خطة حكومية لعزل الإيرانيين عن شبكة الإنترنت العالمية

طهران - نشرت وسائل الإعلام الحكومية في إيران الجمعة أجزاء من خطة “شبكة الإنترنت الوطنية”، وذلك بعد أسابيع قليلة من الموافقة على هذه الخطة في المجلس الأعلى للفضاء السيبراني الإيراني، فيما أعربت أوساط إيرانية عن قلقها بشأن الخطة قائلة إنها تعزل الإيرانيين عن شبكة الإنترنت العالمية.
وكان المجلس الأعلى للفضاء السيبراني في إيران قد وافق على “الخطة الكبرى لشبكة الإنترنت الوطنية” في 15 سبتمبر الماضي. وبحسب وكالة “مهر” للأنباء شبه الحكومية، تم الإعلان عن الخطة بعد موافقة المرشد علي خامنئي.
ووفق أجزاء من هذه الخطة فإن تنفيذ “شبكة الإنترنت الوطنية” سيكون في شكل “21 مكونًا وإجراءات بنية تحتية”، و”30 خدمة”.
ومن بين البنود المذكورة في “قائمة خدمات شبكة الإنترنت الوطنية”: إنشاء محرك بحث داخلي، وتطبيقات مراسلة، وشبكة اجتماعية داخلية، وتسجيل النشطاء، ونظام تشغيل داخلي، وبريد إلكتروني داخلي، ومتصفح داخلي.
ومن بين الأهداف المحددة “توفير نظام تشغيل داخلي آمن للجوّال، والحصول على 20 في المئة على الأقل من حصة سوق الهواتف الذكية، مع نظام تشغيل داخلي من قبل الشركات المصنعة المحلية”.
كما أن الخطة تهدف أيضا إلى “تعزيز قدرة الأجهزة الأمنية وإنفاذ القانون والهيئات القضائية في الرقابة على المعلومات، وتحديد ومكافحة الانتهاكات والجرائم المنظمة في الفضاء الإلكتروني، بمعدل لا يقل عن 25 في المئة سنويًا”.
وكان محمد جواد آذري جهرمي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني، قد أعلن سابقًا أنه في حالة واحدة فقط تم إنفاق أكثر من 100 ألف مليار تومان على تطوير البنية التحتية لشبكة الإنترنت الوطنية. ويعادل هذا المبلغ 26 ضعف ميزانية وزارة الاتصالات، و66 ضعف ميزانية وزارة التراث الثقافي والسياحة الإيرانية في عام واحد.
ويسعى النظام الإيراني منذ سنوات إلى تنفيذ مشروع يسمى “شبكة الإنترنت الوطنية”، والذي يهدف إلى إنشاء شبكة مستقلة عن الإنترنت العالمية في إيران، فيما أعرب نشطاء حقوق الإنسان ومنظمات حرية المعلومات مرارًا وتكرارًا عن قلقهم بشأن الخطة ونية المسؤولين الإيرانيين قطع وصول الإيرانيين إلى شبكة الإنترنت العالمية.
وقبل ذلك استحدثت إيران نظاما واسعا للرقابة على الإنترنت، يعرف باسم “الفلترة”، وقد شُبه بجدار الصين.
الخطة تهدف إلى إنشاء محرك بحث داخلي وشبكة اجتماعية داخلية وتسجيل النشطاء ونظام تشغيل داخلي ومتصفح داخلي
ويمنع نظام الفلترة المستخدمين من الوصول إلى معظم الشبكات الاجتماعية المعروفة مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب، إضافة إلى منافذ الأخبار الدولية بما فيها شبكة “بي.بي.سي”.
ويعتقد مراقبون أن السلطات الإيرانية تريد أن تخطو خطوة أخرى في الحد من استعمال شبكة الإنترنت، وبدل “قائمة سوداء” للمواقع المحظورة ستكون هناك “قائمة بيضاء” للمواقع المسموح بها فقط.
وقال ماشا عليمرداني من منظمة حقوق الإنسان، إن هذا النهج سيكون “تماشيا مع المؤشرات المقلقة” التي تشير إلى أن السلطات الإيرانية تريد تقييد وصول الناس إلى شبكة الإنترنت غير الخاضعة للرقابة، وذلك على أساس مهنهم وظروفهم الاجتماعية.
ولجأت السلطات الإيرانية إلى وقف خدمات الإنترنت لاحتواء التغطية داخل وخارج إيران حول ما يحصل في الشارع من قمع وحشي بعيدا عن تبادل صور أو فيديوهات توثّق الأحداث.
واندلعت احتجاجات شعبية عارمة في جميع أنحاء البلاد في 15 نوفمبر 2019، بعد أن رفعت السلطات سعر البنزين بشكل مفاجئ بنسبة تصل إلى 200 في المئة، وسرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات إلى المطالبة بإسقاط النظام.
وتتخوف السلطات الإيرانية من موجة احتجاجات أخرى قد تنطلق تزامنا مع الذكرى الأولى لاحتجاجات نوفمبر، حيث تنامت على وسائل التواصل الاجتماعي الدعوات المنادية بالخروج في مظاهرات حاشدة تنديدا بالوضع الاقتصادي المتعثر وتدهور الخدمات العامة.
وتواجه طهران تحديات جمة بدْءًا بالتضخم الجامح والركود وصولا إلى البطالة وتقلص موارد المواطنين. وبسبب تزاحم هذه المشكلات، يخشى النظام انتفاضة شعبية عارمة تحسّب لها الحرس الثوري الإيراني بإعادة نشر وحداته الأمنية داخل المحافظات الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية.
وأقر محمد رضا باهنر، النائب السابق لرئيس البرلمان الإيراني، بأنه إذا لم يتمكن مسؤولو النظام الإيراني من “إنهاء” أحداث نوفمبر 2019، فإن الأمور سـ”تتجه نحو ثورة لا يمكن السيطرة عليها على الإطلاق”.