خسائر المحافظين في الانتخابات تزيد من الضغوط على رئيس الوزراء البريطاني

لندن – خسر حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مقعدين في البرلمان الجمعة، في ضربة موجعة للحزب الحاكم أدت إلى استقالة رئيس الحزب وزادت الشكوك حول مستقبل رئيس الوزراء بوريس جونسون.
وخسر الحزب مقعدا في معاقل تقليدية للمحافظين في الجنوب وآخر بشمال إنجلترا كان قد انتزعه من حزب العمال في الانتخابات السابقة. وتشير الخسائر إلى أن القبول واسع النطاق الذي اعتمد عليه جونسون للفوز في الانتخابات الوطنية عام 2019 ربما بدأ في التصدع.
فالمخاوف من أن جونسون قد يصبح عبئا انتخابيا قد تدفع المشرعين إلى التحرك ضده مرة أخرى بعد أشهر من فضيحة متعلقة بإقامة حفلات في مكتبه في داوننغ ستريت خلال جائحة كوفيد – 19 بالمخالفة لقواعد العزل العام، في وقت يعاني فيه الملايين من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
وقاوم جونسون ضغوطا شديدة للاستقالة بعد تغريمه لمخالفة قواعد الإغلاق.
كير ستارمر: حزب المحافظين بات يفتقر إلى الطاقة والأفكار
ونجا هذا الشهر من تصويت على الثقة أجراه نواب محافظون، رغم أن 41 في المئة من النواب المحافظين صوتوا لصالح الإطاحة به، ويخضع لتحقيق من لجنة بشأن ما إذا كان قد ضلل البرلمان عمدا.
وأقر جونسون (58 عاما) بتحقيق نتائج “صعبة” وتعهد الجمعة بـ”الإصغاء” إلى الناخبين لكنه أبدى عزمه أيضا على الاستمرار بعمله على رأس الحكومة.
وقال رئيس الوزراء من رواندا حيث يشارك في قمة الكومونولث “لزوم علينا الإقرار بأن علينا بذل المزيد وسنفعل ذلك وسنستمر، مع الاستجابة لهموم الناس”.
وأضاف “أعتقد أن الحكومة يجب أن تستمع إلى ما يقوله الناس… علينا أن ندرك أن هناك المزيد الذي يتعين علينا القيام به”.
وبعد الخسائر التي مُني بها حزب المحافظين، استقال رئيس الحزب أوليفر دودن في خطاب صاغه بعناية وألمح فيه إلى أنه يعتقد بأن على جونسون تحمل مسؤولية ما يحدث.
وقال دودن، الذي كان حليفا لجونسون لفترة طويلة “لا يمكننا أن نواصل العمل كالمعتاد… لا بد أن يتحمل طرف ما المسؤولية وقد خلصت إلى أنه في ظل تلك الظروف لا يصح أن أبقى في منصبي”.
ورد جونسون بالقول إنه يتفهم أسباب إحباط دودن لكن “هذه الحكومة انتخبت بتفويض تاريخي قبل ما يزيد قليلا عن عامين” وإنه سيواصل العمل على هذا الأساس.
وقد تشكل موجة استقالات من فريق جونسون الحكومي وسيلة أخرى لإجبار رئيس الوزراء على الاستقالة، قبل الانتخابات الوطنية المقبلة، المقرر إجراؤها في عام 2024. ويمكن الدعوة إليها قبل هذا الموعد.
وأجريت الانتخابات الفرعية بعد استقالة اثنين من النواب المحافظين، أحدهما اعترف بمشاهدة مواد إباحية في البرلمان، والآخر تمت إدانته بالاعتداء الجنسي على صبي مراهق.
وألحق الحزب الليبرالي – الديمقراطي هزيمة قاسية بالحزب الحاكم في هونيتن أند تيفرتن وهي دائرة انتخابية في جنوب غرب إنجلترا يسيطر عليها المحافظون منذ إنشائها في العام 1997، متقدما عليه بأكثر من ستة آلاف صوت.
واستعاد حزب العمال تكتل المعارضة الرئيسي، دائرة ويكفيلد في شمال البلاد، متقدما بحوالي خمسة آلاف صوت. وهي دائرة عمالية تقليدية ظفر بها حزب المحافظين في انتخابات العام 2019.
ونُظم الاقتراعان الخميس بعد استقالة نائبين محافظين في الأشهر الأخيرة. فاقتراع ويكفيلد أتى نتيجة استقالة عمران خان الذي حكم عليه بالسجن 18 شهرا بعد إدانته بتهمة ارتكاب اعتداء جنسي على مراهق. أما في هونيتن أند تيفرتن فقد استقال النائب نيل باريس (65 عاما) بعدما أقر بأنه شاهد فيلما إباحيا على هاتفه داخل البرلمان.
وأكد النائبان الفائزان أن البريطانيين فقدوا الثقة ببوريس جونسون، وطالباه بالاستقالة.
المخاوف من أن جونسون قد يصبح عبئا انتخابيا قد تدفع المشرعين إلى التحرك ضده مرة أخرى بعد أشهر من فضيحة متعلقة بإقامة حفلات في مكتبه خلال الجائحة
وقال زعيم المعارضة كير ستارمر الذي يأمل بالحلول مكان جونسون بعد انتخابات عامة مقررة في 2024 إن “الحكم واضح في حق حزب المحافظين الذي بات يفتقر إلى الطاقة والأفكار”.
ورأى زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين إيد دايفي “سكان هونيتن أند تيفرتن تحدثوا باسم البلاد. لقد سئم الرأي العام من الأكاذيب وانتهاكات القانون التي يرتكبها بوريس جونسون وحان الوقت للنواب المحافظين أن يقوموا بما ينبغي القيام به وطرده”.
ويكافح رئيس الوزراء منذ أشهر من أجل استمراريته السياسية بعد سلسلة من القضايا الجدلية ولاسيما “بارتي غيت” ما أثر سلبا على شرعية بقائه زعيما للحزب.
وحتى قبل الجدل الذي اندلع في ديسمبر الماضي، خسر جونسون مهندس البريكست مقعدين كانا مضمونين سابقا لحزبه خلال انتخابات فرعية العام الماضي. ومن ثم سجل نتائج متواضعة خلال انتخابات محلية في مايو الماضي.
وبعد أسابيع على ذلك بادر العشرات من النواب المحافظين إلى طرح الثقة بجونسون داخل الحزب وسحب أكثر من 40 في المئة منهم دعمهم لرئيس الوزراء الذي تواجه حكومته ظروفا غير مواتية مع أعلى معدل تضخم يسجل في البلاد منذ 40 عاما تجاوز 9 في المئة ما دفع عمال السكك الحديد إلى إضراب واسع، فضلا عن فشل محاولة طرد مهاجرين إلى رواندا.