خطة عُمانية طموحة لتنويع المقاصد السياحية وتطويرها

عززت سلطنة عمان خططها الرامية إلى زيادة زخم السياحة عبر التركيز على تنويع المقاصد بالبلاد وتطويرها، في تحرك يرى خبراء أنه سيساعد الحكومة على تحقيق عوائد مستدامة مستقبلا وجذب المزيد من الوافدين وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي.
مسقط - شكل إعلان وزارة السياحة العمانية أنها ستركز على منتجات وخدمات متنوعة في القطاع دليلا آخر على حرص البلد الخليجي على اللحاق بأسرع وقت ممكن بجيرانه، وفي الوقت ذاته جعل هذا المجال داعما للتنمية على قاعدة تنويع مصادر الدخل.
وتواجه صناعة السياحة بالبلد منافسة قوية من دول المنطقة، في مقدمتها الإمارات والسعودية، حيث عزز أكبر اقتصاد عربي أشكال السياحة الأخرى غير الدينية، بضخ استثمارات فوق 50 مليار دولار منذ 2016، لتحقيق رؤية 2030.
كما قامت الإمارات بتكثيف استثماراتها في القطاع حتى تحولت إمارة دبي على سبيل المثال إلى واحدة من أفضل الوجهات السياحية ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل وفي العالم.
وتسعى سلطنة عمان وهي الأضعف اقتصاديا بين جيرانها الخليجيين، منذ سنوات إلى تنويع اقتصادها، مركزة على السياحة كبديل واعد لقطاع الطاقة الذي شكل في الأعوام التي سبقت ظهور الوباء 86 في المئة من إيرادات الدولة فيما ارتد تراجع أسعار النفط سلبيا على الموازنة.
داوود الراشدي: نركز على سياحة المغامرات نظرا إلى نموها المتزايد
ووضعت الحكومة العمانية في عام 2019 قدما باتجاه الاستفادة بشكل أكبر من السياحة مستقبلا في أعقاب إقرار حزمة من الإعفاءات الضريبية لتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
وتعمل مسقط الآن على تطوير وتنظيم منتج سياحة المغامرات باعتبارها من أسرع أنواع السياحة نموا على مستوى العالم.
ويجتذب هذا المنتج المزيد من الراغبين سنويا في الاكتشاف والمغامرة والاستمتاع بما شكلته الطبيعة وتنوعها، فضلا عن تشجيع السياحة البيئية والممارسات المستدامة.
وتشير الإحصاءات الصادرة عن منظمة السياحة العالمية إلى أن حجم سوق سياحة المغامرات العالمية بلغ نحو 282.1 مليار دولار في العام الماضي.
وبحسب خبراء المنظمة من المتوقع أن يرتفع بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 15.2 في المئة انطلاقا من 2022 وحتى نهاية العقد الحالي.
وأوضح داوود الراشدي مدير دائرة تطوير المنتج والتجارب السياحية بوزارة السياحة أن التركيز على سياحة المغامرات يأتي نظرا إلى النمو المتزايد في ممارسة أنشطتها عالميا وفي سلطنة عُمان بشكل خاص.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الراشدي قوله الأحد إن “الوزارة تعمل مع مختلف الشركاء على تنظيم أنشطة سياحة المغامرات من خلال البحث والدراسة لأفضل الممارسات التي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها في السلطنة”.
وأكد أن الدولة وضعت كل التصورات المتعلقة بهذا المنتج من حيث القوانين والتشريعات واعتماد اللوائح التنظيمية كون المغامرات ضمن خانة الأنشطة الخطرة. لكنه لم يذكر العوائد التي تتوقعها بلاده من هذا المجال.
وزارة السياحة تُطور مع مجموعة عمران مسالك جبلية بمحافظة مسندم ومشاريع الواحات بمحافظة جنوب الباطنة
وتستعين مسقط بالتجربة النيوزيلندية في تنظيم وإدارة نشاط سياحة المغامرات التي تعتبر أحد أفضل النماذج في تطبيق معايير الأمن والسلامة في أنشطة سياحة المغامرات.
