خسائر العاصفة تضغط على قطاع التأمين الإماراتي

بدأت الحكومة الإماراتية في إحصاء الخسائر التي لحقت بالبلاد عقب العاصفة القوية التي ضربت البلاد هذا الأسبوع، والتي شلت مفاصل الاقتصاد بشكل شبه كلي، وسط تزايد المؤشرات على أن قطاع التأمين سيكون تحت ضغط بفعل هذه الكارثة الطبيعية.
أبوظبي - رجحت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن يؤدي هطول الأمطار غير المسبوقة في الإمارات إلى مطالبات تأمينية كبيرة ناجمة عن وثائق تأمين الممتلكات والسيارات وتوقف الأعمال، ما قد يضغط على أرباح شركات التأمين في البلاد.
وقال محمد علي لوند، نائب الرئيس وكبير المحللين في الوكالة، إن “رغم تحسن ربحية هذا القطاع ببطء، لكن هذه الفيضانات قد تؤدي إلى إعادة الضغط على الأرباح، خاصة بالنسبة لشركات التأمين الصغيرة ومتوسطة الحجم التي كافحت لتحقيق أرباح الاكتتاب”.
ولكن لوند نبّه إلى أن شركات التأمين المحلية “تميل لأن تكون مستخدما كثيفا لخدمات إعادة التأمين، ما سيساعد على تخفيف خسائرها في هذه الحالة، ولكنه يضغط صعوديا على أسعار إعادة التأمين عند التجديدات القادمة”.
وتتوقع شركة ألبين كابيتال للاستشارات المصرفية والاستثمارية أن تصل قيمة أقساط التأمين المكتتبة في البلاد إلى 14.8 مليار دولار في العام 2024 مقارنة بنحو 14.1 مليار دولار في 2023، ما يعكس نموا على أساس سنوي بنسبة 5 في المئة.
ويرجح خبراء الشركة أن يواصل القطاع نموه بمعدل سنوي مركب قدره 4.9 في المئة حتى العام 2028 ليصل حجمه إلى 17.9 مليار دولار.
وبحسب إحصائيات البنك المركزي، يبلغ عدد شركات التأمين المرخصة بالبلاد 60 شركة، حيث يتألف القطاع من 23 شركة تقليدية، و10 شركات تكافلية و27 شركة أجنبية.
وذكرت موديز في تقريرها الذي أوردته وكالة بلومبرغ “شكلت المنافسة الشديدة على الحصص والأسعار المنخفضة ضغوطا على ربحية شركات التأمين في الإمارات في السنوات الأخيرة، فيما بدأت هذه الربحية تتحسن ببطء مؤخرا”.
وسببت الأمطار القياسية منذ بدء تسجيل البيانات في العام 1949، التي اجتاحت الإمارات قبل ثلاثة أيام بعدما ضربت سلطنة عمان، فوضى للسكان، إذ دخلت المياه إلى الكثير من منازل المدينة ومواقف السيارات تحت الأرض.
وتركت بعض المباني من دون كهرباء، وغمرت المياه الطرقات على نطاق واسع حتى بعد يوم على انتهاء العاصفة، كما تضررت الكثير من السيارات والممتلكات الخاصة.
ولا يزال الطريق الرئيسي الذي يربط إمارة دبي الأكثر اكتظاظا بالسكان بالعاصمة أبوظبي مغلقا جزئيا، بينما غمرت مياه السيول الطريق البديل المؤدي إلى دبي بالكامل حيث تطفو السيارات والحافلات.
وفي شمال الإمارات، وبما في ذلك إمارة الشارقة، أفادت تقارير بأن السكان ما زالوا محاصرين في منازلهم، بينما قال آخرون هناك إن أضرارا جسيمة لحقت بالمتاجر والشركات.
وقلص مطار دبي الدولي، أحد أكثر مطارات العالم ازدحاما، مؤقتا عدد الرحلات القادمة اعتبارا من منتصف يوم الجمعة ولمدة يومين لتسريع إجراءات عودة العمل لوضعه الطبيعي بعد الأمطار والفيضانات.
