خرق الجيش التركي لهدنة إدلب يعمّق مأزق أردوغان في سوريا

وزارة الدفاع التركية تعلن تحييد 21 عنصرًا من قوات النظام السوري عقب توصل بوتين وأردوغان إلى اتفاق وقف إطلاق نار في إدلب.
الجمعة 2020/03/06
أزمة متفاقمة لتركيا في سوريا

أنقرة ـ رغم الانفراجة التي تحققت بين موسكو وأنقرة ليل الخميس بإعلان كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ عند منتصف الليل في إدلب، وهو ما من من شأنه أن يضع حدّا لأسابيع من أعمال العنف في المحافظة السورية، إلا أن الجيش التركي خرق الاتفاق بإعلان وزارة الدفاع التركية فجر الجمعة، عن مقتل 21 من أفراد الجيش السوري وتدمير مدفعين وقاذفتين للصواريخ، وذلك ردا على مقتل جنديين تركيين في إدلب شمال غربي البلاد.

ونقلت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء عن الوزارة قولها إن جنديين قتلا، الخميس، بينما أصيب 3 آخرون بعد أن فتحت القوات السورية النار على مدينة إدلب شمال غربي البلاد.

وبعد توقيع الاتفاق، أعرب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن أمله في أن يقود إلى وقف فوري ودائم للأعمال العدائية بما يضمن حماية المدنيين في شمال غربي البلاد.

وقال غوتيريش في بيان إنه "أخذ علما" بالاتفاق، مشيرا إلى أن سكان شمال غرب سوريا "تحملوا معاناة هائلة"، كما دعا للعودة إلى العملية السياسية في سوريا بهدف وضع حد للحرب.

ووفق نص الاتفاق بين الرئيسين ستُسيّر الدولتان دوريات مشتركة، بدءاً من 15 مارس، على مسافة واسعة في محيط طريق "ام 4" السريعة التي تشكّل محوراً استراتيجياً يمرّ بمحافظة إدلب.

ويتطلع الطرفان إلى إنشاء "ممر آمن" بمسافة ستة كيلومترات من جانبي الطريق، ما يعني ضمنياً منطقة عازلة بطول 12 كيلومترا. ويوضح النص أنّ محددات هذه المنطقة ستعرّفها أنقرة وموسكو في غضون سبعة أيام.

وأعرب الرئيس الروسي عن ثقته في أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها ستصبح الأساس لحل الوضع في إدلب.

وقال بوتين عقب مباحثاته مع أردوغان: "آمل أن تكون هذه الاتفاقات بمثابة أساس جيد لإنهاء العمليات العسكرية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، ووضع حد لمعاناة السكان المدنيين ... وتهيئة الظروف لاستمرار عملية السلام في سورية بين جميع أطراف الصراع".

وأشار بوتين إلى أن روسيا لا تتفق دائمًا مع تركيا بشأن تقييمات ما يحدث في سوريا، لكن تتمكن الأطراف من إيجاد أرضية مشتركة في اللحظات الحرجة.

وكان بوتين الذي تحدث قبل نظيره التركي، أمل في أن يشكّل نص الاتفاق "أساساً صلباً لوضع حد للمعارك في منطقة خفض التصعيد في ادلب" و"لوقف معاناة المدنيين".

وباستجابة موسكو لرغبة أردوغان في عقد لقاء قمّة مع بوتين، بدا الكرملين متفهّما لطبيعة المأزق الذي وضع الرئيس التركي نفسه فيه، وحرصت القيادة الروسية من هذا المنطلق على مساعدته في إيجاد مخرج وتهيئة الأرضية له للتراجع عن المواقف الحادّة التي ظل يعبّر عنها بنبرة بالغة العلوّ منذ اندلاع الأزمة الحالية في إدلب.

وكان التصعيد في إدلب أدى إلى توتر دبلوماسي بين موسكو، حليفة النظام السوري، وأنقرة التي تدعم فصائل معارضة في سوريا، ما أثار مخاوف من مواجهة مباشرة بين البلدين اللذين فرضا نفسيهما طرفين رئيسيين في النزاع السوري.

من جهته، أعلن أردوغان أنّ الهدف "منع تفاقم الأزمة الإنسانية في إدلب"، محذراً في الوقت نفسه من أنّ أنقرة تحتفظ "بحق الرد بكل قوتها وفي كل مكان على اي هجوم" تشنه دمشق.

تأتي هذه التطورات بعدما كاد التصعيد ينسف ما جرى التوصل إليه في سوتشي عام 2018 بهدف وقف المعارك في تلك المنطقة وإنشاء منطقة منزوعة السلاح.

كما نجم عن التصعيد تبادل اتهامات بين موسكو وأنقرة اللتين عززتا تعاونهما في السنوات الأخيرة حول الملف السوري برغم تعارض مصالحهما.

وقتل الخميس 15 مدنياً بينهم طفل بضربات جوية في إدلب، حسب المرصد. وقبل ساعات من بدء سريان وقف النار، اعلنت انقرة مقتل جنديين بنيران قوات النظام السوري في ادلب.

غير أنّ الاتفاق الذي جرى التوصل إليه الخميس يثير غموضا حول مصير نقاط المراقبة التركية الـ12 في إدلب.

والاربعاء، طالبت تركيا التي تستضيف نحو 3,6 مليون لاجئ سوري على أراضيها دعماً أوروبياً "للحلول السياسية والإنسانية التركية"، وهو ما ترى فيه أنقرة أمراً لا بدّ منه للتوصل إلى هدنة وحلّ أزمة الهجرة.

 ورفض الاتحاد الأوروبي "بشدة" ما وصفه بالمساومة التركية، وكان أردوغان أمر أخيراً بفتح حدود بلاده مع اليونان أمام اللاجئين، ما أدى إلى تدفق عشرات الآلاف باتجاه الأراضي اليونانية وأسفر عن وقوع صدامات بينهم وبين الشرطة اليونانية.