرار وجود مثل هذا التحفظ.
ويقود هذا التجاذب التيار الوطني الحر (المحسوب على الرئيس ميشال عون) وتيار المستقبل (المحسوب على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري).
وبينما لا يوفّر الفريق الأول جهدا للتخلص من عبء النزوح السوري، ويعتبر الملف “سياديا لا يمكن التراجع عنه” على حد تعبير عون، لا يألو الفريق الثاني جهدا في التعبير عن خوفه على مصير العائدين “في ظل عدم توافر الأمان اللازم للعودة”.
ووصف عضو “كتلة لبنان القوي” النائب روجيه عازار عبر حسابه في تويتر، الخطوة بـ”الشجاعة”، وتحدث عن توفير 40 مليار دولار لو نُفذت منذ 2011.
وكان وزير الداخلية والبلديات اللبناني، محمد فهمي، قال في كلمة له خلال حفل إطلاق المنصة الإلكترونية للجهات المانحة، إن “لبنان يعاني من وضع اقتصادي حاد وصعب للغاية، بسبب عبء النازحين والأزمة الاقتصادية بسبب كورونا، والضغوطات الاقتصادية التي تهدد وجود المجتمع اللبناني”.
ويستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري فروا من العنف الذي يعصف بالبلاد منذ 2011، وسجلت عودة المئات منهم في السنوات الأخيرة بيد أن أكثرهم ما زالوا مترددين في اتخاذ هكذا خطوة في غياب ضمانات دولية بعدم تعرضهم لعمليات تنكيل من قبل السلطات السورية التي تصنف معظمهم في خانة المعارضين.
وتأثر السوريون في لبنان كثيرا بتبعات الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، خاصة مع توقف أعمال جزء منهم إثر انتشار كورونا، وما تبعه من إجراءات حكومية لمنع تفشي الفايروس.