ويندر هطول الأمطار في البلاد وأماكن أخرى من شبه الجزيرة العربية، والتي تشتهر عادة بمناخها الصحراوي الجاف حيث يمكن أن ترتفع درجات الحرارة في الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية.
وحتى الآن لا يزال حجم الضرر غير واضح، وبالتالي من الصعب تقييم الأثر الاقتصادي لهذه العاصفة، ومن ثمة تأثر شركات التأمين.
وتعتزم الإمارات تقييم الأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية إثر العاصفة الشديدة التي ضربت البلاد في وقت سابق من هذا الأسبوع، مما أدى إلى إغراق الطرق السريعة الحيوية وتعطيل العمليات في مطار دبي.
وأصدر رئيس البلاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الأربعاء الماضي، تعليماته للسلطات لبدء التقييم على مستوى الدولة والحد من الأضرار قدر الإمكان.
ووجه الرئيس الإماراتي الجهات المعنية بسرعة العمل على دراسة حالة البنية التحتية في مختلف مناطق الدولة، وحصر الأضرار التي سببتها الأمطار الغزيرة القياسية التي شهدتها البلاد.
كما وجه بتقديم الدعم اللازم إلى جميع الأسر المتضررة من آثار الأمطار في مختلف مناطق الدولة، وأمر بنقل الأسر المتضررة إلى مواقع آمنة بالتعاون مع الجهات المحلية.
ويعتقد خبراء شركة ألبين أن الإمارات لديها الإمكانيات للحفاظ على مكانتها وتنافسيتها ضمن أسواق التأمين الخليجية، مع توقعات بأن تُسهم أقساط للتأمين على الحياة بنسبة 73.4 في المئة تقريبا من إجمالي حجم السوق الخليجية.
وترجح وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية أن يأتي نمو إجمالي إيرادات شركات التأمين الخليجية من ارتفاع الطلب على التأمين في عام 2024، نتيجة للنمو الاقتصادي المستمر في المنطقة والزيادة في الأسعار.
5
في المئة نمو أقساط التأمين هذا العام وفق ألبين كابيتال، لكن قد تزيد بعد الكارثة
واستحوذ قطاع التأمين الإماراتي على حوالي 39.3 في المئة من إجمالي الأقساط المكتتبة الإجمالية لدول الخليج العربي الست خلال عام 2022.
وقال إمير مويكيتش محلل ائتماني في الوكالة “نتوقع أن يتراوح نمو إجمالي إيرادات شركات التأمين الخليجية بين 5 و15 في المئة في عام 2024”.
وأضاف “من المرجح أن تكون شركات التأمين السعودية هي الأسرع نموا في المنطقة، كما ستظل الظروف الاقتصادية المواتية وتعديلات أسعار التأمين على المركبات والتأمين الطبي المحركات الرئيسية للنمو”.
وسيستفيد الطلب على التأمين من الاستثمارات الجارية في مشاريع البنية التحتية والنمو السكاني والمبادرات التنظيمية، مثل توسيع نطاق التغطية التأمينية الإلزامية.
وفي الوقت نفسه، فإن تراجع تضخم مطالبات التأمين على المركبات وأنشطة التأمين على غير الحياة سيساعد شركات التأمين في الحفاظ على الهوامش.
وترصد شركات القطاع في منطقة الخليج صفقات الدمج والاستحواذ العابرة للحدود الصادرة ضمن منطقة الشرق الأوسط من لاعبين في دول الخليج، إلى جانب اهتمام من قبل لاعبين إستراتيجيين لدخول أسواق الخليج.
وتوقعت ستاندرد آند بورز أن يستمر التوجه نحو عمليات الاندماج وزيادة رأس المال في عام 2024، نتيجة لفرض لوائح أكثر صرامة والمنافسة القوية على الأقل.
وبحسب الوكالة، من المرجح أن تظل الظروف الائتمانية لشركات التأمين الخليجية المصنفة مستقرة على نطاق واسع في عام 2024، بدعم من الهوامش الرأسمالية القوية وآفاق النمو والأرباح الكافية.