خطايا رمضان الممثل والإنسان

ما لم يعلن الأفراد والمجموعات عن إنجازاتهم، فلن يعلم أحد عن تلك النجاحات أو يتم الاقتداء بهم كنماذج في مجتمعاتهم وبقية دول العالم.
الأربعاء 2023/05/24
"الفخر المكروه"

تختلف الكيفية التي يفتخر بها شخص بنفسه عن آخر، وتبدو مشاعر الاحتفاء بالنجاح طبيعية على كل حال، فمن حق كل شخص أن يفخر بذاته عندما يضطلع بمهمة عظيمة، أو يكتسب مكانة مرموقة في مجتمعه أو مهارةً ذات قيمة عالية، أو يبذل مجهودات يراها قيّمةً، أو يعتبرها الآخرون فريدة من نوعها أو ملهمة لهم.

غير أن صور الممثل المصري محمد رمضان التي تداولتها مؤخرا مواقع التواصل الاجتماعي وهو جالس في إحدى الطائرات الخاصة، وجواره على المقعد حزمة من الدولارات، قد كشفت عن نوع آخر من “الفخر المكروه” جعل رمضان يبدو في نظر الآخرين في غاية الاستعلاء والهوس بالأموال، وأثارت الكثير من الاستياء لا الإعجاب.

يمتلك أصحاب الثراء الفاحش والذين يتربعون على عرش أثرى أثرياء العالم البلايين من الدولارات ويخوتا خاصة وحانات عائمة ومتاجر تعرض منتجات باهظة الثمن ومطاعم فاخرة، فضلا عن أغلى العقارات، لكن يكاد من المستحيل تقريبا أن تجد من يحسب عدد أصفار بلايينه، أو يلتقط صورا وهو يعانق كمشة من الدولارات، لأنهم لا يرون سببا لفعل ذلك، فالفخر الحقيقي والصادق بالنسبة إلى معظم أثرياء العالم، يدور حول أعمالهم الخيرية وعلاقاتهم الاجتماعية والأسرية، وسماتهم الشخصية، التي ساعدتهم على النجاح والتفوق في مجال المال والأعمال، والحياة بشكل عام.

بينما قد تكشف صورة رمضان عن جانب من نجاحه في مجال التمثيل وجني المزيد من الأموال، فإن التباهي بدولاراته المكومة بجانبه، بدا كما لو أنه نوع من السلوك غير الإنساني في المجتمع المصري الذي يرزح معظم سكانه تحت خط الفقر، لدرجة أن الكثيرين اتهموه بالغرور والسعي للتفرد عن الآخرين.

يمكن إرجاع جانب كبير من الزوبعة التي أثارتها صورة رمضان على مواقع التواصل إلى قاعدة أخلاقية وإنسانية تفرض على رمضان ألا يبالغ في التباهي بأمواله، دون مراعاة المستوى الاقتصادي والاجتماعي السيء لمن يحيطون به من المصريين “الغلابة”. كان يمكن أن يكون تباهي رمضان بحزمة دولاراته مقبولا أكبر، لو حدث وسط أشخاص يماثلونه في الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

على أي حال، إظهار مشاعر الفخر يحدث في مختلف الثقافات والمجتمعات، وفي كل المراحل العمرية، حتى في صفوف الأطفال، الذين لا يزالون يخطون أولى خطواتهم في الحياة.

وما لم يعلن الأفراد والمجموعات عن إنجازاتهم، فلن يعلم أحد عن تلك النجاحات أو يتم الاقتداء بهم كنماذج في مجتمعاتهم وبقية دول العالم، ويمكنهم بذلك ترك بصمتهم للأجيال القادمة من بعدهم.

لكن الفخر الحقيقي والصادق يرتبط بشكلٍ كبير بحجم التقدير الذي يبديه الآخرون لنا، كما لا يتعارض مع قيمنا ومبادئنا، والأهم أن نجعل لأنفسنا بصمة أخلاقية تطبع كل مواقفنا في الحياة، فالعالم لا يتكون فقط من الأشخاص شديدي الثراء الذين يمكنهم فعل كل ما يريدونه بأموالهم، ويهمشون الغالبية العريضة من الأشخاص الفقراء، الذين لا يستطيعون أن يمتلكوا الأشياء نفسها أو يلعبون الأدوار ذاتها.

18