حين يكون الوجه قناعا

قرأت عن ممثلة صارت بسبب عمليات التجميل شبيهة بممثلة أخرى. سيكون هنالك خلط بين شخصيتين. شخصية وهبت من غير أن تدري وجهها قناعا لشخصية أخرى.
السبت 2021/12/04
شعور الشخص بجماله ينبعث من الصلح الداخلي

سيكون صادما لو أن المرء استيقظ من النوم ونظر في المرآة فرأى وجها غير وجهه. ذلك الوجه الذي تعرف على نفسه من خلاله وكان بمثابة بطاقة تعريف تقدمه إلى الآخرين الذين ستظل ذاكرتهم تحتفظ به باعتباره عنوانا بصريا لشخص سبق التعرف عليه.

أنا أقيم في ذاكرة الناس الذين التقيتهم في أزمنة وأمكنة مختلفة من خلال وجهي.

سينساني الكثيرون وهو أمر طبيعي غير أن هناك أقلية لديها من الأسباب الغامضة التي تدفعها إلى الاحتفاظ بصورتي كما لو أنها وثيقة تاريخية.

لن تسقط تلك الصورة إلا إذا تعرض المرء لانهيارات صحية عظمى أو حدثت خلخلة عظمى في حياته كما حدث مع الرئيس العراقي صدام حسين. كانت صورته الأخيرة لا تمثله بالتأكيد.

قرأت عن ممثلة صارت بسبب عمليات التجميل شبيهة بممثلة أخرى. سيكون هنالك خلط بين شخصيتين. شخصية وهبت من غير أن تدري وجهها قناعا لشخصية أخرى.

ولكن كيف يمكن التفريق بين الشخصيتين؟ إنهما أشبه بالتوأم الاصطناعي. سيكون على الممثلة الأصلية حين ترى وجهها كل صباح في المرآة أن تتأكد من أن وجهها لم يتغير أما الممثلة الشبيهة فإنها ستتأكد كل صباح من أنها لا تزال الأخرى التي تشبهها.

ليس من الصعب توقع أن تلتقي الممثلتان في مقهى ما. سيكون على النادل أن يقف حائرا بين الأصل والصورة. تلك المرأة والمرأة التي تشبهها. ولكن مَن يصدق مَن؟

ولأن الجمهور لديه قدرة خارقة على النسيان فإن عليه أن يصدق. سينسى الكثيرون المسافة التي تفصل بين الأصل والصورة أو النسخة. لربما اعتبر البعض الصورة هي الأصل فيما يتم إهمال الأصل.

ذلك ما تأمل الكثيرات وقوعه بل إنهن على ثقة من أن كل شيء يغدو طبيعيا بعد مرور الزمن. ولكن ما الحاجة إلى اعتراف الآخرين إذا كان إقدامنا على تغيير وجوهنا بتأثير عمليات التجميل هو انعكاس لحاجتنا؟

لو عدنا إلى تلك الممثلة التي تخلت عن وجهها لترتدي وجه ممثلة أخرى قناعا لعرفنا أن أهم سبب دعاها إلى فعل ما فعلته يكمن في إعجاب الآخرين بالممثلة الأخرى فرغبت في أن تحظى بشيء منه أو تستولي عليه كله. هناك شيء من التلصص في أن تستعير امرأة شكل أنف امرأة أخرى. ولكن ألا يبدو الأنف الجديد كما لو أنه شيء ملصق من الخارج؟

يحدث ذلك التنافر أحيانا فيقول الأنف ما يسعى الوجه إلى إخفائه. ولكن ما تنساه الكثيرات أن شعور الشخص بجماله إنما ينبعث من الصلح الداخلي الذي يعمر نفسه.

من غير ذلك الصلح يبقى المرء غريبا عن نفسه حتى لو استعار أجمل الوجوه.

20