خبيرات عربيات: متاحف السيرة الذاتية تواجه تحديا للحفاظ على حيويتها

الرياض- نظّمت هيئة المتاحف السعودية مؤخرا، لقاء افتراضيا بعنوان “متاحف السيرة الذاتية: المفهوم وتحديات اقتناء المجموعة والهدف الاجتماعي”، بحضور عدد من المختصين في متاحف السيرة الذاتية، والمهتمين بالقطاع من مختلف فئات المجتمع.
واستعرض اللقاء مفهوم متاحف السيرة الذاتية وأهمية اقتناء المجموعات، والتحديات التي تواجه هذه المتاحف في تحقيق أهدافها الاجتماعية والثقافية.
وقدّم اللقاء شرحا موجزا لمفهوم متاحف السيرة الذاتية، موضحا أنها متاحف تأسست بناء على المقتنيات والأرشيفات وغيرها من المواد التي كان يملكها الأفراد الذين أثروا المجتمع ثقافيا وفنيا خلال حياتهم وحتى بعد رحيلهم.
واستضاف اللقاء كلا من مديرة متحف أم كلثوم سابقا الدكتورة نهلة مطر، ومديرة مركز “قبة جدة” التابع لهيئة المتاحف ومديرة المشروع السابقة لـ”متحف مركز طارق عبدالحكيم” في جدة هلا أبوزيد، ومديرة “متحف نيقولا سرسق” في بيروت كارينا الحلو، وأدارت الحوار مديرة “متحف البحر الأحمر” في جدة، التابع لهيئة المتاحف إيمان زيدان.
وفي مستهل اللقاء عرّفت المتحدثات بمتاحف السيرة الذاتية التي أشرفن عليها، حيث أخذت الدكتورة نهلة مطر الحضور في جولة تخيلية بمتحف كوكب الشرق، الفنانة الراحلة أم كلثوم، والذي يقع على ضفاف نهر النيل في جزيرة الروضة وتأسس في عام 2001 ليعرض سيرة أم كلثوم الذاتية، ضاما قاعة سينما تعرض فيها أفلام وثائقية عن حياتها، وقاعة بانورامية تعرض صورا متحركة تحكي قصتها، إضافة إلى قاعة تعرض مقتنياتها الشخصية، ومكتبة تحتوي على كتب ورقية.
وقد تشكلت أول لجنة للبحث واستلام مقتنيات أم كلثوم بتاريخ الثامن من مايو 1998، منذ ذلك التاريخ والعمل قائم على قدم وساق لجمع مقتنيات أم كلثوم وآثارها العامة والخاصة، وقد قطعت اللجنة في ذلك شوطا كبيرا. وحصلت من ذويها ومحبيها على مقتنيات قيمة وثمينة، تثري المتحف وتعكس، ليس ثقافة وذوق أم كلثوم فحسب، بل تطرح رؤية ثقافية فنية لقرن من الفن والثقافة. وما زالت اللجنة تواصل بحثها وجمعها للفريد الثمين من هذه المقتنيات. وتجوب أنحاء الدلتا ومصر ولا تبخل بجهد في الحصول عليها، تحت إشراف صندوق التنمية الثقافية.
من هذه المقتنيات ما هو شخصي (ملابس/ إكسسوارات/ حقائب/ أحذية/ أدوات خاصة) وفني (عود/ نوت موسيقية/ تسجيلات نادرة/ أفلام … إلخ) ووثائقي (خطابات بين الراحلة ورجالات عصرها من سياسيين وقادة وشخصيات عامة/ صور نادرة/ كتابات خطية/ أوراق مذكرات… إلخ) فضلا عن مجموعة نادرة من الأوسمة والنياشين من الحكومات العربية، ووثائق أخرى للعديد من الشخصيات الفنية التي أسهمت بشكل مؤثر وهام في حياة أم كلثوم.
من جانبها تحدثت هلا أبوزيد عن متحف مركز طارق عبدالحكيم، الذي عملت عليه وزارة الثقافة السعودية منذ عام 2019، وافتتحته هيئة المتاحف عام 2023، حيث اختيرت جدة التاريخية موقعا له، كونها مسجلّة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي حيث يركّز المتحف على سيرة طارق عبدالحكيم وعلى مساهماته في تشكيل الهوية الموسيقية والثقافية السعودية.
تعرض داخل المتحف أفلام وثائقية عن سيرة الفنان كما تعرض مجموعة من الآلات الموسيقية من أهمها كمان سامي الشوا وعود محمد القصبجي، وتفيض مسيرة طارق عبدالحكيم الاستثنائية بالإنجازات ووفرة الجوائز والأوسمة، من بين الأوسمة العديدة التي حصدها طارق كانت جائزة المجلس الدولي للموسيقى، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في 1981، وهي الأرفع شأنا.
بدورها أوضحت كارينا الحلو أن المبنى الخاص بمتحف نيقولا سرسق الواقع في منطقة الأشرفية بالعاصمة اللبنانية يعود إلى عام 1912، مشيرة إلى أن المتحف وصية نيقولا إبراهيم سرسق التي كتبها في عام 1952، حيث قرر أن يكون قصره وقفا للشعب اللبناني، ويعد المتحف أول مؤسسة تعنى بالفن التشكيلي والمعاصر في لبنان، إذ افتتح للمرة الأولى كمتحف في عام 1961، ثم جرى توسيعه في عام 1969، وأعيد افتتاحه مرة أخرى في عام 1975، ويتضمن المتحف خمس قاعات للمعارض، وسينما، وقاعة للمحاضرات.
وتطرق اللقاء إلى أهمية جمع المقتنيات والحفظ والأرشفة والتوثيق باعتبارها من الركائز الأساسية في متاحف السيرة الذاتية.
واتفقت المتحدثات على أهمية تفعيل متاحف السيرة الذاتية من خلال برامج ذات هدف اجتماعي، تعمل على جذب فئات متنوعة من المجتمع، وذلك لضمان بقاء هذه المتاحف حية، ولتقديم تجربة زائر ممتعة.
ويأتي اللقاء جزءا من سلسلة اللقاءات الشهرية التي تنظمها الهيئة بهدف تعزيز الفهم العام حول التحديات والفرص المتاحة في قطاع المتاحف، والتواصل مع الجمهور والمهتمين بهذا القطاع، وتوجيه رؤية الهيئة وقياداتها في تطوير إستراتيجيات ومشاريع مستقبلية تعزز من مكانة المتاحف والمراكز الثقافية والفنية في المملكة العربية السعودية.
