خطة عمانية لزيادة وتيرة الاستثمار في المدن الصناعية

يُظهر الاهتمام المتزايد بتعزيز وتيرة الاستثمارات في المدن الصناعية أن سلطنة عُمان عازمة على جعلها حاضنات أساسية لدعم الأعمال والتجارة محليا وخارجيا، عبر الاستمرار في دفع شراكاتها المثمرة مع القطاع الخاص إلى آفاق أوسع لتحقيق مجموعة من الأهداف تتمحور جميعها حول إعطاء زخم لمسار التنمية.
مسقط - تراهن سلطنة عمان على استكمال خططها المتعلقة بدعم نشاط الأعمال وتنمية القطاعات الإنتاجية من خلال دعم دور المناطق الصناعية في بناء الاقتصاد ولجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة.
وعززت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية (مدائن) من زخم أعمالها بإطلاقها برنامجا طموحا يتمثل في بناء مجموعة من المجمعات، التي ستقدم فرصة للشركات المحلية والأجنبية للاستثمار في الصناعة والقطاعات الاستثمارية المكملة للقطاع بالبلاد.
وأكد هلال الحسني الرئيس التنفيذي لمدائن في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية، أن المؤسسة المملوكة للدولة تعتزم طرح فرص تطوير 10 مجمعات استثمارية في أربع مدن صناعية هي صحار وسمائل والبريمي وصور في قطاعات متنوعة.
ولم يذكر الحسني التكاليف التقديرية لتلك المشاريع، لكنه أكد أن المجمعات تهدف إلى دعم التكامل بين المصانع الصغيرة والكبيرة والإسهام في تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية نحو الصناعات التكميلية، بحكم تجاورها وتمركزها في مدينة صناعية واحدة.
وأشار إلى أنه في ظل التوجه إلى توطين مشاريع كبرى، وفي ضوء خطة مدائن لإنشاء ميناء عالمي متعدد الأغراض ونظرا للتوسعات التي حصلت أخيرا، فإن الحاجة أصبحت ملحة لتطوير المخطط العام للمدن الصناعية لمواكبة هذه التغييرات والمستجدات.

هلال الحسني: الحاجة باتت ملحة لتطوير المدن الصناعية لمواكبة التغييرات
ولتشجيع دخول رؤوس الأموال، تقدم المؤسسة حزمة من التسهيلات والحوافز لدعم بيئة الاستثمار في مختلف المدن الصناعية التابعة لها، وتتضمن منح حوافز تشمل الإعفاء من الإيجارات لمدة عامين وخفض الرسوم لكافة المشروعات الجديدة.
ومن المتوقع أن تتولى الشركات الفائزة بالعروض بناء المجمعات من خلال مخططات عقارية تم اعتماد تصاميمها من قبل مدائن.
وستقوم الشركات المطورة بعد ذلك بتسويق الوحدات الصناعية والاستثمارية الجاهزة مع مرافقها للشركات المحلية والأجنبية، لشراء أو تأجير تلك الوحدات للتشغيل الفوري بعد تركيب خطوط الإنتاج الخاصة بالمستأجر أو المالك الجديد.
وتتمثل أنشطة المجمعات الاستثمارية بمدينة صحار الصناعية قطاعات الصناعات الغذائية والبلاستيكية، بينما تركز أنشطة المجمعات الاستثمارية في مدينة صور الصناعية على الصناعات المتعددة.
أما أنشطة المجمعات بمدينة سمائل الصناعية، فستركز على الصناعات الغذائية والبلاستيكية والقطاع اللوجستي، بينما تقوم أنشطة المجمعات بمدينة البريمي الصناعية على توطين مجموعة من الصناعات الأخرى.
ويأتي الإعلان عن المشاريع بينما تستكمل مدائن خططها الأخرى، حيث أكد الحسني أن مشروع إنشاء مدينة ثمريت الصناعية البالغ مساحته حوالي 4 ملايين متر مربع دخل مرحلة التصميم النهائي للبنية الأساسية وتحديد فرص الاستثمار المتاحة للقطاع الخاص.
