خسئ الجوع.. أطفال جنوب السودان يقتاتون على ورق الشجر

7.24 مليون شخص على وشك مواجهة انعدام حاد في الأمن الغذائي بحلول يوليو المقبل.
الخميس 2021/06/03
من لم يمت بالرصاص يموت جوعا

جوبا ـ مع تفاقم انعدام الأمن الغذائي بدولة جنوب السودان بسبب الجفاف وغزو الجراد والفيضانات والصراعات فضلا عن انتشار فايروس كورونا، بات البلد يعاني من أزمة غير مسبوقة جعلت الملايين من الناس وخاصة الأطفال على شفا المجاعة.

وحذرت الأمم المتحدة في تقرير لها، من أن نحو 7.24 مليون شخص في جنوب السودان، على وشك مواجهة انعدام حاد في الأمن الغذائي بحلول يوليو المقبل.

كما خفّض برنامج الغذاء العالمي في أبريل الماضي، الحصص الغذائية المقدمة إلى جنوب السودان بنسبة 50 في المئة، ما أثر على أكثر من 700 ألف نازح ولاجئ داخل البلاد.

وقالت آين ماديت (40 عاما) من سكان مدينة أويل عاصمة ولاية شمال بحر الغزال، إن “الناس يقتاتون على أوراق الشجر والفواكه البرية، بعد أن انتهت خياراتهم وتدابيرهم لمواجهة الجوع”.

وأضافت ماديت وهي أم لـ7 أطفال، أن “مجموعة من النساء يذهبن يوميا إلى الغابة من الصباح حتى المساء، بحثا عن الفاكهة البرية وأوراق الشجر لإطعام عائلاتهم”.

وتابعت، “نذهب في مجموعات للبحث عن أوراق الأشجار والفواكه البرية، ونترك أطفالنا في المنزل دون أي شيء يأكلونه في الصباح، فهم يأكلون فقط في المساء، عندما نعود من الغابة بالنزر القليل من الطعام”.

وتوضيحا لمعاناتها، قالت ماديت، “نحن نضحي بحياتنا من أجل أطفالنا، فلا يوجد طعام كاف، ويعاني بعض الأطفال من الإسهال بعد تناول أوراق الشجر”.

وأردفت، “بسبب مرارة أوراق شجر اللالوب (الهجليج)، غالبا ما يبقى الأطفال جوعى لأنهم لا يحتملون طعمه”، مناشدةً الحكومة والوكالات الإنسانية لإنقاذ الأطفال والنساء، عن طريق تقديم الدعم الإغاثي.

وأعربت السيدة عن أملها أن تنقذهم الحكومة، قائلة، “نحن من جنوب السودان ونعاني حقا من انعدام توفر الغذاء، ولكن لدينا أمل أن تنقذنا حكومتنا من هذا الوضع المأساوي الذي نحن فيه”.

بدورها، أفادت أبوك قوت (37 عاما) وهي أم لـ5 أطفال، بأن “الوضع يزداد سوءا”، مردفةً، “نعاني حقا، فلا يوجد طعام نأكله، ونعيش فقط على الفاكهة البرية وأوراق الشجر، وإذا لا نذهب إلى الغابة للبحث عن أوراق الشجر لا يأكل أطفالنا”.

ومن بلدة “بانياغور” في ولاية جونقلي بجنوب السودان، قال دينغ مابيور (30 عاما)، إن “الفيضانات دمرت كل شيء في العام الماضي، وأصبح من الصعب للغاية الحصول على الطعام”.

وأضاف بمرارة، “الحياة صعبة حقا ولكن الشيء الجيد هو أن الناس، وخاصة الشباب، قادرون على الذهاب للصيد، فهذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على الحياة هنا، فإذا كان لديك شبكة صيد أو خطاف، يمكنك تجربة حظك الذي قد يسعفك حينا ويخيّبك أحيانا”.

وقال، “لكن كبار السن يعانون بشدة، بسبب عدم قدرتهم على الحركة.. المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة قليلة للغاية، ولا تكفي لتغطية احتياجات جميع السكان”.

من جانبه، اعترف وزير الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث، بيتر ماين ماجونجديت، بمعاناة شعب جنوب السودان، وبأزمة نقص الغذاء والجوع بمختلف المناطق، بسبب عدة عوامل، منها الفيضانات والآفات وآثار جائحة كورونا.

وأكد ماجونجديت، في تصريحات سابقة، أن “الجهود جارية لتوفير الغذاء للمتضررين، ونقوم الآن بتحضير الطعام، وسيتم توزيعه على جميع المتضررين من نقص الإمدادات الغذائية في جميع أنحاء البلاد”، لكن الوضع لا يحتمل الانتظار كما يقول السكان.

وخلال زيارته ولاية جونقلي (شرق)، في الماضي، قال الرئيس سلفاكير ميارديت، إن مكافحة الجوع هي إحدى أولوياته، “حتى لا يموت جنوب السودان من الجوع مرة أخرى”.

ووفق وكالات الإغاثة العاملة بجنوب السودان، فإن حوالي 7.2 مليون شخص بالبلاد سيحتاجون إلى مساعدات غذائية بحلول منتصف عام 2021.

ومنذ منتصف ديسمبر 2013، تشهد دولة جنوب السودان جولات من حرب أهلية، يغلب عليها طابع النزاع القبلي بين قوات الرئيس ميارديت (قبيلة الدينكا) ومسلحين موالين لريك مشار، النائب المقال للرئيس (قبيلة النوير)، ما سبب سقوط المئات من القتلى.

وقالت مسؤولة بالأمم المتحدة في وقت سابق، إن 70 في المئة من أطفال جنوب السودان لا يذهبون إلى المدارس وإن الدولة حديثة النشأة تواجه خطر خسارة جيل مما سيزيد صعوبة إعادة البناء بعد انتهاء الصراع.

وجاء تحذير هنرييتا إتش فور المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بعد زيارة بعض من أكثر المناطق التي تعرضت للتدمير بسبب الحرب.

وقالت “70 في المئة من الأطفال خارج المدارس، هذه أعلى نسبة في العالم. يوجد كثير جدا من العنف”.

وأضافت “إذا لم نقدم العون. فسوف نخسر هذا الجيل وسيكون هذا أمرا مأساويا لجنوب السودان لأنه لا يمكن لدولة أن تبني نفسها دون هذا الجيل القادم من الشبان”.

وقالت فور إنها زارت بلدات في شمال الدولة وشاهدت انتشار سوء التغذية بين الأطفال. وحذرت قائلة “نتجه إلى الموسم الجاف. قد نخسر ما يصل إلى ربع مليون طفل في جنوب السودان”.

وتشير تقديرات إلى مقتل عشرات الآلاف في الصراع الذي أدى أيضا إلى تشريد ربع السكان البالغ عددهم 12 مليونا إجمالا.

20