خارطة طريق جديدة لتعزيز مصارف لبنان "المستنزف" رأسمالها

بيروت – قرّر مصرف لبنان المركزي الاثنين وضع “خارطة طريق” لدعم هدفه لتعزيز البنوك رأسمالها بنسبة 20 في المئة، بعد أن انقضت في نهاية فبراير المهلة السابقة التي حددها المصرف لذلك.
وجاء في البيان الصادر عقب اجتماع المصرف “تمّ الاتفاق على وضع خارطة طريق مع مهل للتنفيذ سيلجأ مصرف لبنان من خلالها إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة المتعلقة بتطبيق أحكام التعميم رقم 154”.
ولم يذكر بيان المصرف المركزي ما إذا كانت البنوك قد أوفت بالمتطلبات التي جاءت في تعميم أصدره العام الماضي، لزيادة رأس المال بنسبة 20 في المئة.
والقطاع المصرفي في لبنان منكشف بشدة على واحدة من أكثر الدول مديونية في العالم، وهو في قلب أزمة مالية لم يسبق لها مثيل بدأت في أواخر 2019.
وذكرت رويترز الشهر الماضي أن أعدادا من البنوك تجد صعوبة في تحقيق النسبة المستهدفة لزيادة رأس المال.
وكان رياض سلامة حاكم المصرف المركزي حذر في تصريحات سابقة البنوك التي لن تحقق المستوى المستهدف من أنها ستضطر إلى إنهاء نشاطها، غير أن بعض المصرفيين قالوا حينها إنهم يتوقعون تمديد المهلة لأنه لا أمل يذكر في جذب استثمارات جديدة.
كما طلبت منشورات للمصرف المركزي من البنوك رفع السيولة ثلاثة في المئة مع بنوك مراسلة أجنبية، وحثت بعض المودعين على إعادة ما بين 15 و30 في المئة من الأموال المحولة إلى الخارج.
ويواجه سلامة تدقيقا ماليا جديدا يقول مصرفيون إنه يثير تساؤلات بشأن مستقبله، فقد قال المدعي العام السويسري الشهر الماضي إنه يحقق في احتمال حدوث اختلاس يمس مصرف لبنان المركزي. ونفى سلامة ارتكاب أي مخالفات، ولم يرد على طلب للتعليق على الكيفية التي قد يؤثر بها التحقيق على وضعه وعلى القطاع المصرفي عموما.
وقد باع بنك عودة وبنك بلوم، أكبر بنكين في البلاد من حيث حجم الأصول، أنشطة تابعة لهما في الخارج للمساعدة على تحسين وضعهما المالي.
وقالت إدارة بنك عودة في بيان سابق لرويترز إن “حصيلة بيع العمليات الخارجية ستتيح لنا الوفاء بالشروط التنظيمية المعنية، وفي الوقت نفسه تؤهل بنك عودة ليكون بين البنوك اللبنانية القادرة على الاستمرار برأسمال كاف ومستويات سيولة كافية”.
ولم يرد بنك بلوم بشكل فوري على طلب من رويترز للتعليق على ما حققه من تقدم في زيادة رأس المال ومستويات السيولة. وكان البنك قال الشهر الماضي إن بيع وحدته العاملة في مصر سيسمح له بالالتزام بالهدف الذي رسمه المصرف المركزي.
وعلى مدى سنوات ظلت بنوك لبنان بين أكبر بنوك العالم ربحية، مستعينة بتحويل أموال اللبنانيين المنتشرين في المهجر لدعم الحكومة مقابل عائدات مرتفعة، غير أن الانكشاف على الدين العام كان في نهاية الأمر سبب الأزمة التي حلت بالبنوك، إذ جف نبع التحويلات المالية من الخارج وتفجرت الاحتجاجات المناهضة للفساد، ما حرم النظام المالي من مصادر التمويل.
وخلال العامين الأخيرين فقدت البنوك التجارية ودائع قيمتها نحو 49 تريليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل حوالي 22 في المئة من أصولها الإجمالية الحالية، ومن المرجح أن يكون كبار المودعين في صدارة المتضررين من أي حل للأزمة المصرفية.
ولأن السندات الحكومية تمثل أغلب أصول البنوك، فقد أصبحت هذه البنوك أكبر ضحية لعجز الحكومة عن الوفاء بسندات دولية مستحقة بقيمة 1.2 مليار دولار في مارس الماضي.
ويتمثل جانب كبير من باقي أصول البنوك في العقارات التي انخفضت تقييماتها وسط الركود الاقتصادي.
وطلب المصرف المركزي من البنوك في أغسطس تجنيب مخصصات لخسائر تعادل 1.89 في المئة عن ودائعها بالعملة الصعبة لدى المصرف المركزي، وخسائر تبلغ 45 في المئة عما بحوزتها من سندات الدين الحكومي، وهي مستويات قال بعض الاقتصاديين إنها تستهين بحجم المشكلة.
وقد انخفضت الليرة اللبنانية بنسبة 80 في المئة منذ أواخر عام 2019، وقدرت مؤسسة موديز للتصنيفات الائتمانية أن نسبة الخسائر عن محافظ السندات الدولية تتجاوز 65 في المئة.