خارطة أفريقيا الكروية تغيّرت.. ماذا عن العرب!

أفريقيا تحولت كثيرا ويجب أن يواكب هذه التحولات تغيير في مسارات العديد من القطاعات أولها الرياضة.
الأحد 2022/01/23
مسارات اللعبة الشعبية كما يحددها النجوم السابقون

حين كنا صغارا وإلى زمن ليس ببعيد ظللنا على الدوام مولعين بنجوم الرياضة الشعبية. يجرفنا تيّارهم لنستمتع بهم لعبا ومشاهدة. كان الواحد منا يجد مبتغاه في إلصاق صورهم على كراساته المخصصة لحصة الرياضة عندما يكون الطقس ممطرا أو متى تعذر القيام بهذا النشاط المدرسي. كرة القدم ليست فقط بنجومها الذين سطعوا في سماء العالمية على غرار نجوم هولندا رود غيليت وماركو فان باسطن، مرورا بإيطاليا بمشاهيرها الكبار من أمثال روبرتو باجيو، فرانشيسكو توتي وباولو مالديني وأندريا بيرلو والقائمة تطول وليس أخيرا ألمانيا التي أنجبت من النجوم ما لا تستطيع الذاكرة الكروية أن تغفل عنهم أمثال الحارس الأسطورة أوليفر كان وميرلوسوف كلوزه وماتياس زامر ومايكل بالاك وغيرهم الكثيرون.

أفريقيا أيضا كان لها نصيب من هذه الفئة اليافعة التي كانت تغني المستمتعين بالفرجة متى حل حدث قاري أو عالمي خصوصا. شاهد الكثيرون الرقصة الشهيرة للأسطورة روجي ميلا وتغنى آخرون بلمسات جورج وياه وليس آخرهم صامويل إيتو الذي صال في جل الملاعب الأوروبية وترك الأثر الطيّب في نفوس الجماهير العاشقة للمساته في برشلونة الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي وغيرهما من الأندية التي لعب لها في تجربته الاحترافية.

كرة القدم رهان يجب أن تخوضه البلدان العربية بتركيز أكبر على توفير البنى التحتية. وحده المغرب من يسير في هذا الاتجاه والنتيجة مرئية بما يحققه منتخب الأسود

نبقى في القارة السمراء وما أحوجنا لسرد ملامح هذه الفئة العتيدة من اللاعبين الذين غازلوا الجميع بلمساتهم ونشطوا بأبهى صورة. الأفارقة الناشطون في أوروبا كانوا يمثلون الاستثناء قياسا بالإضافة التي كانوا يقدمونها للأندية الأوروبية المنافسة على الألقاب الكبرى مثل دوري الأبطال والدوري الأوروبي وكأس العالم للأندية. لكن زخمهم تراجع في السنوات الأخيرة ليسطع نجم عرب القارة السمراء في سماء إنجلترا وإسبانيا وفرنسا وغيرها من الدوريات الكبرى.

نشاط هذه الدوريات يتركز أساسا حول العرب الناشطين هناك وبدرجة أقل حول اللاعبين الأفارقة. دوري إنجلترا على سبيل المثال لا الحصر يضم أبرز النجوم في صفوفه وظل في السنوات الأخيرة محور تنافس بين أبرز لاعبين هما نجم مانشستر سيتي الجزائري رياض محرز ولاعب ليفربول المصري محمد صلاح اللذين خطفا الأضواء من باقي اللاعبين في القارة الأفريقية، طبعا دون أن ننسى السنغالي ساديو ماني الذي يمثل قوة هجومية ضاربة رفقة صلاح.

عدنا لتغيير مشهد الكرة الأفريقية
عدنا لتغيير مشهد الكرة الأفريقية 

إسبانيا أيضا لها نصيب الأسد من لاعبي المنتخب المغربي موزعين بين أندية إشبيلية وبرشلونة وفالنسيا، حتى أن المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش يجد صعوبة كبيرة مع أي استحقاق تتحدد بموجبه الوجوه الممثلة لمنتخب الأسود.

اليوم الخارطة الكروية لأفريقيا تغيّرت. نعم تغيّرت. لكنها تغيرت لفائدة تلك المنتخبات التي كانت إلى الأمس القريب غائبة عن الصورة التي رسمها المشاهد الأفريقي أو الغربي للعبة الشعبية. منتخبات مثل غينيا الاستوائية والغابون والنيجر وبوركينا فاسو وإثيوبيا اشتد عودها اليوم وباتت تراهن بجدية على بلوغ أدوار متقدمة ولمَ لا الفوز بلقب البطولة. لا بل إن الصدمة تبقى ماثلة في عقول الكثيرين بانتكاسة قوية تعرض لها المنتخب الجزائري خلال حملة الدفاع عن لقبه، أين اكتفى بنقطة يتيمة من ثلاث مباريات تذيل بها ترتيب المجموعة الخامسة.

التحول الحاصل في المنتخبات الأفريقية يعكس تخطيطا محكما وعملا قاعديا تقوم به هذه البلدان تماشيا مع التحولات الاقتصادية الحاصلة فيها

يعكس التحول الحاصل في هذه المنتخبات تخطيطا محكما وعملا قاعديا تقوم به هذه البلدان تماشيا مع التحولات الاقتصادية الحاصلة فيها. أفريقيا تحولت كثيرا ويجب أن يواكب هذه التحولات تغيير في مسارات العديد من القطاعات أولها الرياضة، كونها مستقطبة للعديد من المشاريع الاستثمارية في هذه البلدان. في الجانب الآخر متى يفكر العرب في أن الرياضة هي انعكاس لمستوى التطور الاقتصادي الذي بلغته هذه الدولة أو تلك..

كرة القدم رهان صعب يجب أن تخوضه البلدان العربية بتركيز أكبر على توفير البنى التحتية والاستثمار الموجه للنهوض بهذا القطاع الحيوي. وحده المغرب من يسير في هذا الاتجاه والنتيجة مرئية سواء على مستوى الرصيد البشري المتوفر لمنتخب الأسود أو على مستوى النتائج التي يحققها هذا المنتخب في السنوات الأخيرة.

19