خبراء أفارقة في ندوة دولية بالرباط يسعون لتأسيس شبكة أفريقية لحفظ التراث

الرباط - أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد المهدي بنسعيد، مساء الأربعاء في الرباط، أن أفريقيا، مهد الإنسانية، تختزن تنوعا ثقافيا وتراثيا غنيا غنى تاريخها.
جاء ذلك في تصريح له على هامش الندوة الدولية التي نظمتها مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، حول موضوع "التراث الحضري في أفريقيا: بين تحديات المحافظة ورهانات التنمية".
وقال بنسعيد إنه "من أجل تثمين التراث الحضري بأفريقيا، يجب أولا تحديد خصائصه وتثمين خصوصياته عبر إبراز الهوية الحضرية للمدن الأفريقية وتعزيزها قصد جعلها رافعة للتنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية".
المشاركون دعوا إلى إحداث شبكة أفريقية للخبراء في التراث من أجل تثمينه والحفاظ عليه والعمل على أن تستفيد منه الشعوب في حاضرها ومستقبلها
وأبرز الوزير أن مدينة الرباط تشكل "نموذجا يستحق تسليط الضوء عليه عند الحديث عن المزاوجة الجيدة بين حداثة عاصمة أفريقية من أكثر المدن دينامية، وأصالة مدينة عريقة متشبثة بمسيرتها التاريخية". وأضاف أن "الرباط ليست مجرد عاصمة للمملكة المغربية، وإنما هي رمز لأفريقيا التي تشهد تطورا مستمرا".
وقال السيد بنسعيد إن انعقاد هذه الندوة يتزامن مع يوم أفريقيا، ويشكل مناسبة للاحتفاء بالقارة، وكذا القيام بعملية تفكير بخصوص التحديات التي يتعين رفعها، مضيفا أن “هذا الحدث هو أيضا مناسبة للتأمل في المسار الذي تم قطعناه منذ بوادر الوحدة الأفريقية إلى اليوم، ومساءلة أنفسنا بشكل جماعية بخصوص قدرتنا على بناء أفريقيا كما سعى لها الآباء المؤسسون".
وقال مدير مركز التراث العالمي التابع لمنظمة (يونيسكو)، لازاري إيلوندو أسومو، إن قائمة التراث العالمي لا تضم عددا كبيرا من المواقع الحضرية، لأن هذا المفهوم تم توسيعه ليشمل مفهوم المدن، بينما تعتبر القرية الصغيرة أيضا تنظيما حضريا كما هو الشأن بالنسبة إلى القصبة.
وشدد لازاري إيلوندو أسومو على ثراء التراث الحضاري للقارة الأفريقية، معتبرا مدينة الرباط خير نموذج على ذلك، وأن مشاركة خبراء من مختلف البلدان الأفريقية من أجل فهم التحديات والرهانات التي تواجه التراث الأفريقي أمر في غاية الأهمية اليوم.
وبعدما نوّه بمؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، لعقدها هذه الندوة، أوضح المسؤول الأممي أن "التراث العالمي يضم اليوم 1154 موقعا من ضمنها 320 مدينة أو جزءا من مناطق حضرية".
وأكد أن "إدراج الرباط ضمن قائمة التراث العالمي يمكّن من إرساء حوار سيشكل نموذجا لعمليات الإدراج الأخرى، وكذا إمكانية التبادل بخصوص الممارسات الجيدة بما يمكّن من إيجاد حلول لقضية التحديات المطروحة في ما يتعلق بالمحافظة على التراث الحضري".
تنظيم الندوة يندرج في إطار الاحتفال بـ"الرباط عاصمة للثقافة الأفريقية" وبمرور عشر سنوات على إدراج الرباط في قائمة التراث العالمي
ولفت بنسعيد إلى أن التغييرات التي عرفتها مدينة الرباط يمكن اعتبارها مثالا يجب أن يعمم على بقية المدن المغربية العتيقة، فـ"التراث له أهمية خاصة لكن التحدي هو طريقة التدبير الذي يتطلب إمكانيات كبرى لكن النموذج الذي انتهجته الرباط هو نموذج إيجابي، إذ أن التحديات ليست مادية فقط، بل أيضا تقنية، ولذا كان لزاما علينا مواكبة التقنيات للحفاظ على هذا التراث".
وقالت يسرى عنور المكلفة بمهمة بمؤسسة الحفاظ على التراث المغربية، "شاركت في الندوة مجموعة من الخبراء المحليين والدوليين توزعت على جلستين تناولت الأولى حالة المراكز الحضارية العتيقة والثانية تم من خلالها تقديم شهادات حول التراث الحديث، مشددة على أن هذه الندوة تدخل في سياق الورشات التراثية".
وقال الكاتب العام لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة المغربية عبداللطيف النحلي أن الوزارة لطالما جعلت من التراث الثقافي رافعة لنمو المدن والاقتصادات الترابية.
وأضاف الكاتب العام في هذا الصدد أن الوزارة بادرت بإصلاح حقيقي للمنظومة القانونية والعمرانية للتخطيط وتدبير المواقع التراثية من خلال تعميم جيل جديد من مخططات التهيئة والحماية التي تتوفر على أدوات جديدة لتدبير المواقع التراثية.
وأبرز أن "حصيلة المخطط الجديد للتهيئة والحماية الذي وضعتها الوكالات الحضرية بلغت 15 مخططا مصادقا عليه، أي 100 في المئة من النسيج التاريخي الذي يتمتع بحماية قانونية". وأضاف أن الوزارة خصصت موارد بشرية ومالية مهمة لتنفيذ برامج حماية التراث التاريخي الوطني وتأهيله وتثمينه.
ودعا المشاركون في الندوة إلى إحداث شبكة أفريقية للخبراء في التراث من أجل تثمينه والحفاظ عليه من جهة والعمل على أن تستفيد منه الشعوب في حاضرها ومستقبلها.
وشدد المتدخلون أيضا على ضرورة الحرص على المحافظة على التراث الأفريقي من خلال تقاسم الخبرات والاستراتيجيات والمعرفة، وذلك بدعم من مركز التراث العالمي التابع لليونسكو.
وتم تنظيم هذه الندوة الدولية بشراكة مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل وولاية جهة الرباط - سلا - القنيطرة، ومنظمة اليونسكو، حضوريا بفيلا الفنون بالرباط، وعبر الإنترنت.
ويندرج تنظيم هذه الندوة في إطار الاحتفال بـ"الرباط، عاصمة للثقافة الأفريقية"، وبمرور 10 سنوات على إدراج الرباط في قائمة التراث العالمي، و50 سنة على اتفاقية 1972.