حين تكرس الوكالة القضائية للمملكة منهج التنمية في المغرب

تطوير أداء الوكالة وخفض كلفة منازعات الدولة إلى حدودها الدنيا يستندان إلى رؤية جديدة قوامها مقاربة تعزز الثقة وتحمي المال العام.
الثلاثاء 2024/07/23
حوكمة الموارد داعم مهم للتوازنات

أضحى الإصلاح الشامل للإدارة العمومية هو التحدي الرئيس الذي تواجهه المملكة المغربية في سعيها لتحقيق التنمية الشاملة. الخطاب الملكي السامي الذي وجهه العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى أعضاء البرلمان في التاسع من أكتوبر عام 2020، أكد على ضرورة اعتماد مبادئ الحوكمة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان نجاح أيّ خطة أو مشروع. وقد شدد الخطاب على أن مؤسسات الدولة والشركات العمومية يجب أن تكون نموذجا في هذا المجال، وأن تكون محركا للتنمية وليس عائقا لها.

إن تحسين جودة أداء المرافق العمومية يتطلب انفتاح الإدارة على محيطها واستجابتها لانتظارات المواطنين والمستثمرين، مع ضرورة ملاءمة برامجها مع متطلبات التنمية وتجويد الخدمة العمومية. وفي هذا السياق، تعد الوكالة القضائية للمملكة نموذجا في هذا الاتجاه، حيث أعدت مخططا إستراتيجيا للفترة الممتدة من 2024 إلى 2028 يهدف إلى مواكبة الإدارات العمومية وتدبير المنازعات والوقاية منها.

المخطط الإستراتيجي الجديد للوكالة القضائية يقوم على خمسة محاور رئيسية، تهدف جميعها إلى تحقيق مقاربة استباقية في تدبير المنازعات ودعم القدرات القانونية للإدارات العمومية. من بين هذه المحاور، يأتي محور التنسيق والتواصل مع الشركاء ومواكبتهم في تدبير المنازعات، بما يسهم في توجيه القرار الإداري نحو الحوكمة الجيدة وتجنب الآثار السلبية للمنازعات.

وقد تم في إطار تنزيل هذا المخطط الإستراتيجي، تنظيم لقاء تواصلي يوم 27 يونيو 2024 بمقر وزارة الاقتصاد والمالية، حيث تم تقديم خدمتين جديدتين تهدفان إلى تمكين الإدارات العمومية من الاستفادة من المشورة المقدمة من الوكالة القضائية. الخدمتان الجديدتان هما منصة “مواكبة” ومركز النداء، حيث يتيحان للإدارات العمومية الاستفادة من الدعم والمشورة في مراحل اتخاذ القرار أو التعاقد، بما يهدف إلى الوقاية من المنازعات وتقليل كلفتها المالية.

الوكالة القضائية تلعب دورا حيويا في تكريس المشروعية وتحسين مناخ الاستثمار وترشيد النفقات وحماية المال العام

إن المخطط الإستراتيجي للوكالة القضائية يعتمد على توجيهات السياسات العمومية وخاصة برنامج عمل وزارة الاقتصاد والمالية، ويستند إلى توصيات التقارير الرسمية مثل تقرير المجلس الأعلى للحسابات. كما أنه يستفيد من نتائج التشخيص الداخلي واللقاءات مع مسؤولي الإدارات العمومية والمحاكم.

تسعى الوكالة القضائية من خلال هذا المخطط إلى تحويل نفسها إلى مركز للخبرة ومؤسسة قادرة على مواكبة الإدارات العمومية وتقديم الدعم والنصح في الوقت المناسب. لتحقيق ذلك، يجب مراجعة أساليب ومناهج العمل وتدبير الموارد البشرية بشكل أمثل، وملاءمة الإطار القانوني والنظام المعلوماتي والتنظيم الهيكلي مع الرؤية الجديدة لتدبير المنازعات والوقاية منها.

تلعب الوكالة القضائية دورا حيويا في تكريس المشروعية وتحسين مناخ الاستثمار وترشيد النفقات وحماية المال العام. وبهذا، فإن تطوير أدائها وتخفيض كلفة منازعات الدولة إلى حدودها الدنيا يستندان إلى رؤية جديدة قوامها المقاربة الاستباقية والوقاية من المنازعات. هذه الرؤية سيتم تنزيلها عبر خمسة محاور إستراتيجية تتضمن 26 برنامجا و73 إجراء تنفيذيا، بعضها له طابع استعجالي تم الشروع في تنفيذه، وبعضها الآخر مبرمج على المدى المتوسط، بينما يبقى شق من هذه البرامج ممتدا في الزمن.

الهدف النهائي هو جعل الوكالة القضائية للمملكة مؤسسة ذات قدرة تنافسية تدعم ثقة الإدارة العمومية بأدائها وتحافظ على حقوق الدولة والمال العام في إطار تدبير استباقي ومعقلن للكلفة والزمن والموارد المتاحة. بهذا، يمكن أن تكون الوكالة نموذجا يحتذى به في تحسين جودة الخدمات العمومية وتعزيز التنمية الشاملة في المغرب.

وبالتالي؛ إن راهنية نجاح هذه الرؤية يتطلب التزاما جماعيا من كافة الأطراف المعنية، بدءا من الإدارة العمومية، وصولا إلى المواطنين والمستثمرين، لتحقيق التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على الجميع.

11