وستركز المدينة الجديدة على توطين الصناعات التعدينية المختلفة ومنها صناعات الجبس والحجر الجيري والصناعات الخفيفة المتعلقة بمواد البناء من المنتجات الإسمنتية.
وبالإضافة إلى ذلك سيتم فتح المجال للخدمات المساندة التي سيكون لها جزء من المدينة الصناعية، كورش صيانة المركبات والمخازن الباردة والجافة ومحطة للوقود وأخرى لوزن الشاحنات.
كما تم تخصيص مساحات للمشروعات التجارية كمعارض السيارات والمقاهي والاستراحات وسكن العاملين، على أن يتم تطويرها عبر الشراكة مع القطاع الخاص كفرص استثمارية.
وفضلا عن ذلك، تعمل مدائن على استكمال المرحلة الأولى من مشروع تشييد أعمال البنية التحتية بمدينة عبري الصناعية بتكلفة تصل إلى 9 ملايين ريال (23.4 مليون دولار) لتطوير ثلاثة ملايين متر مربع. ومن المتوقع أن تنتهي الأشغال في منتصف 2023.
وتستعد المؤسسة لطرح مزايدة استثمارية قبل نهاية هذا العام لمحطة الخدمة الواحدة في عبري، تتضمن محطة بترول وفندق ومرافق خدمية عامة.
وأشار الحسني إلى أن مدائن تواصل حاليا تنفيذ مجموعة من المشاريع الحيوية في المدن الصناعية القائمة، بهدف إيجاد القيمة المضافة والبيئة الملائمة للاستثمار.
7.3 مليار دولار قيمة استثمارات الشركات القائمة بالمدن الصناعية حتى نهاية 2019
ففي مدينة صور الصناعية، يجري العمل على تنفيذ مشروع تطوير البنية الأساسية بقيمة إجمالية تتجاوز 12 مليون ريال (31.2 مليون دولار) على أن يتم الانتهاء منه مع بداية النصف الثاني من العام المقبل.
وحققت المؤسسة قفزات كبيرة في مؤشرات نتائج أعمالها مع نهاية الخطتين الخمسيتين الثامنة والتاسعة لتسجل نموا بنسبة 309 في المئة في عدد المشاريع و208 في المئة في حجم توطين الاستثمارات و274 في المئة في عدد العاملين بالمشاريع الاستثمارية.
وتظهر الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مدائن أن استثمارات الشركات القائمة في المدن الصناعية التابعة للمؤسسة حتى نهاية العام 2019 وصل إلى حدود 2.8 مليار ريال (7.3 مليار دولار).
وبلغت القيمة المضافة للشركات المنتجة في مدائن 1.075 مليار ريال (2.8 مليار دولار)، أما إجمالي قيمة الصادرات في جميع المدن الصناعية فقد وصل إلى نحو 1.36 مليار ريال (3.54 مليار دولار) بينما بلغت الواردات 1.087 مليار ريال (2.83 مليار دولار).
ويعد التحول الرقمي أحد العوامل الرئيسة في تعزيز وتمكين الجهود الساعية إلى تحقيق “رؤية مدائن 2040” وعاملا أساسيا في رفع كفاءة الأعمال في السنوات المقبلة.
وأكد الحسني أن مدائن انتهت من إعداد استراتيجية التحول الرقمي واعتمادها أخيرا، ويعد مشروع النظام الإداري والمالي من أبرز خطط هذا التحول، وهو مشروع يُعنى بإدارة موارد متكاملة بالمؤسسة مطابقة للمعايير التقنية الحديثة.
وقبل قيود الجائحة، شهدت عمان انطلاق تنفيذ برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، حيث تم نقل إدارة وتشغيل أول مدينة صناعية وباكورة المدن الاقتصادية العمانية (الرسيل) إلى شركة عُمان للاستثمار والتطوير القابضة (مبادرة).
وأوكلت تلك المهمة لشركة مدينة الرسيل الصناعية لتكون أول كيان متخصص في مجال بناء وإدارة وتشغيل المدن الصناعية تحت مظلتها.