خارطة طريق خليجية لتطوير صناعة الأسمدة

كشفت دول الخليج عن ملامح خارطة طريق لتطوير صناعة الأسمدة وفتح أسواق تصدير جديدة، في ظل تنامي الطلب عليها للمساهمة في تعزيز الغذاء وتنويع النشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في دول المنطقة.
مسقط - اتسع نطاق تنسيق جهود الإصلاحات الاقتصادية في دول الخليج بالمراهنة على قطاعات جديدة تسهم في تخفيف تداعيات انخفاض أسعار النفط وتنويع الموارد المالية بشكل مستدام.
وفي تحرك لتحقيق تلك الغاية، كشفت لجنة الأسمدة في الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) خلال اجتماعها في العاصمة العمانية مسقط عن ملامح خطة لتطوير صناعة الأسمدة.
وعززت دول الخليج رهانها على هذا القطاع الواعد باعتباره أحد محركات التنمية المستدامة ولكونه يدخل في الإنتاج الزراعي، أحد أبرز القطاعات غير النفطية على مستوى العالم.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى رئيس اللجنة عبدالرحمن جواهري قوله “وضعنا الخطوط العريضة لمجموعة من الخطط الاستراتيجية التي تنوي اللجنة العمل على تحقيقها خلال العام الجاري”.
وأضاف “لقد تمت مناقشة خطط العمل والترتيبات المتخذة استعدادا لمؤتمر الأسمدة السنوي المزمع عقده في سبتمبر هذا العام”.
ويعتبر الاتحاد، الذي تأسس في 2006 ويضم في عضويته أكثر من 90 في المئة من منتجي البتروكيماويات والكيماويات الخليجيين، الهيئة التمثيلية لقطاع التكرير الأبرز في المنطقة.
ويقوم هذا الكيان الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط بدور رئيسي في صياغة السياسات الدولية والإقليمية ورعاية مصالح الشركات ودعمها لتحقيق تطلعاتها.
توقع الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات أن يتضاعف الطلب على الأسمدة بحلول عام 2030 بأكثر من ضعفين
وشدد جواهري، الذي يرأس شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات البحرينية (جيبك) في الاجتماع على أهمية تعاون جميع دول العالم لضمان الأمن الغذائي باعتباره أحد أهم التحديات التي تواجه العالم وليس العالم العربي أو منطقة الخليج فقط.
وصناعة الأسمدة في دول الخليج أحد أهم عناصر قطاع الكيماويات والبتروكيماويات في دول الخليج، الذي يمثل ثلث الإنتاج الصناعي في دول المنطقة.
ويعتبر القطاع محورا أساسيا في البرامج الإصلاحية للحكومات، التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على عائدات صادرات الطاقة وتوفير فرص عمل ودعم شبكات الموردين وتولد قيمة مضافة للاقتصادات الخليجية.
وسلط جواهري الضوء على أكثر المواضيع إثارة في ساحة الصناعة وهو الاقتصاد الدائري.
وأشار إلى أهمية بناء اقتصاد صناعي مبتكر وأكثر استدامة، وهو ما تتجه له الصناعات حاليا بهدف المحافظة على الموارد والطاقات وجعل الصناعة صديقة للبيئة.
وقال إنه “رغم توافر الموارد الطبيعية والبشرية، واهتمام القيادات السياسية، إلا أن الزراعة في المنطقة الخليجية والعربية لم تستطع بعد تحقيق الإنتاج المستهدف، وتلبية الحاجات المتزايدة للغذاء”.
وأكد أن المعنيين والعاملين في القطاع يدركون بأن مفهوم الأمن الغذائي يرتكز على محاور تتعلق بجودة وسلامة الغذاء، واستقرار السلع في الأسواق.
وحققت صناعة الأسمدة في الخليج نموا هائلا على مدى العقود الماضية بفضل السياسات المتبعة من حكومات الخليج، ولكن مع ذلك هناك الكثير من التحديات.
وأسهمت دول الخليج بضخ جزء كبير من الأسمدة المطلوبة لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الغذاء، فمنذ عام 2016 أصبحت المنطقة أكبر مصدّر لليوريا مع حصة سوقية عالمية تبلغ نحو 33 في المئة.
كما تعد المنطقة الخليجية ثاني أكبر مصدر لمادة الأمونيتر الزراعية بنسبة تبلغ 14 في المئة من إجمالي حجم الصادرات، علاوة على كونها أكبر مصدر للأمونيا مع حصة سوقية عالمية تصل إلى 11 في المئة.
ويعزز الدمج والحضور الجغرافي منصات الإنتاج لعدة شركات خليجية عملاقة في الشرق الأوسط بما يتيح الوصول إلى عدد كبير من الأسواق، ويعزز الحصة السوقية ويضمن خدمة الزبائن في جميع أنحاء العالم.
وتمثل الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، التي يملك معظم أصولها عملاق النفط أرامكو، من أكبر الكيانات الخليجية العاملة في القطاع.
وكانت سابك قد أطلقت كيانا جديدا في أواخر 2018 باسم شركة سابك لاستثمارات المغذيات الزراعية تجمع فيها حصصها ومساهماتها في شركات عديدة متخصصة في إنتاج باقات متنوعة من الأسمدة.
كما عززت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) منتصف العام الماضي من رهاناتها على قطاع صناعة الأسمدة بدخولها في شراكة عالمية مع “أو.سي.آي” الهولندية العملاقة لإنتاج الأسمدة النيتروجينية.
وبموجب الاتفاقية سيتم إنشاء كيان جديد سيكون مقره الرئيسي في أبوظبي من خلال دمج أصول شركة أدنوك للأسمدة في منصة شركة أو.سي.آي للأسمدة النيتروجينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتوقع الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات أن يتضاعف الطلب على الأسمدة بحلول عام 2030 بأكثر من ضعفين نتيجة النمو الديموغرافي في العالم.
ومن المرجح أن تضيف صناعة الأسمدة الإقليمية ما يقدر بـ8.1 مليون طن إلى إجمالي الإنتاج المقدر بحوالي 38.9 مليون طن، الأمر الذي سيعزز من مكانة هذه الصناعة ولتصبح مركز إنتاج مهم للأسمدة على مستوى العالم بأكمله مستقبلا.
ومع استمرار تزايد الطلب على الغذاء في جميع أنحاء العالم، فإن الحاجة ستكون أكبر إلى إنتاج المحاصيل الغذائية، حيث تعد منطقة الخليج منطقة مهمة لزراعة الأراضي الجافة.
وتظهر البيانات الرسمية أن الأراضي الجافة تشكل ما نسبته 40 في المئة من مساحة أراضي العالم. وفي المجمل، يعتمد مليار شخص على المحاصيل المنتجة من الأراضي الجافة في غذائهم اليومي.