ويحدد قانون صادر في 2020 ضرورة حصول مكاتب السفر والسياحة المنظمة للجولات السياحية التي ترغب في التخصص في ممارسة أحد أنشطة المغامرات البرية على ترخيص الوزارة.
ويكون ذلك بعد الحصول على شهادة التدقيق والمتعلقة بالامتثال لمتطلبات الأمن والسلامة وسداد الرسوم المقررة.
وحتى تنجح في مساعيها، تتطلع الحكومة إلى إشراك القطاع الخاص في هذا المجال من خلال تعزيز الاستثمار في مشاريع المغامرات السياحية بمختلف أنواعها.
وكشف الراشدي أن من أهم المشاريع التي ستفتح في العام المقبل، هو السلك الانزلاقي في محافظة مسندم كمرحلة أولى من المشروع ككل.
كما قامت الوزارة بالتعاون مع بعض الفرق الشبابية بصيانة مسار السلك الحديدي للتسلق في جبل شمس.
وبالإضافة إلى ذلك أطلقت منتجا سياحيا جديدا لبعض أنشطة المغامرات لقرية الشريجة في الجبل الأخضر من خلال شركة القمة وهي شركة شبابية وهناك خطط تعاون لتطوير المشروع مستقبلا.
وتشهد السياحة العمانية تحولات كبيرة من شأنها الارتقاء بالقطاع نحو آفاق أوسع وأرحب لتعزيز البنية الأساسية السياحية عبر جذب رؤوس الأموال الأجنبية وإيجاد فرص استثمارية سياحية متكاملة مع القطاع الخاص وتعزيز فرص الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتبذل مسقط منذ فترة جهودا بالتعاون مع الجهات المختصة من القطاعين العام والخاص لتطوير وجهات سياحية مربحة ومستدامة لتحقيق النمو الاقتصادي.
وخلال الآونة الماضية قامت وزارة السياحة بتمويل عدد من المشاريع بالتعاون مع الشركة العُمانية للتنمية السياحية (عمران) نحو تطوير عدد من المسارات الجبلية والدراجات الجبلية بمحافظة مسندم.
كما تعاون الطرفان على مشاريع الواحات المصغرة بوادي بني عوف بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة لتقديم الخدمات لمرتادي أفضل الأودية بالبلاد لممارسة نشاط عبور أخاديد الأودية والتسلق الجبلي.
ويجري العمل على حصر وتقييم المواقع الطبيعية التي يمكن فيها ممارسة أنشطة المغامرات بجميع أنواعها كالمشي الجبلي والكهوف والأودية وغيرها ذات الصلة لمعرفة الاحتياجات اللازمة لجوانب الصيانة والخدمات.
وفي منتصف أغسطس الماضي تلقت مسقط دفعة قوية في سياق خططها لتطوير صناعة السياحة كإحدى ركائز إستراتيجيتها طويلة المدى، والتي تؤسس لبناء اقتصاد متنوع غير معتمد على ما يتم تحصيله من عوائد النفط والغاز على قلتها.
ورفعت فيتش سوليوشنز الدولية توقعاتها الإيجابية لانتعاش السياحة في البلد الخليجي خلال العامين الحالي والمقبل مع ترجيح خبراء الوكالة لنمو أقوى للقطاع خلال فترة التوقعات متوسطة المدى بين عامي 2024 و2026.
وتتوقع الوكالة نمو القطاع على مدى السنوات القادمة مستفيدا من أجندة التنويع الاقتصادي لـ”رؤية 2040″ وخطط التنمية السياحية التي تنفذها الحكومة عبر برامج التعافي من تأثيرات الوباء ومبادرات التسويق الرقمي والإعلان عن استثمارات جديدة.