خطة أوروبية مثيرة للجدل لتسقيف سعر الغاز

المفوضية الأوروبية تضع سقفا للأسعار من أجل كبح أسعار الطاقة التي وصلت إلى مستويات قياسية.
الخميس 2022/11/24
تحديد سقف للسعر لن يؤثر كثيرا في خفض أسعار الغاز في أوروبا

بروكسل - تثير خطة جديدة لتسقيف أسعار الغاز في السوق الأوروبية جدلا بين المتابعين بالنظر إلى الخلافات المستمرة بين أعضاء التكتل مع اقتراب مناقشة الملف بداية من اليوم الخميس في بروكسل.

واقترحت المفوضية الأوروبية الثلاثاء الماضي العمل بوضع حد أقصى لسعر الغاز لمدة عام بدءا من الأول من يناير المقبل عند 275 يورو لكل ميغاواط لكل ساعة.

وتأمل المفوضية في أن يساعد وضع سقف للأسعار الدول الأعضاء على كبح أسعار الطاقة للمنازل والشركات التي وصلت إلى مستويات قياسية هذا العام بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، مما أدى إلى تضخم وارتفاع كلفة المعيشة.

وأدت فكرة الحد الأقصى للسعر إلى تباين في مواقف دول الاتحاد، فبينما تعد بلجيكا واليونان وإيطاليا وبولندا من بين الدول الأعلى صوتا في المطالبة بذلك، تتزعم ألمانيا، أكبر اقتصاد في التكتل، المعارضة.

وقالت ألمانيا إن وضع سقف للأسعار قد يجعل من الصعب جذب إمدادات الغاز التي تشتد الحاجة إليها ويقلص الحوافز للحد من استهلاك الغاز في وقت يتعين فيه على الدول تقليص الاستهلاك والعثور على بدائل للإمدادات الروسية.

واقترحت المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد، وضع سقف لأسعار المشتقات في تعاقدات الشهر المقبل في بورصة (تي.تي.أف) التي مقرها هولندا وهي معيار للأسعار في أوروبا.

كادري سيمسون: لدينا آلية فعالة توازن بين أمن الإمداد والاستقرار المالي
كادري سيمسون: لدينا آلية فعالة توازن بين أمن الإمداد والاستقرار المالي

وجاء في وثائق للمفوضية أن تطبيق سقف الأسعار سيبدأ إذا تجاوز سعر التسوية في تي.تي.أف لتعاقدات الشهر المقبل 275 يورو للميغاواط / ساعة لمدة أسبوعين.

وأشارت إلى أن ذلك سيتم إذا كانت أسعار تي.تي.أف أعلى بمقدار 58 يورو عن السعر المرجعي للغاز الطبيعي المسال لمدة عشرة أيام تداول متتالية في غضون أسبوعين.

وإذا استوفيت هذه الشروط، فلن تعقد أي صفقات أعلى من السقف المحدد. ولن يؤثر ذلك على التجارة خارج البورصة التي قالت المفوضية إنها صمام أمان لعمليات التسليم الحيوية بينما لن تستحوذ على الأرجح على أي حصة كبيرة من التجارة.

ومن المتوقع أن يناقش وزراء الطاقة في الاتحاد صيغة الحد الأقصى ومستوى سقف الأسعار، بالإضافة إلى حجم الفجوة بين سعر بورصة تي.تي.أف وأسعار الغاز الطبيعي المسال العالمية.

وكتب اتحاد بورصات الطاقة الأوروبية (يوروبكس) إلى المفوضية قائلا إن “الخطة قد تشكل خطرا كبيرا على الاستقرار المالي والإمدادات في أسواق الطاقة الأوروبية”.

وذكر خبراء يوروبكس أن الحد الأقصى قد يؤدي إلى توقف المرافق العامة عن الشراء والبيع، فيما يسمى “التحوط”، لإنتاجها من الغاز واستهلاكها ويدفعها أكثر نحو التداول خارج البورصة دون الخضوع لسقف معين مما يعمّق مخاطر الطرف المقابل.

وأشاروا أيضا إلى أن الحد الأقصى قد يجعل من الصعب على المرافق جذب إمدادات الغاز الطبيعي المسال.

ويرى متعاملون أن ذلك قد يقلص سيولة صفقات عقود الشهر التالي، كما سيؤدي إلى زيادة التداول في منتجات أخرى مثل عقود اليوم المقبل.

ولكن مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون تقول إن “الآلية مصممة بعناية لتكون فعالة، مع عدم تعريض أمن الإمدادات وعمل أسواق الطاقة في الاتحاد والاستقرار المالي للخطر”.

وليس من الواضح ما إذا كانت هذه الآلية ستنجح. وأكدت سيمسون حين أعلنت الاقتراح الثلاثاء الماضي أنه لا يوجد حل سحري لخفض الأسعار.

وعقود بورصة تي.تي.أف للشهر التالي يتم تداولها مقابل 120 يورو لكل ميغاواط / ساعة، لكنها وصلت إلى أعلى مستوياتها فوق 340 يورو لكل ميغاواط / ساعة هذا العام.

ومستوى 275 يورو هو سقف أعلى مما توقعه البعض، فقد اقترح دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي في السابق نطاقا يتراوح بين 150 و180 يورو لكل ميغاواط في الساعة.

وفي حين صُمم سقف السعر ليكون حلا مؤقتا، تريد المفوضية معيارا بديلا أكثر استدامة لأسعار الغاز في أوروبا، وطلبت من منظمي الطاقة في الاتحاد الأوروبي تدشين مثل هذا المعيار بحلول أبريل المقبل.

وتاريخيا، استُخدم سعر الغاز في تي.تي.أف معيارا لتوصيل الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا. لكن الانخفاض الكبير في إمدادات الغاز الروسي هذا العام جعل أسعار البورصة متقلبة بشدة، وأكثر كلفة غالبا من أسعار الغاز في المناطق الأخرى.

لا يوجد حل سحري لخفض الاستهلاك
لا يوجد حل سحري لخفض الاستهلاك

وتقول بروكسل إنه يتعين وضع مؤشر جديد نظرا إلى أن تي.تي.أف تسترشد بإمدادات خطوط الأنابيب ولم تعد تمثل سوقا تحتوي على المزيد من الغاز الطبيعي المسال.

واقترحت مصادر أن الصناعة يجب أن تطور معيارا جديدا لنفسها. وسيتوقف نجاحه على مدى استخدام صناعة الغاز له.

واقترحت المفوضية وضع سقف لسعر الغاز الروسي في سبتمبر الماضي لكنها تخلت عن الفكرة بعد مقاومة من دول وسط وشرق أوروبا التي شعرت بالقلق من احتمال أن ترد موسكو بقطع الغاز الذي ما زالت ترسله إليها.

واعتمدت أوروبا على روسيا للحصول على ما يقرب من 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز قبل الحرب في أوكرانيا. وانخفضت هذه الحصة إلى نحو ثمانية في المئة مع قطع روسيا الإمدادات عن أوروبا.

وبالنظر إلى هذا الانخفاض، قال دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إن تحديد سقف للسعر لن يؤثر كثيرا في خفض أسعار الغاز في أوروبا، وسيمثل بشكل أكبر تحركا جيوسياسيا لخفض عائدات موسكو.

11